خطط الضم والقضم وكسر العظم

يوليو 4, 2024 - 16:13
خطط الضم والقضم وكسر العظم

بهاء رحال

بينما تواصل حكومة الحرب والإجرام عمليات الإبادة الجماعية في غزة باحترافية مكتملة أركان الإجرام، تعلن عن مخططات قضم وضم وتهويد في الضفة الفلسطينية التي تتعرض لموجات من القتل المنظم في شتى المدن والقرى والمخيمات، وسياسات والقضم والضم وقرارات المصادرة والتهويد وبناء المستوطنات، وفق رؤية عنصرية الهدف منها تقويض حياة الفلسطيني، والتضييق عليه في شتى نواحي الحياة، ضمن مخطط الطمس والإبادة.


ما أعلنت عنه حكومة الاحتلال قبل أيام، وما صرحت به عن مخططات تستهدف مناطق كانت تتبع مدنيًا وإداريًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، في إطار اتفاق أوسلو تحت ما بات يعرف بأراضي منطقة “C”، هو عدوان جديد وصارخ على مكتسباتنا الوطنية بضمان القانون الدولي، والدول الراعية للاتفاقيات التي تنكر ويتنكر لها هذا الاحتلال وهذه الحكومة المصابة بالجنون الأعمى، وهذا يضع العالم أمام المحك، الأمر يستدعي من الدول الراعية والضامنة للاتفاقات وفي مقدمتها أمريكا، سرعة اتخاذ موقف حازم وأن لا يبقى المجتمع الدولي على هذه الصورة القاصرة والمشوهة والتي جعلت من العالم يلعب دور المنحاز وفي بعض الأوقات الشريك في القتل، عبر عمليات الدعم المالي والعسكري للاحتلال.


الموقف الدولي وعلى رأسه أمريكا شديد الانحياز، يعبر في كل حادثة عن دعمه علانية أو في السرّ ومن وراء الكواليس للاحتلال الذي يتخذ من تلك المواقف غطاءً لمواصلة حربه وعربدته ضد الشعب الفلسطيني، والأرض الفلسطينية، وما خرجت به حكومة التطرف من قرارات أخيرة يؤكد رغبتها في إنهاء أي دور للسلطة، وإحلال أدوار لما يسمى بالإدارة المدنية، وهذه تجربة قديمة جديدة للاحتلال، فاشلة منذ سنوات الاحتلال الأولى، ولم تنجح كلما ظهرت وحاول الاحتلال الترويج لها، بل فشلت فشلًا كبيرًا لأن إرادة الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تخضع لأي سلطة تتبع الاحتلال.


جميع القرارات المتطرفة تعبر عن الوجه الحقيقي لهذا الكيان، وهي تعبير صريح عن رغبته الدامية في الاستمرار بحرب الإبادة، وعدم اعترافه بالقرارات الدولية، وأمام هذا فإن من العدم الرهان على مواقف الإدارة الأمريكية وغيرها، لأن الأشهر الماضية كشفت زيف وكذب التصريحات الملونة التي تسوقها إدارة البيت الأبيض الأمريكي وبعض الدول الأخرى، وهذا يستدعي موقفًا فلسطينيًا موحدًا، يقوم على أساس الحقوق الفلسطينية كاملة في الأرض والسيادة بناءً على قرارات مجلس الأمن.


إن التمثيل الحقيقي للشعب الفلسطيني عنوانه منظمة التحرير الفلسطينية، وإن الدور المناط بالسلطة الوطنية الفلسطينية هو مهمة أوكلتها المنظمة للسلطة على طريق إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، فإن استحال دور السلطة فإن التمثيل الفلسطيني باقٍ وهو غير مرهون بقرارات نتنياهو وحكومته، وإن كان العالم سيصمت أكثر أمام عمليات السيطرة بالقوة على الصلاحيات والاستقواء على المكتسبات الوطنية، من خلال عمليات الضم والقرصنة والسرقة، وسياسات العربدة، وأمام ذلك كله فإن رهان الاحتلال خاطئ وهو تعبير عن حالة فشل داخلي، واختلال أخلاقي وعقلي، وجنون أحمق، لأن فلسطين باقية وشعبها باقٍ، ولن تنال منه قرارات الحمقى، ولا هذه الحكومة المتخبطة أو غيرها، وأن ما نشهده من سياسات لن تحقق مكاسب للاحتلال، بل هي إمعان في وصم صورة الكيان الدموية ببشاعة إبادتها المستمرة، وهذه الصورة رأتها وحفظتها الشعوب في كل العالم، وستبقى عالقة في ذاكرة الأجيال والأيام.


الاعتقاد الخاطئ القائم على أنه بالإمكان تمرير مثل تلك المخططات العدوانية الهادفة إلى كسر الشعب الفلسطيني وشطبه، أحد الأسباب التي تدفع الجماعات الأكثر تطرفًا والتي تحكم وتتربع على عرش حكومة الاحتلال، تلك الجماعات البلهاء التي لم تقرأ التاريخ وتظن أنه يمكن فعل ما تضعه من خطط، وأن الأمر مجرد بضعة قوانين تصدرها، وهذا عُته وغباء يفسر شكل الحكومة التي ستجر هذا الكيان إلى نهاياته السريعة.