بين اللغم الباقي في رفح ودموع ليلى خالد

يونيو 2, 2024 - 09:12
بين اللغم الباقي في رفح ودموع ليلى خالد

حمدي فراج

على عكس معظم التوقعات، بما فيها توقعاتي الشخصية، اجتاحت إسرائيل رفح، ولن نختلف كثيراً على تسميتها، إن كانت اجتياحا أم دخولاً محدوداً أم موسعا، وارتكبت هناك فعلين شنيعين صارخين متضادين مع قرار المحكمة الدولية، الأول مجزرة الخيام في المنطقة الآمنة، والاستيلاء على محور فيلادلفي تحت السيطرة المصرية، وبعد ذلك كل ما يمكن أن ترتكبه هناك سيكون ما دون هذين الفعلين، بما في ذلك مطاردة قادة حماس والمقاومة، والتجويع، وقطع الاتصالات، والعثور على أنفاق مزعومة، أو حتى قتل الجندي المصري الذي حاول الانتصار لبعض من أخوته الفلسطينيين ممن كانوا يتعرضون للقتل والقنص المباشر.

وعلى الرغم من هذا "الدخول" إلى رفح، الذي ربطه نتنياهو بالنصر على حماس، فإن هذا النصر مجرد خداع نفس، أكثر منه خداع بصر أو خداع سمع، اكتشفه كثير من الخبراء والمفكرين والمحللين الإسرائيليين، آخرهم المحلل عاموس هرئيل في "هآرتس" الذي قال: دخلنا رفح لكن اللغم بقي على حاله، مستندا على اللغم الذي ظل على حاله في الشمال والوسط، جباليا وخانيونس، وها نحن ندخل الشهر الثامن من هذه الحرب الإبادية، وما زال المحتجزون الإسرائيليون في قبضة القسام ويقوم نتنياهو بمفاوضة حماس لايجاد طريقة مناسبة مرضيه للطرفين لتحريرهم ، والحقيقة ههي أنه ما زال يفاوض كتائب القسام التي يريد "اجتثاثها" ، بل يحيى السنوار الذي يريده حيا أو ميتا، معتقدا أنه باعتقاله أو قتله سيكون بذلك قد حقق الانتصار المطلق.

تعالوا نطرح المسألة و لو ببعض المبالغة لصالح نتنياهو وتطلعاته وشهواته الغريزية في القتل والتدمير والتعذيب والتجويع والتنزيح، لتحقيق أحلام الأجداد والأحفاد في القضاء على القسام وحماس، "المقاومة"، شريان الحياة الجديد في غزة بعد حشر شعبها بين معبرين عشرين سنة. هل يكون بهذا قضى على حماس في الضفة الغربية أو على حماس في مخيمات لبنان والأردن والشتات؟ وهل يكون بهذا قد قضى على محور المقاومة بقيادة إيران و سوريا واليمن الجديد؟

إنكم بدخولكم رفح إنما تلعبون بنيران مرعبة تشبه الحمم البركانية التي لا تبقي ولا تذر، لن تضيفوا في بقائكم فيها إلى "نصركم" نصراً جديداً، باستثناء بضعة آلاف من الجثث الجديدة، ولن تقللوا من وقع ما تكبدتموه في أكتوبر أمراً جديراً يعيد لكم من فقدتم أو ما فقدتم من أوصاف شائعة مدّعاة كالديمقراطية وحقوق الانسان والشعب المختار وبقية خراريف التوراة. سارعوا بالخروج من رفح ، واعقدوا صفقة التبادل، كي تعيدوا شيئا من التوازن النفسي الحبوري لكل من ينتظر هذه اللحظة، من إسرائيليين وفلسطينيين على حد سواء، ------وانظروا جيدا كيف أن العالم في أربعة أرباعه يتجند ضدكم، بما في ذلك معاقلكم التقليدية، بيضاً وسوداً، أغنياء وفقراء، دينيون وعلمانيون---------، انظروا جيدا إلى الرسالة التي وجهها رجل الدين الشيعي السياسي في طهران "علي خامنئي" إلى طلبة الجامعات الامريكية من غير المسلمين والعرب، اعتبارهم جزءا من المقاومة، وانظروا جيدا في دموع ليلى خالد المناضلة القيادية في الجبهة الشعبية تبكي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
----------------
على الرغم من هذا "الدخول" إلى رفح، الذي ربطه نتنياهو بالنصر على حماس، فإن هذا النصر مجرد خداع نفس، أكثر منه خداع بصر أو خداع سمع، اكتشفه كثير من الخبراء والمفكرين والمحللين الإسرائيليين.