أمريكا تقنن تبرعاتها وتُقصي "الاونروا" وتجرعها السم تنقيطا
السم الأمريكي تمثل بإعلان سامانثا باور، مديرة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID، تبرعات إنسانية لغزة بقيمة ٥٣ مليون دولار (فراطة مصاري تعادل تكلفة ١٠ صواريخ باتريوت). والسم في هذا التبرع، "خالي الدسم"، لغزة لن يمر عبر "الاونروا" وطواقمها المتمرسة والقادرة، وإنما عبر برنامج الغذاء العالمي "ومؤسسات غير حكومية".
أترون الخبث؟ أتدركون الان كيف ستتدحرج آليات اضعاف "الاونروا" في غزة ومنها لمناطق عمليات الاونروا الأخرى؟ هل ندرك الان تداعيات تمكين مؤسسات غير حكومية مهمات مؤسسة أممية مرتكزة على قرارات دولية وذات بعد وهدف سياسي!
والانكى ان الـ USAID ومديرتها أصبحوا الان وبقدرة قادر قلقين على سلامة عمال الإغاثة الذين سيشرفون على تقديم المساعدات. يا سلام! ما هذه الصحوة الأخلاقية المفاجئة وهم لم يهتموا بموظفي "الاونروا" الذين قتلوا اثناء قيامهم بواجبهم الإنساني.
ان هذا التبرع بالغ السخاء والمذهل وغير المسبوق وفائق الكرم والذي تلهج السنتا به ثناء وشكرا وعرفانا سينضم "كقوافل" الى ٢٠٠٠ قافلة تقف ارتالا مرتبة خلف بعضها البعض على مدى شهور في الشق المصري من رفح. وهنا نناشد أصحاب هذا التبرع التاريخي بعدم اسقاطه جوا بالباراشوتات، لان الرياح الملعونة تسقط معظمه بالبحر!
التجويع كسلاح حربي يعد من أفتك الأسلحة وهو كذلك، وتجويع شمال غزة، وتنقيط إيصال بعض المساعدات الشحيحة اليه يهدف التجويع البطيء، والموت البطيء، كإجراء انتقامي يخلو من أية قيمة عسكرية، ويهدف لكسر الهمم وزرع البؤس.
الجوع والعطش سلاحان مؤلمان، والاحتلال وسيدته، ووراءها عربا عربان، وغربا غربان، يدركون تبعات انتصار غزة ككرة ثلج قد تهدم صروحا وتيجانا وعروشا وارصدة بنكية ومشاريع اخطبوطية.
ان استهداف "الاونروا" ومحاولة إبعادها هو جزء من مخطط التجويع.
نعم، وبصراحة، أداء الأمم المتحدة تجاه حرب الإبادة الدائرة ضعيف، كما وان أداء الاونروا العام ضعيف. ونعم ستحين اللحظة المناسبة للمراجعة والتقييم والنقد المسؤول والمحاسبة في أوجه التقصير، مقابل الأداء المشرف لعاملي "الاونروا" امام الإبادة المجنونة على غزة وسكانها ولاجئيها. ولكن الوقت الان وكل الجهد يجب ان ينصب على إغاثة غزة ونصرتها، وحماية "الأونروا" والإصرار على دورها وولايتها وتفويضها وحضورها خصوصا في غزة.
ما حك جلدك الا ظفرك. ان لم نتفق كفلسطينيين على اختلاف مشاربنا بإن غزة هي البوصلة، وان لم تتحرك كل الجهات الوطنية والفعاليات المجتمعية والشعبية الفلسطينية دفاعا وتمكينا لـ "الاونروا"، ورفضا لاستبدالها، فسنرى العد التنازلي لهذه المؤسسة الأممية بكل ما لها وما عليها، وبكل ما تمثله من رمزية وبعدًا سياسياً وقانونياً وقرارات وانسانياً واغاثياً.
ومتفائلا اكتفى بصدر بيت الشعر مع بعض التصرف " ولقد أسمعت (إذ) ناديت حيا".