أصوات تستغيث وقلوب تئن

يوليو 18, 2024 - 10:04
أصوات تستغيث وقلوب تئن

بهاء رحال

في صيف تموز الحار، والقنابل بالأطنان تسقط على خيام النازحين الذين حطوا بأرض المكان، أملاً في النجاة من ويلات القصف والموت، ووسط واقع معقد بكل صوره، ومخيف بدقاته وأوقاته وحصاره، تراوح أقدار الناس من دون مستقر، ومصائرهم متروكة للحظات القصف، والرصاص يدوي في كل اتجاه، ومن بين ثنايا الألم تخرج صيحات النساء الثكالى، وعويل الأمهات والشيوخ الداعية إلى وقف هذه المقتلة المستمرة، في ظل سقوط مدوٍّ لكل المواثيق الدولية، ولكل هيئات الأمم التي أصابها الخرس منذ بدأت الحرب على غزة.


في كل يوم مجزرة جديدة، أو أكثر. جُلّ ضحاياها من النساء والأطفال، وفي كل يوم قصف جديد، وخراب يزيد ثقل الخراب والدمار الذي حلَّ بالقطاع، وجعله فاقدًا لأهلية العيش بعد عمليات التدمير الممنهج لكل أشكال الحياة. ووسط هذا كله نسمع صرخات الناس تستغيث وتنادي العالم بسرعة التدخل لوقف هذه المقتلة المستمرة، والتي يريدها نتنياهو وحكومته المتطرفة أن تستمر على هذا النحو من الفاشية، رغبة في استمرار القتل والتدمير، ومع كل يوم تزداد معاناة الناس في كل ناحية، وهم ينزحون من منطقة إلى أُخرى، بحثًا عن الأمان المفقود في غزة. تقول تلك السيدة التي حملت أبناءها ومشت طريقًا طويلة تحت شمس تموز الحارقة، وسط الجوع والعطش الشديد، وعندما وصلت خيام النازحين في منطقة مواصي خانيونس، قررت أن تستكين قليلًا في خيمة اتخذتها ملجأً لها ولأطفالها الصغار، فجاءت الطائرات ونفذت غاراتها ومات الأطفال، وخرجت صيحاتها تشكو لرب السماء حالها وحال البقية التي تتعرض للموت والقتل المنظم كل حين.


الطائرات تواصل غاراتها كل لحظة وتواصل عمليات الهدم والخراب، بأطنان من المتفجرات التي تسقط على أرض القطاع، والمجازر لا تتوقف، وقد باتت غزة فاقدةً لكل عوامل البقاء، فهي منذ بدأت المقتلة بلا مستشفيات ولا مدراس، وبلا بنى تحتية وفوقية، بلا شوارع وبيوت وطرقات، وبلا طعام وغذاء، وسط حصار شديد وحرب مُستعِرة لا تهدأ! وعلى هذا النحو يحاول الناس تمالك أنفسهم بأقصى ما استطاعوا من الصبر، وبما امتكلوا من مقومات البقاء، منتظرين توقف هذه الحرب، وتوقف عمليات القتل والقصف والخراب.


المشاهد التي نراها والمعاناة التي يعيشها الناس، جعلت كلماتنا تتعطل، فحجم المأساة كبير، وحجم الألم غير مسبوق، والصور وإن كانت لا نرى من خلالها كل المعاناة، إلا أنها كافية لنمتلئ كلنا بالحزن والصمت، وفي الصمت بكاء وصلوات ورجاء ودعاء لوقف هذه المقتلة المستمرة من دون رحمة، والعالم يواصل صمته أمام كل ما يجري ويحدث.


استمرار المقتلة هذا ما يريده نتنياهو وحكومته المتطرفة، فلا ينفك عن التلويح والتصريح كل يوم حول نواياه المعلنة بمواصلة الحرب من دون توقف، وهو يدير محادثات الصفقة تحت ضغط الحرب وويلات القصف والتدمير الممنهج، وأمام هذا فلا مفر أمام الناس في غزة إلا الصبر في انتظار لحظة صحو الضمير الإنساني العالمي، وخروج الدول عن صمتها ودعمها للكيان المحتل، وأن تتحرك القوى الكبرى في العالم لفرض وقف للحرب والعدوان، ومن دون ذلك فإن حكومة نتنياهو ستواصل حرب الإبادة، وهي تلوح بالمزيد من المذابح والمجازر وتهدد باتساع رقعة الخراب والدمار.

..........
في كل يوم مجزرة جديدة، أو أكثر. جُلّ ضحاياها من النساء والأطفال، وفي كل يوم قصف جديد، وخراب يزيد ثقل الخراب والدمار الذي حلَّ بالقطاع، وجعله فاقداً لأهلية العيش بعد عمليات التدمير الممنهج لكل أشكال الحياة.