وهم الإغراء
لماذا "الأكثر إغراءً أكثر ضرراً"؟
وهم الإغراء
لماذا "الأكثر إغراءً أكثر ضرراً"؟
محمد قاروط أبو رحمه
(هذا المقال تطوير لمنشور بعنوان: "الاكثر إغراء أكثر ضررا، لتجنب ضرر المغريات تمهل وفكر قبل تتقدم"، نشر على صفحة جماعة الباب الأدبية وصفحتي فيس بك بتاريخ: 15/11/2022)
نعيش في عالم مليء بالمغريات التي تتلألأ وتعد بالسعادة الفورية أو المكاسب السريعة. من الاستهلاك المفرط، إلى القرارات السهلة التي تتجاوز القواعد الأخلاقية، وصولاً إلى العلاقات العابرة التي تبدو مثيرة. لكن الحكمة تعلمنا درساً قاسياً ومباشراً:
"الأكثر إغراءً أكثر ضرراً".
هذه ليست مجرد وصية أخلاقية، بل هي ملاحظة عميقة لكيفية عمل آليات الإغراء وفخاخه.
الضرر الكامن وراء بريق الإغراء، لماذا يرتبط الإغراء بالضرر؟
لأن جاذبية الإغراء غالباً ما تكون مصممة لتجاوز التفكير العقلاني وتحفيز الرغبة الآنية. الضرر هنا قد يكون مادياً، صحياً، نفسياً، أو أخلاقياً:
الإغراءات المادية: صفقة تبدو مغرية جداً لتحقيق ربح سريع قد تخفي وراءها احتيالاً أو أخطار قانونية.
الإغراءات الصحية: الأطعمة والمشروبات الأكثر إغراءً (الغنية بالسكر والدهون) هي غالباً الأكثر ضرراً على صحتنا على المدى الطويل.
الإغراءات السلوكية: السلوكيات السهلة والممتعة (مثل التسويف، أو الهروب من المسؤولية) مغرية للغاية في اللحظة الراهنة، لكن ضررها يتجلى في ضياع الفرص المستقبلية وتراكم الفشل.
الإغراء هو طعم الفخ؛ يبدو لذيذاً من الخارج، لكنه يخفي الخطاف الذي سيؤذينا.
المناعة ضد الإغراء: التمهل والتفكير
كيف نحمي أنفسنا من جاذبية هذا الضرر؟ يقدم لنا التوجيه الحل العملي:
"لتجنب ضرر المغريات تمهل وفكر قبل أن تتقدم".
الفعل "تمهل" هو مضاد حيوي فوري لآلية الإغراء التي تعتمد على الاندفاع والعاطفة. الإغراء يزدهر في غياب التفكير الواعي.
التمهل: يمنحنا مساحة زمنية بين رؤية المغري والاستجابة له. هذه اللحظة من التوقف تعطل رد الفعل التلقائي.
التفكير: في هذه المساحة الزمنية، ندخل العقل على الخط. نبدأ في طرح الأسئلة: ما الثمن الحقيقي لهذا الإغراء؟ ما هي العواقب طويلة المدى؟ هل هذا يتماشى مع قيمي وأهدافي؟
هذا التفكير يحول المشهد من "الشيء المغري" إلى "الضرر المحتمل"، مما يضعف قوة الإغراء.
قوة التبصر
إن القدرة على مقاومة ما هو مغرٍ لصالح ما هو صحيح أو مفيد على المدى الطويل هي جوهر النضج والحكمة. لا تنخدع بالبريق الفوري للمغريات. مارس التمهل والتفكير، فالحرية الحقيقية تكمن في اختيار الطريق الصحيح بوعي، وليس الانجراف وراء كل ما هو جذاب للوهلة الأولى.





