ملف الأسرى: أولوية ما بين غزة والضفة ؟!
ملف الأسرى: أولوية ما بين غزة والضفة ؟!
ملف الأسرى: أولوية ما بين غزة والضفة ؟!
فيما العدوان والصواريخ والنار وجرائم الحرب مستمرة ضد ٢،٣ مليون مدني فلسطيني في قطاع غزة، أنهى جيش الاحتلال حياة حوالي ١٢٠٠٠ مدني فلسطيني، ٦٠٠٠ تقريبا منهم أطفال ! لليوم الـ٤٥ على التوالي. وفي ظل إفلاتها من العقاب، دولة الاحتلال مستمرة باستهداف عنصري همجي وصل حد التمادي لتحويل المستشفيات لساحة حرب، واستهداف المدارس وقصف للبيوت السكنية والمساجد والكنائس، نقلت قسرياً مليون وستمائة ألف مواطن من بيوتهم في الشمال، بهدف نقلهم إلى سيناء. الوضع مأساوي في المستشفيات وأماكن النزوح بينما يواصل الاحتلال الضغط على المدنيين تحت التهديد بالصواريخ أو التجويع! وضعت آلاف من مرضى السرطان والكلى والاطفال الخدج والحوامل تحت خطر وتهديد الموت المباشر بحرمانهم من الوقود والدواء والغذاء والماء؛ عقاب جماعي، تهجير قسري ومحاولة إبادة جماعية، جرائم ضد الإنسانية موثقة على الشاشات.
تستغل دولة الاحتلال انشغال العالم في متابعة قطاع غزة، منذ بدء عدوانها المضلل في حربها ضد "حماس" في قطاع غزة، وتستشري عنصريتها في الضفة الغربية. خلال الاسابيع السابقة، تجاوز عدد الشهداء ٢١٥ في الضفة، ويواصل جيش الاحتلال اقتحاماته المتكررة يومياً والاعتقالات من نابلس لجنين وقلقيلية لطولكرم لأريحا والخليل وبيت لحم والقدس ورام الله في المدن والمخيمات، اما الأدهى وما يخنق المواطنين ويمنع تنقلهم بأمان إضافة للحواجز الخانقة فهو إرهاب المستوطنين بحماية جيش الاحتلال.
فيما يخص الأسرى, ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين خلف قضبان الاحتلال لأكثر من 7700 مدني فلسطيني يقبعون تحت رحمة الاحتلال العسكري الإسرائيلي (5200 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال قبل 7 أكتوبر, اختطاف 2520 مدنياً فلسطينياً بعد 7 أكتوبر). تستغل إدارات السجون ووزراء الحرب العنصريون المجرمون انشغال العالم في غزة لينكلوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ عمليات النقل الجماعي ضد الأسرى الفلسطينيين، بشكل متسارع ومكثف غير مسبوق في كافة السجون الإسرائيلية، تستهدف قيادات الاسرى أصحاب الأحكام الطويلة، إضافة إلى سياسات غير مسبوقة من شدة الضرب والتنكيل. ويتعرض الأسرى بشكل متزايد للحبس الانفرادي، والحرمان من رؤية المحامين! حتى الصليب الأحمر وهو الجهة الدولية المحايدة التي يجب ان تشرف وتتابع أوضاع الأسرى لا علم لهم ولا تسمح لهم دولة الاحتلال بالقيام بأعمالهم الاشرافية او التوثيقية، ممنوع الزيارات العائلية، وحرمان من الدواء او العلاج الآدمي او حتى فرصة الغذاء المناسب، ويواصل الجنود تجريد الأسرى الفلسطينيين من إنسانيتهم في معاملة سيئة وصلت بحسب الصحفيين والفيديوهات المسربة إلى حد مخيف يتمثل في نقلهم عُراة!! إدارات سجون الاحتلال يتعمدون عرقلة زيارات المحامين ويمتنعون عن الكشف عن أماكن نقلهم!
ومن المتوقع والمطلوب أن تتحرك اللجنة الدولية على الفور ضد تلك الانتهاكات لاتفاقيات جنيف الرابعة، إلا أن اسرائيل تفلت من العقاب في كل مرة مما يجعلها تستشري في إرهابها المنظم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وتشن دولة الاحتلال سلسلة من جرائم الحرب ضد السكان الفلسطينيين؛ المجازر تطال الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية على حد سواء، هم أهداف للمشروع الاستعماري الكولونيالي، تمارس دولة الاحتلال سياسة القتل والاعدام في استهداف صاروخي ناري مباشر أو تسعى لتجويع وقتل من تبقى من خلال سياسة نيكرو Necropolitics، حيث تحرم المدنيين الفلسطينيين من الأحياء من حقوق الإنسان الأساسية, في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي الذي يهدف لتهجير السكان ونقلهم قسرياً، تحويل الفلسطينيين لأقليات ومصادرة وضم ما تبقى من الأرض في استهداف الحق الفلسطيني في تقرير المصير، وقتل حلم الدولة والتحرر والاستقلال، تعمل دولة الاحتلال ضمن غطاء قانوني ومالي من قبل الولايات المتحدة والعالم المنحاز ولا يفسر هذا الانحياز ضد الإنسانية الا ان ما نشهده هو صفقة القرن في تطبيق عملي على الارض لتغيير الخارطة الجيوسياسية في الشرق الاوسط على حساب الدم الفلسطيني خدمة لمصالح دول عديدة في الاقليم والعالم.
هذه ليست حربًا ضد حماس، إنها ضد المدنيين الفلسطينيين، وحق الفلسطينيين في تقرير المصير وأي أمل في تحقيق السلام في هذه المنطقة.
في ظل انشغال العالم بالإجرام الإسرائيلي في قطاع غزة, المقاومة تذكر الجميع بأهم الملفات وأكثرها أولوية وهي مسالة الشهداء الأحياء القابعين خلف قضبان الاحتلال. على منظمة التحرير وهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير ومؤسسة الضمير والصليب الأحمر وكافة المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية ان تلتفت للأسرى وتعيد هذا الملف لأعلى الأولويات تماما كما ينعكس من مفاوضات صفقة تبادل الرهائن اليوم التي تعيد تذكير العالم بالأطفال والنساء الفلسطينيات في سجون الاحتلال مما يضع هذا الملف في مكانه الصحيح بين الأولويات الوطنية.
- د. دلال عريقات، أستاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.