الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

مايو 6, 2024 - 10:08
الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

يأتي هذا السلوك الغريزي إما لحاجة مادّية (التوجه للعمل لكسب الرزق ، التوجه للمدرسة – الجامعة طلبا للعلم...) أو حاجة سيكولوجية تتمثل في، 1- الفضول في المعرفة والاستكشاف لزيادة واضافة خبرة جديدة إلى ما لديه /لديها من خبرات ومعارف. 2- للشعور بالحرية وقدرته على الانعتاق من الروتين المألوف، ولهذا نجد مثل هذا السلوك الغرائزي لدى الإنسان ، دون بقية الكائنات، الأكثر وضوحا وجلبا للاهتمام ، منذ بدايات تشكله من فترة الحمل ، مما يمكننّا القول، أن الحركة والتنقل هي أحد مؤشرات الحياة أو عدمها، لدرجة يمكن اعتبارها بمثابة ممارسة السيادة الذاتية له/لها. يمكننا تدعيم هذا القول بدليل أنه في حالة إصابة أي جزء من جسم الإنسان بالعجز المؤقت أو الدائم، سرعان ما تنقلب حياته/ حياتها الى جحيم والشعور بالمرارة والنقص أو كما يقول المثل الشعبي " في الحركة بركة".

أيا كانت الأهداف، فحرية التنقل والحركة تعمل على رفع مستوى تقدير الذات والدفع به الى المزيد من الجهود لإنجاز المزيد من تطلعاته وطموحاته الشخصية في الحياة الدنيا، والتي هي مرحلة تحضيرية لما بعدها، قصيرة نسبيا، بدليل تسميتها بالدنيا، كون ما الحياة الا الحياة الاخرة.

اذا ماتوفرت حرية الحركة والتنقل، نضمن تلاقي جميع أشكال وأنماط النمو المنشود: النمو العقلي – المعرفي، النمو العاطفي، النمو الجسماني والنمو الاجتماعي.

أي محاولة للحد من هذه الحرية (حرية التنقل والحركة ) لها انعاسات سلبية كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال ، لا الحصر:

- التحول من حالة الاستقرار إلى حالة المزاجية والاضطراب: كل انسان ، تكون دوافعه خيّرة ، في حالة الشخص مقيّد الحركة، تجده عند التواصل مع الاّخرين، قد يخطئ في اّلية وكيفية التواصل مع الآخرين بسبب ضغوطات خارجية، قيود على حركته وتنقله، تماما مثلما هو الحال عند نيتك الاتصال هاتفيا بشخص عزيز عليك، لتخبره أخبارا ايجابية عنك/عنه ، لكنك تخطئ في مقدمة البلد أو تضع رقما مكان رقم آخر ، مما يؤدي الى عدم ايصال الرسالة بل والفشل في المهمة .

ليس فقط لم تنجح في توصيل الرسالة، بل أوجدت مشاكل أخرى:

- قد يظن بك من اتصلت به بالخطأ أمرا سيئا !

- قد توقظ الشك والريبة في قلب وعقل الشخص الذي كنت تنوي الاتصال به : لماذا لم يتصل بي في مثل هذا الموقف؟

- ستخسر ماديا لكونك ستضطر الى اجراء مكالمة ثانية.

ببساطة، مطلوب من المتصل أولا التخطيط والتركيز في خطوات الاتصال، ومطلوب من المتصل به/الإصغاء النشط حتى تصل الرسالة على أكمل وجه، وهذا لم يأت بفعل ضغوطات تقييد الحركة .

- تؤدي ضغوطات تقييد الحركة الى الافتراض بأن من حولك أشخاص ، لديهم نفس الدماغ الذي تحمله أنت، ويتبعون نفس نمط تفكيرك، الأمر الذي يستلزم توخي النيّة الحسنة في التعامل مع الاّخرين، كون أن ليس جميع البشر من طينة واحدة، فهناك المستقر عاطفيا وسيكولوجيا، وهناك المضطّرب المتوتر جرّاء ظروفه الخاصة، مما يستدعي تشعب، نهج التفكير عند التعامل مع الاّخر، شريطة عدم جعل أي منهم مصدرا للأمل الذي تتوخاه، كون الله تعالى هو المصدر الوحيد للأمل المنشود، اكسير حياتنا، وعدم الإفراط في التفكير الايجابي أو السلبي بهذا الاّخر، أو عدم رفع التوقعات منه،أيا كانت .

- تكثر الألام الفسيولوجية: ألم في المعدّة ، صداع وألم في الرأس، توتر وقلق ، وقد يصبح لديه ألما في الرقبة، أما عند الغضب فيشعر بألم أسفل الظهر، وينجم عن العصبيّة تهيج في القولون.

- يتجلى انخفاض منسوب الدافعية للتواصل مع الاّخرين والتعامل معهم، وبالتالي انخفاض مؤشرات المودة والمحبة والانسجام، وتنامي الكراهية والبغضاء بين البشر، وبالتالي يزيد الميل إلى العنف ( بأشكاله المتنوعة : لفظي، جسمي أو معنوي) للانعتاق والتخلص من الوضع المفروض عليه، دون تقييم الثمن تقييما دقيقا .

- بسبب هذا الوضع المفروض عليه، قد يصاب بحالة نكوص، قد يتطور لاحقا الى احدى حالات/ درجات الاكتئاب مما يشلّ من فاعليته مع اضمحلال النظرة الايجابية للحياة عنده/ عندها.

وعليه، ننصح الأهل وذوي السلطة (سواء كانت سلطة والديّة، إدارية – مدرسة / مؤسسة ، سياسية) إلى تجنب توظيف فرض قيود تحد من حركة الإنسان، لما لها من انعكاسات سيكولوجية عدّة ، بيّنا البعض منها أعلاه .