إِقليم شين جيانغ الصيني وأقدم وأجمل مساجد بكين ... ١٢ مليون مسلم وطقوس دينية بديعة في صلاة الجمعة

إِقليم شين جيانغ الصيني وأقدم وأجمل مساجد بكين ... ١٢ مليون مسلم وطقوس دينية بديعة في صلاة الجمعة

نوفمبر 23, 2023 - 11:43
إِقليم شين جيانغ الصيني وأقدم وأجمل مساجد بكين ... ١٢ مليون مسلم وطقوس دينية بديعة في صلاة الجمعة
إِقليم شين جيانغ الصيني وأقدم وأجمل مساجد بكين ... ١٢ مليون مسلم وطقوس دينية بديعة في صلاة الجمعة

صرح المستشار في وزارة الخارجية الصينية جييان شين أن المسلمين في الصين، وخصوصا في مقاطعة شين جيانغ ذات الغالبية من الإيغور، يعيشون دون التعرض لأي تمييز عن باقي المواطنين الصينيين كما تدعي العديد من وسائل الإعلام الغربية.


وقال شين خلال لقاء في مبنى وزارة الخارجية الصينية في بكين، خلال جلسة نقاش مع 20 مشاركاً من 14 دولة عربية، يمثلون وسائل إعلام مختلفة، وموظفين رسميين من وزارات الأوقاف، إن هذه المقاطعة تشكل تقريباً ثلث مساحة الصين وتصل إلى 1,66 مليون كيلومتر مربع، وتبعد عن العاصمة الصينية بكين نحو 1400 كيلو متر، وفيها اليوم 24 مطاراً إضافة إلى 7 مطارات قيد الإنشاء، ويعيش فيها 56 قومية مختلفة، الرئيسية منها 13 قومية، ويشكل الإيغور 45 بالمئة من سكان المقاطعة وهم يديرونها ويتبوؤون المناصب الرئيسة فيها.


وبين شين أن عدد سكان المقاطعة زاد كثيرا في العقود الأربعة الأخيرة بعد أن تم استثناء المسلمين من قرار تحديد النسل، فباتت الأسرة قادرة على إنجاب طفلين على خلاف القرار المطبق على باقي مقاطعات الصين الأخرى ولا يعطي الأسر إلا حق إنجاب طفل واحد.


وبين شين أن الإسلام وصل إلى إقليم شين جيانغ قبل 1100 سنة، ويوجد فيها حالياً 24 ألف مسجد يؤمها 12 مليون مسلم، متمنيا على المشاركين في الجلسة نقل صورة عما سيشاهدونه بأم أعينهم خلال زيارتهم لمدينتي اورومتشي وكاشغر ولقاءاتهم مع المجتمعات المحلية والتعرف على الحياة السياسية والاجتماعية هناك.


وفي إطار اللقاءات الرسمية التي تنظمها الخارجية الصينية، زار الإعلاميون وموظفو الأوقاف مسجد "نيوجياه" في قلب العاصمة بكين الذي يعود تاريخ بنائه إلى نحو ألف سنة، وهو واحد من المساجد السبعين المبنية في بكين حيث يعيش في أحد أحيائها نحو 200 ألف مسلم.


إمام المسجد الذي استقبل الوفد، قال عن زمن بناء المسجد وفق المدونات التاريخية، ان أحد العرب، ويدعى الشيخ قوام الدين، قد جاء من بلده الى الصين، وكان معه ثلاثة أولاد: ابنه البكر صدر الدين، وابنه الثاني ناصر الدين، وابنه الثالث سعد الدين، وكلهم أذكياء وأكفاء فوق العادة. وكان من طبيعتهم ان عاشوا عيشة الاعتكاف، صدر الدين تفرغ لنشر الإسلام، وقام سعد الدين ببناء مسجد في دونغقوه (الناحية الشرقية من بكين)، كما قام ناصر الدين ببناء مسجد في ضاحية بكين الجنوبية (أي ناحية نيوجيه اليوم) بموافقة من الإمبراطور.


وأضاف امام المسجد قو:" المسجد كان صغير الحجم في بادئ الأمر، ثم اصبح على الصورة التي نراها اليوم بعد توسيع بنائه مرارا في عهد أسرتي مينغ وتشينغ (1368-1911م). حتى اصبحت مساحة المسجد كبيرة. ومع ان مبانيه لا تختلف عن القصور الكلاسيكية الصينية شكلا وتوزعا، إلا أنها مميزة بالزخارف الإسلامية الطراز. أما قاعة الصلاة في المسجد فتواجه الشرق، وهي تشكل مع القاعة المقابلة لها وجناحي المسجد الجنوبي والشمالي دارا مربعة مثالية (أي دار تحيط بها المباني من الجهات الأربع وتتوسطها ساحة رحبة، وتتكون قاعة الصلاة من ثلاثة مبان متراصة طولا، وتستغرق خمس فسح عرضا. وهي تغطي مساحة قدرها أكثر من ستمائة متر مربع، وتتسع لقرابة ألف مصل في آن واحد. ولو ألقيت نظرة على القاعة من الخارج، لوجدتها مبنى كلاسيكيا صينيا نموذجيا بما تتميز به من الأفاريز المرفوعة والتركيبات الخشبية الزاهية الألوان، غير ان زخارفها الداخلية إسلامية الطراز تماما. وهي تثير في النفوس شعورا بالمهابة الإجلال. ومحراب قاعة الصلاة مسقوف بمقصورة مسدسة الأضلاع مخروطية الشكل .. مميزة بالسقف الدائري الملون من عهد أسرة سونغ (960-1279م)، وعلى جدرانها الجنوبية والشمالية نوافذ مكونة بالكتابات العربية. وفي قاعة الصلاة ثماني عشرة دعامة وواحد وعشرون عقدا. وتظهر على عتبات العقود العليا نقوش من الآيات القرآنية والتسابيح الإلهية والمدائح النبوية القوية الخطوط .. وعلى جنبات الدعامات القرمزية اللون نقوش لزهور النيلوفر المموهة بالذهب، مما يشكل مع الثريات المعلقة في القاعة منظرا فريدا من نوعه.


وأشار الى انه في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد مرقدين للشيخ احمد البرتاني المتوفى سنة 1280م، والشيخ عماد الدين المتوفى سنة 1283م، وهما من علماء الإسلام العرب الذين جاءوا الى الصين لنشر الإسلام. وتنتصب بجوار هذين الضريحين شاهدتان منقوشتان بكتابات عربية واضحة الخطوط حتى يومنا هذا. وهما في نظر المسلمين المحليين من روائع الآثار الإسلامية.


ومن ضمن محفوظات المسجد لوح منقوش عليه أمر، أعلنه الإمبراطور كانغشي سنة 1694م بخصوص المسلمين. اذ قيل انه لما وجد الحاقدين على الإسلام المسجد مضاء بالأنوار المتألقة في ليالي رمضان، وشي بالمسلمين الى الإمبراطور بدافع التقرب اليه، وزعم قائلا: "ان المسلمين يجتمعون ليلا، ويتفرقون نهارا، فيبدو أنهم يستعدون للتمرد". فتوجه الإمبراطور، وهو في بزة مدنية- الى المسجد خفية للتحقق من الأمر.


ولكن تبين له ان كل ما ورد في وعظ الإمام هو من التعاليم الإسلامية الداعية الى الخير والناهية عن الشر، فما لبث ان أصدر أمرا جاء فيه: "ليكن في علم جميع المقاطعات انه: اذا افترى أحد الموظفين أو الرعايا على المسلمين بالتمرد، متذرعا بذريعة تافهة، فلا بد من معاقبته معاقبة شديدة قبل استشارة القيادة العليا. وليتمسك المسلمون بالإسلام دون السماح لهم بمخالفة أمري هذا ..".


وأوضح الامام انه بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية سنة 1949 خصصت الحكومة مبلغا لترميم مسجد نيوجيه ترميما شاملا، ولكنه عاني من التخريبات الخطيرة في هوس "الثورة الثقافية"، كما أغلقت أبوابه أكثر من عشر سنوات. وفي سنة 1979 أعيد ترميمه على نطاق واسع. وعبر أكثر من سنة من الإصلاحات الدقيقة تجددت ملامح هذا المسجد العريق كما كانت عليه سابقا.


ولفت الامام الى أن ثمة طقوس بديعة في صلاة الجمعة بمسجد نيوجيه في بكين بالصين، لا يمكن أن تشاهدها في بلد آخر، وقت صلاة الجمعة، يشق ساحة مسجد نيوجيه، قبل صلاة الجمعة ستة من الأئمة المسلمين الصينيين، متوجهين إلى صدر المسجد، ليجلسوا القرفصاء ويبدأوا في تلاوة سور من القرآن بأصواتهم الجميلة. بشكل منفرد يقرأ كل عالم منهم بعضاً من السور، ليتبعه الآخر، حتى ينتهي الجميع من سورة الكهف. وحينما يحين موعد الصلاة، يقوم أحد العلماء بإلقاء درس ديني باللغة الصينية، يتضمن آيات وأحاديث قرآنية بالعربية، وما أن يؤذن لصلاة الجمعة، حتى يؤدي المصلون ركعتا السنة، ثم يرتقي الإمام المنبر، ويقرأ الخطبة باللغة العربية، وهي خطبة عادة تكون قصيرة، ثم يؤدي الإمام والمصلون صلاة الجمعة جماعة.

بدوره، رئيس الجمعية الإسلامية الصينية التي يرأسها حاليا الشيخ تشن جوانغ يوان وتأسست في أيار 1953، الجسم الرئيسي الذي يمثل المسلمين أمام مؤسسات الحكم، وبعد ان أدى الوفد صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في المسجد، دعانا الى طعام الغداء في مطعم قرب المسجد على شارع يوجد العديد من المحلات التجارية المتراصة والمطاعم التي غالبا ما يكتب على واجهاتها "بسم الله الرحمن الرحيم" كما أن أصحابها يضعون قبعات بيضاء على رؤوسهم مما يميزهم كمسلمين ويقدمون الطعام الحلال. ويعيش بالمنطقة المحيطة بالمسجد أكثر من ١٥ ألف مسلم من قومية هوي.
وقال الشيخ تشن جوانغ يوان :"رغم أنه لا توجد إحصائية رسمية لعدد المسلمين، لكن التقديرات الرسمية الصينية تقول إن عددهم نحو 20 مليون نسمة يتوزعون على مناطق مختلفة من الصين حيث تدين عشر من قوميات الصين الـ 56 بالإسلام. كما يبلغ عدد المساجد في الصين أكثر من ثلاثين ألف مسجد تنتشر في كل أنحاء البلاد.


وأضاف يشهد المسجد يوميًا عددًا كبيرًا من المصلين، وتزداد كثيرًا في أيام الجمع والأعياد حيث تتجاوز الآلاف. حيث يقع المسجد في شارع البقر؛ وسمي الشارع بهذا الاسم بسبب وجود عدد من الدكاكين الخاصة بالمسلمين منذ زمن بعيد كانوا يذبحون فيها الأبقار في الأعياد والمناسبات الدينية؛ كما أن الحي الذي به المسجد يحمل نفس الاسم.
وأوضح الشيخ تشن جوانغ يوان أن الأويغور" هم شعوب ذوو أصول تركية، يتحدثون "اللغة الأويغورية" وهي اللغة الأم، واللغة الثانية هي اللغة الصينية، وهي واحدة من عشر قوميات مُسلمة في الصين، هذه القوميات العشر المُسلمة هي "الأويغور، القازاق، الأوزبك، الطاجيك، التتار، الهوي، سالار، دونج شيانغ، باوآن، القيرغيز"، وتحتل الأويغور المرتبة الثانية بين القوميات المُسلمة من حيث عدد السُكّان .


ولفت الشيخ يوان الى ان المسلمين في الصين ملتزمون بالقوانين في البلاد فيما يتعلق بالزواج وبالميراث وفي الكثير من القضايا ذات البعد الوطني الصيني.


ونوه الى ان إقليم "شين جيانغ" يقع في أقصى شمال غرب الصين، وعاصمة شين جيانغ هي مدينة "أورومُتشي"، وتبلغ مساحة شينجيانغ سُدس مساحة الصين -أي حوالي 1,664,900 كيلو متر مربع- ويُعد هذا الإقليم من أهم المناطق الحيويّة لدى الصين، حيث أنّ له حُدودًا مع عِدة دُول مُختلفة: فيحُده من الغرب كُل من : طاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان وأفغانستان وباكستان، ومن الشمال روسيا، ومن الشمال الشرقي منطقة مُنغوليا الصينية، ومن الجنوب منطقة التِبتْ الصِينية، ومن الجنوب الغربي دولة الهند؛ ويمُر بالإقليم "طريق الحرير القديم" والذي يعتبر أحد الأسباب التي أدّت إلي انتشار الإسلام في المنطقة.


وأضاف ان إقليم شين جيانغ منطقة غنيّة بالموارد الطبيعية كالبترول -حيث يُعتبر ثاني أكبر إقليم مُنتِج للنفط في الصين- وهو غنيّ أيضًا بالغاز الطبيعي والفحم والرصاص والنحاس والزنك وخامات اليورانيوم، وتعتمد الصين على هذا الإقليم بشكل مُباشر في مدّها بمصادر الطاقة، ومن بين الصناعات المُنتشرة في الإقليم تكرير النفط وصناعة السكر والصلب والكيماويات والأسمنت والمنسوجات. ومن بين الأسباب التي تزيد من أهمية الإقليم إستراتيجِيًا إنشاء أول خط سكة حديد يربُط بين العاصمة "بكين" وبين عاصمة الإقليم "أورومُتشي" عام 1968.


وذكر ان إقليم "شينجيانغ" يسكُنه أبناء قومية "الأويغور" ويُمثلون ما يقرُب من 70% من سُكان الإقليم، بالإضافة إلي قوميات أخري مثل: القازاق والهِوي والقيرغيز وغيرهم من القوميات والأقليات. ووفقًا للإحصائيات الصينية فإن عدد مُسلمي هذا الإقليم يبلغ ١٢ مليون نسمة - وذلك حسب ما أفاد به تقرير مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة بجمهورية الصين الشعبية-.