لماذا تجري "شيطنة" شهر رمضان المبارك..؟
دولة الإحتلال والجماعات التلمودية والتوراتية، منذ تولي المتطرف بن غفير المسؤولية عن وزارة الأمن القومي، سعت بدعمه وإسناده، وكذلك بدعم وإسناد جماعات الهيكل المختلفة الى إقامة الهيكل المزعوم بشكل عملي، بالعمل على جلب خمس بقرات حمراء من ولاية تكساس الأمريكية، ووضعها في مزرعة سرية قرب مدينة " بيسان" حتى تبلغ من العمر عامين، حيث يجري ذبح احداها على جبل الطور، ونثر رمادها، بعد ان يتم حرقها بخشب الزيتون، على أكبر عدد من اليهود، بغرض التطهر، وبما يتيح لأكبر عدد من اليهود إقتحام الأقصى لأن هناك حاخامات ومدارس فكرية ودينية يهودية ، ترفض فكرة دخول الأقصى، بدون بند التطهر. وهذه البقرات جلبت في شهر تموز/ 2023.
عملية" الشيطنة " لشهر رمضان الفضيل، ليست مرتبطة فقط بمعركة 7 أكتوبر/2024، بل تلك العملية كانت تزداد وضوحاً وحدة من بعد معركة "سيف القدس"، في أيار 2021 . تلك المعركة التي تدخلت فيها المقاومة الفلسطينية كما قالت من أجل منع قيام الجماعات التلمودية والتوراتية بتغيير الوضع القانوني والديني والتاريخي للمسجد الأٌقصى، وكذلك لمنع تهويد ساحة باب العامود، وعدم طرد وتهجير سكان حي الشيخ جراح الشرقي، ولذلك مع اقتراب شهر رمضان المبارك، كنا نشهد حملة اعلامية ورسمية "اسرائيلية" على الشهر الفضيل، بالقول بأن هذا الشهر يجري استغلاله من قبل الفصائل والنشطاء المقدسيين، لكي يتحول هذا الشهر الى منصة للتحريض على " اسرائيل" ودفع الأمور للإنفجار في مدينة القدس، وكذلك يستغل المسجد الأقصى من أجل القيام بمسيرات ومظاهرات وإطلاق هتافات ورفع صور واعلام للفصائل وقادتها، وفي المقابل كنا نشهد ارتفاعا كبيرا في عدد المقتحمين للأقصى من الجماعات التلمودية والتوراتية، حتى وجدنا أن بن غفير نفسه بالإضافة الى عدد من اعضاء الكنيست ووزراء من حكومة نتنياهو وحاخامات شاركوا في عمليات الإقتحام تلك.
جماعات الهيكل ومنظماته بتسمياتها وعناوينها المختلفة، باتت تطالب بأن يتم اعتماد المسجد الأقصى كمكان مقدس يهودي، بل اعتبار "جبل الهيكل" أقدس مكان لـ" الشعب" اليهودي.
وزادت من مطالبها، بحيث باتت تطالب بأن يسمح لها بإقتحام الأقصى ليس فقط من باب المغاربة، بل من كل بوابات الأقصى، وان تكون الإقتحامات جماعية وفردية وبدون مرافقة الشرطة، وبأن لا يكون لها مسار محدد، وأن تؤدي صلواتها وطقوسها التلمودية والتوراتية بشكل علني، وأن لا يغلق المسجد الأٌقصى في وجهها، في فترة الأعياد الإسلامية، وفي العشر الأواخر من شهر رمضان، وأن تكون الإقتحامات على مدار الأسبوع.
بات من الواضح من إزدياد عمليات الإقتحام، وخاصة في فترة الأعياد اليهودية في عام 2023، من شهر آب وحتى منتصف تشرين أول، أعياد رأس السنة العبرية، ويوم الغفران وعيد العرش اليهودي، التي زاد عدد المقتحمين فيها للأقصى عن (8) آلاف مقتحم، مع ممارسة كافة طقوس إحياء الهيكل المعنوي.
عمليات الإقتحام تلك وممارسة الطقوس التلمودية والتوراتية علناً في ساحة الأقصى، الهدف منها، نزع القدسية الإسلامية الخالصة عن المسجد الأقصى، لكي يصبح في المرحلة الأولى مقدس ديني مشترك، أي اليهود شركاء في المكان، يكون لهم حياتهم وقدسيتهم الخاصة بهم، مقابل الشيخ المسلم، حاخام يهودي، ومقابل الطفل المسلم طفل يهودي، ومقابل المصلي المسلم مصل يهودي.
حكومة الإحتلال باتت تعتقد أنه بعد 7 أكتوبر، أن هناك فرصة ذهبية، تمكنها من الإجهاز والسيطرة على مدينة القدس، وخاصة في ظل تنامي الفاشية في المجتمع اليهودي، وكذلك تقدم الفاشية اليهودية من أطراف المشروع الصهيوني الى قلبه، وإمساكها بمفاصل القرار السياسي "الإسرائيلي"، والتحكم بالحكومات" الإسرائيلية"، بقاء وسقوطاً، كما يحصل الآن مع حكومة نتنياهو.
يبدو أن شهر رمضان هذا العام سيكون ساخناً، حيث العدوان مستمر ومتواصل على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني – 48 -، فبن غفير يعلن وبموافقة نتنياهو وقيادات الشرطة، بأنه سيتم فرض قيود على المصلين في الأقصى في شهر رمضان المبارك، وهذه القيود التي سيجري تنفيذها وتطبيقها تحت حجج وذرائع الأمن، أعتقد بأنه لا أساس لها، حيث قال رئيس وزراء الإحتلال السابق لبيد بأنها حجج سخيفة، وكذلك المستشارة القضائية للحكومة غالي بيهاراف ميارا، قالت بأن هذه القيود لا داعي لها ومضرة.
الأسباب الحقيقة لهذه القيود، يمكننا القول بأنها تحمل أبعاداً سياسية لها علاقة بالسيادة والسيطرة على المدينة، وعلى المشهد الذي سيكون حاضراً من خلال وجود أكثر من ربع مليون مصل في الأقصى أيام الجمعة وليلة القدر، مشهد يقول بعروبة وإسلامية هذه المدينة بكل تفاصيلها وعناوينها، فهذا المشهد المعبر عنه بحشود بشرية في الأقصى وفي اسواق المدينة وأزقتها وشوارعها، يلغي المزاعم " الإسرائيلية" بأن القدس موحدة وعاصمة لـ" اسرائيل"، حيث انه ومقابل هذا الحشد والطوفان البشري، نجد عسكرة شاملة للمدينة، آلاف الجنود ورجال الشرطة ووحدات المستعربين والحواجز الشرطية الثابتة والمتحركة والسواتر والحواجز الحديدية والمكعبات الإسمنتية على مداخل القرى والبلدات المقدسية واغلاق المداخل والحواجز المحيطة بالقدس، عدا عن عمليات القمع والتنكيل والتفتيشات المذلة الماسة بكرامة الناس وخصوصية أجسادهم.
اجراءات وقيود الإحتلال ضد المصلين وفرض القيود على الأقصى وعلى مدينة القدس، ستدفع نحو التصعيد وإنفجار الأوضاع، بما يتعدى جغرافيا القدس، وهذا الإنفجار سيطال كل الساحات الفلسطينية، من الضفة الغربية، الى الداخل الفلسطيني- 48 – وقطاع غزة، وسيخلق تطورا في الفعل الشعبي العربي والإسلامي، وقد يخرجه من محدوديته ونخبويته، وكذلك هذه القيود "الإسرائيلية" ستزيد من إحراج الأنظمة العربية من دول النظام الرسمي العربي واحلاف التطبيع وما يعرف بالسلام "الإبراهيمي"، التي عرتها معركة 7 أكتوبر، وكشفت عن تواطئها مع دولة الإحتلال في الحرب العدوانية المستمرة على قطاع غزة، ولذلك ربما انها ولكي تبيض صفحتها وتمنع عريها الكامل والمفضوح، قد تُقدم على اتخاذ خطوات تخفف من حالة الإحتقان والغضب الشعبي ضدها وضد مواقفها وسياساتها، وخاصة إذا ما توسعت دائرة الحرب نحو المنطقة والإقليم.
يبدو ان بن غفير وغالانت ونتنياهو وسموتريتش، قرروا زيادة لهيب الحريق في المنطقة وإشعالها من بوابات القيود على المصلين في شهر رمضان المبارك.