القدس لنا.. كانت وستبقى

يونيو 10, 2024 - 11:52
القدس لنا.. كانت وستبقى

في مشهد استفزازي مريب، جابت مسيرة المستوطنين المسماة بمسيرة الأعلام شوارع القدس، ‏تحت حراسة مشددة من جنود الاحتلال، هاتفين ضد الفلسطينيين، منشدين كراهية وعنصرية، ‏متراقصين كالدببة، وفي داخلهم رعب الغريب، وخوف الطغاة، وجبن المحتل، ووحشة الوقت. ‏وكان ذلك جليًا في عيون كل من تظاهروا بأنهم يحتفلون في شوارع المدينة المقدسة. والحقيقة ‏كانت ظاهرة حتى في أصواتهم وهتافهم، مما يُظهر أنهم الغرباء الذين يتباهون باحتلال مدينة ‏ليست لهم، ولن تكون لهم في يوم من الأيام، مهما حاولوا وعملوا، ومهما تفاخروا بالسيطرة ‏العسكرية عليها، ومهما قتلوا واعتقلوا وجرحوا وهدموا.‏
هذا العام كان التمادي أكبر من كل عام، خاصة بعد اقتحام المستوطنين لباحات المسجد ‏الأقصى. حيث أقاموا صلواتهم التلمودية بكل أشكال الاستفزاز، ورقصوا وهتفوا العنصرية في ‏مشاهد مستفزة لكل الفلسطينيين والعرب، ولكل الإنسانية التي رأت وسمعت هذا التعصب الأعمى ‏ومدى الغل والكراهية التي تملأ صدورهم، وكيف يعبّرون عن ثقافتهم الفاشية التي تسكن عقولهم ‏ويستقونها من خلال مدارسهم التلمودية التي تعبئ فيهم الكره لكل أجناس البشر الأخرى. ‏
وعلى هذا النحو من الغباء العنصري وفي ظل حرب الإبادة التي يمارسونها فقد أرادوا أن ‏تكون مسيرتهم هذا العام تتويجًا لإرهابهم الدموي الذي لم يتوقف بعد، بل يتصاعد وحشيةً وعنفًا ‏وإجرامًا.جاءت مسيرة ما يسمى بالأعلام هذا العام وسط المذبحة التي يتعرض لها شعبنا، وأراد ‏من خلالها المستوطنين إيصال رسائلهم بهذا الشكل البذيء وهذه الصورة الحاقدة. لهذا، احتشدوا ‏بأعداد كبيرة غير مسبوقة مطلقين شعارات عنصرية، تنادي بالموت والقتل لكل فلسطيني وكل ‏عربي، وبأصواتهم البذيئة رددوا طقوسهم الفاشية، ظنًا منهم بأن بمثل هذه الترهات يمكن أن ‏يصنعوا لهم تاريخًا مزورًا في القدس، والقدس تعرف أهلها وناسها وأصحابها مثلما تعرف أبناءها ‏من أعدائها.‏
إن تلك التظاهرات والمسيرات والاقتحامات للمسجد الأقصى والصلوات التي يقيمها قطعان ‏المستوطنين في باحات المسجد تحت حراسة مشددة ومباشرة من جنود الاحتلال، ما هي إلا وهم ‏وضلال، يريدون من خلاله إضفاء شرعية دينية تنسجم وعمليات التهويد التي يقومون بها، وهي ‏تعبر عن محاولاتهم للسطو على تاريخ هذه الأرض وسرقة التاريخ كما يسرقون الحاضر.‏
إن ما يفعله الاحتلال في القدس وما يقوم به المستوطنون الأغراب كل يوم منذ احتلال ‏المدينة في حزيران 1967، يأتي في إطار ما يسمونه الحسم بالتهويد المباشر وغير المباشر، ‏وبكل السبل والوسائل، وهم يسعون لطرد سكان المدينة وتفريغها من أهلها عبر سياسات شيطانية ‏قديمة جديدة. وأمام كل هذا، فإن الواقع الفلسطيني لا زال حاضرًا، قويًا رغم محاولات عزل ‏المدينة عن محيطها الفلسطيني و قادرًا على البقاء والصمود رغم قلة إمكانيات الدعم اللازم في ‏معادلة الصراع التي يعمل الاحتلال جاهدًا على تهويد المدينة وطمس طابعها العربي الفلسطيني.‏
مسيرة الأعلام التي جابت شوارع القدس، والصلوات التلمودية في باحات المسجد الأقصى؛ ‏هي امتداد لحرب الإبادة في غزة، وامتداد لكل عمليات الاغتيال والقتل والضم في مدن الضفة، ‏وهي سياسة واحدة أساسها عنصري، تقودها حكومة اليمين المتطرف ضد شعبنا الفلسطيني في ‏القدس وغزة والضفة‎.‎