نسمع جعجعًة ولا نرى طحنًا

فبراير 22, 2024 - 15:38
نسمع جعجعًة ولا نرى طحنًا

قد يستفز البعض ما سأقول، بل وربما يصل بهم الأمر حد التخوين، لكن هل من رجل رشيد ذي عقل حصيف يقرأ المشهد ببعض من عقلانية وموضوعية؟


ربما كان رهان الفلسطيني على جهات بعينها محسوبة على الفعل المقاوم رهانًا خاسرًا، أقول ربما، وربما لتلك الجهات حساباتها التي لا تتسق ولا تتساوق مع حسابات الفلسطيني ولا تملك من أمرها ما يؤهلها لاستقلالية قرارها وسيادة الفعل على الأرض، وبالتالي ليس من حق هذه الجهات كائنة من كانت أن تصدّر لنا خطاباتها الحماسية الواعدة بحيفا وما بعد بعد حيفا، لتقع في إشكالية التناقض بين الشعار والممارسة.


ولعل هذه الجهات تدرك تمامًاً أن أي خطوة قد تقدم عليها تورطها بما لا تستطيع أو تقدر، إضافة لتحَسُّبها من التورط بحرب إقليمية لكأن الاحتلال لم يطلق أبواق تهديداته على مستوى الإقليم ولم يقدم على قصف أكثر من جبهة في المنطقة سواء بآلاته الحربية أم بالوكالة كما قصف اليمن وسوريا.


تحدث السيد قبيل يومين عن العبر! واستعرض كل ما لنا به علم مهددًا ومتوعدًا وأن يده ستصل إلى إيلات عطفًا على تهديدات سابقة تطال حيفا وما بعد بعد حيفا أو كما قال.


في محاولة للتركيز على ما ورد في خطاب السيد وإدراك ما وراء الكلام يستحضرنا قول المبدع محمود درويش: "فلا وراء ولا أمام ولا شمال ولا جنوب". لقد كرر المكرر واستعرض الصورة - الحدث كما نتابعه تمامًا على معظم الفضائيات التي تغطي المقتلة في غزة والعدوان على جنوب لبنان علمًا بأن العدوان مستمرٌ وعلى مدار الساعة مستبيحًا الضفة الفلسطينية مدنًا وبلداتٍ وقرى بجنوده ومستوطنيه ويعمل فيها قتلًا وترهيبًا وتدميرًا وسرقة ومصادرة، استعرض السيد الحدث دون الخوض في العمق مدينًا استهداف العدوان الإسرائيلي المدنيين في كفر كلا والحولة والقنطرة والصوانة والنبطية، وهدد بأن العدو سيدفع دماءً وأن قواعد الاشتباك ثابتةٌ وسوف تثبت. وعلى رأي إخواننا المصريين "حلو الكلام!" لكن ما مدى التطبيق على أرض المعركة ووعده بإسناد غزة المقتلة؟


كرر السيد القول: إن غزة ستخرج منتصرة، لئن كان وما يزال وسيبقى هذا يقيننا نحن الفلسطينيون ويقين كل حر مارس أضعف إيمانه انتصارًا لعدالة قضيتنا ووقف في وجه العدوان الإسرائيلي الأمريكي في ميادين وشوارع مدن العالم مدينًا ومستنكرًا ورافضًا العدوان ولا إنسانية الاحتلال بأن غزة ستنتصر، فلا يعوزنا من يذكرنا بحتمية النصر وتعزيز قناعتنا به.


نعلم علم اليقين بأنه ورغم شلالات الدم المسفوح أمام أعين العالم ومسمعه وأن فلسطيننا مكلومة حد العظم وأن غزة – المقتلة جريمة إبادة وتطهير عرقي اقترفه أبشع احتلال إحلالي في التاريخ المعاصر، نعلم ويعلم العالم الحر بأن الاحتلال إلى زوال، وأن تداعيات السابع من أكتوبر لم تكن وفق حسابات صانع قرار الهجوم واختراق جدار (جابوتنسكي) الأكثر تحصينًا في يوم يسجل في تاريخ المقاومة الفلسطينية بأحرف من فخار، نعم لم يكن ذلك وفق حساباته فقد أدلى بهذا المحلل السياسي الفلسطيني والأسير المحرر عصمت منصور لشبكة "سكاي نيوز" (الجمعة 16 فبراير 2024) "بأن حسابات المقاومة لم تَسِر كما هو مخطط لها، وكان رد فعل الإسرائيليين خارجًا عن السيطرة، بل إن السنوار لم يتوقع أن تؤدي العملية إلى تعقيد الأمور لهذا الحد من الخطورة، الأمر الذي أعطى إسرائيل الأعذار لخرق كل القواعد". 

وأضاف منصور: "أن السنوار لو كان يعرف بعواقب الهجوم لما خطط أبدًا لهذه العملية"، انتهى الاقتباس.


لقد أبدى بعض العارفين تخوفًا منذ بدء العدوان من أن تتدحرج كرة نار العدوان لتأتي علينا وبالًا ودمارًا شاملًا تمامًا كما يحدث الآن، فما بال البعض وممن هم خارج فلسطيننا يرددون بأن (الـ..حركة) ما زالت بخيرٍ وعافية! أولئك هم من ينطبق عليهم المثل: (من كثرة الشجر لا يرون الغابة).


إيماننا بحقنا المطلق في المقاومة بكافة أشكالها، وبحتمية النصر، إيمان في شرف القلب ويقينه لا يتزعزع ولا يُنتقص.