أبناء "العمال الضيوف".. يلعبون "اليورو" وكأنهم في "تركيا"

يونيو 11, 2024 - 08:53
أبناء "العمال الضيوف".. يلعبون "اليورو" وكأنهم في "تركيا"

حين تغلّبت تركيا على ألمانيا 3-2 في مباراةٍ وديّةٍ شهر نوفمبر الماضي على الملعب الأولمبي في برلين، سجّل كينان يلديز المولود في بافاريا هدف الأتراك الثاني. فهو مثل العديد من اللاعبين الألمان من أصولٍ تركية، اختار اللعب لـ"ميلي تاكيم".

وفي تلك الليلة، احتفل نحو ثلثي المشجعين الحاضرين في الملعب مع المنتخب الضيف، في مدرجاتٍ غطّاها بحرٌ من الأعلام التركيّة الحمراء والبيضاء.

ويُسأل الإيطالي فينتشنسو مونتيلا مدرب المنتخب التركي عمّا إذا كان فأل خيرٍ اللعب في ألمانيا خلال كأس أوروبا ويقول فرِحاً: على الأرجح سنلعب وكأننا في أرضنا.

وأعلن المدرب قائمةً من 26 لاعباً للمشاركة في النهائيات. من بين هؤلاء خمسة وُلدوا على الأراضي الألمانية، أبرزهم الشاب الموهوب كينان يلديز لاعب يوفنتوس الإيطالي، كما صالح أوزغان، وصيف دوري أبطال أوروبا مع بوروسيا دورتموند، وهاكان تشالهان أوغلو قائد المنتخب المتوّج مع إنتر بلقب الدوري الإيطالي.

وغالباً هؤلاء اللاعبون الذين سيواجهون البرتغال وجورجيا والتشيك في المجموعة السادسة، هم أحفاد "العمّال الضيوف" الأتراك الذين وفدوا إلى ألمانيا الغربية في الستينيات والسبعينيات.

اختيارهم الدفاع عن قميص "ميلي تاكيم" (المنتخب الوطني) الذي يُسعد المشجعين الأتراك، يعيد إثارة الجدل حول فشل الاندماج في ألمانيا، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين تركي ويُشكّلون أكبر جالية تركية أو من أصل تركي في الخارج.

ويقول أحمد توبراك، الأستاذٌ في جامعة العلوم والفنون التطبيقية في دورتموند وباحث في هذا المجال، إن اختيارهم تمثيل تركيا ليس بالضرورة نتيجة لفشل الاندماج.

ويضيف: هؤلاء اللاعبين الذين لا يتحدثون التركية بطلاقة "يعرفون تركيا من خلال البطاقات البريدية فقط، يتخذون قراراً "عاطفياً" في المقام الأوّل.

ويتابع: كرة القدم رياضة عاطفية تُلعب بكثير من الشغف في تركيا أكثر من ألمانيا، يختارون تركيا أيضاً لأنهم يشعرون برابط عاطفي مع هذا البلد عبر آبائهم أو أجدادهم أو أقاربهم. مشيراً إلى أن الاتحاد التركي "يتقرب بشكل نشط" من اللاعبين الشباب من أصل تركي.

اختار العديد من الألمان من أصل تركي اللعب للمنتخب الألماني، أشهرهم مسعود أوزيل، بطل العالم 2014 الذي تخلى عن جواز سفره التركي عند بلوغه سن الرشد، قبل أن يصبح رمزاً لألمانيا متعددة الثقافات.

لكن مسيرته شهدت تحولاً كبيراً عام 2018، بعد جدٍل حاد نشأ عن صورةٍ له مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

اعتزل أوزيل اللعب الدولي فوراً بعد الجدل والهجوم الإعلاميّ عليه، واتّهم الاتحاد الألماني بـ"العنصرية". قال حينها "لديّ قلبان، قلب ألماني وآخر تركي".

وأثارت تصريحاته صدى في يناير الماضي، عند اعتماد قانون في البوندستاغ (مجلس النواب الألماني) يُخفف من شروط الحصول على الجنسية الألمانية وينهي القيود المفروضة على حمل الجنسية المزدوجة.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس: أعتقد أن هذا الشعور بأن تكون ألمانياً وإيطالياً، أو ألمانياً وتركياً، يتوافق مع واقع الكثير من مواطنينا. الاعتراف بذلك هو مسألة احترام.

ويروي جون مكمانوس، مؤلف كتاب عن كرة القدم التركية، قصة تعكس هذه المشاعر المتعددة للانتماء. ففي الدقيقة 79 من مباراة تصفيات كأس أوروبا 2012 بين ألمانيا وتركيا، سجل مسعود أوزيل هدف 2-0 للمنتخب الألماني. كان مكمانوس في ذلك الوقت في كرويتسبيرغ، حيٌّ في برلين يُطلق عليه "إسطنبول الصغيرة".

ويكتب: في الحانة التركية التي كنت أشاهد فيها المباراة، راح المشاهدون الآخرون يشتمون شاشة العرض. لكن بعد لحظة، وقف رجلٌ وصفّق وهو يقول (برافو) وتبعه آخرون فوراً.