القمة التركية الإيرانية
ما يربطنا مع تركيا وإيران عوامل عديدة تفرض نفسها علينا، الجيرة، التاريخ، الدين، لا نستطيع التهرب منها، أو القفز عنها ، أو تجاوزها ، فهي عبر التاريخ مليئة بالاندماج والتعارض، بالتفاهم والتصادم ، وإلا كيف استطاعت رسالة الإسلام وليدة الجزيرة العربية، لأن تسود وتنتصر لدى شعبي البلدين الكبيرين، بل وأن يمثلا مدرستا الاسلام السياسي والمذهبي الابرز .
لا شك أن من يحكم طهران وأنقرة لديهما تطلعات من الطموح والحضور، سواء باتجاه أوساط أسیا، أو باتجاه العالم العربي، وأن تنافسهما لم يقف عائقا أمام رجحان كفة التفاهم والتقارب، بدلاً من التصادم، خاصة مع وجود تعارض وتصادم روسي صيني من طرف، والولايات المتحدة وأدواتها من طرف آخر، وتعرفان جيداً أن موسكو وبكين تعملان لإلغاء هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، واستعادة مكانتهما الدولية، وانهاء التفرد الأميركي بالمشهد السياسي الدولي وتفردها منذ عام 1990،مع نهاية الحرب الباردة.
صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وصمود المقاومة في مواجهة الاحتلال، بل وقدرتها على توجيه ضربات موجعة لقوات المستعمرة، بدءاً من مبادرة 7 اكتوبر الهجومية وتداعياتها إضافة نوعية للتراكم المتوازن الذي يجتاح الوضع الدولي في تغيير موازين القوى، وخلخلت مكانة التحالف الأميركي البريطاني الاسرائيلي لصالح القوى الصاعدة نحو المزيد من الحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي، والتحرر من الهيمنة الأميركية ونفوذ أدواتها ومنها وفي طليعتها المستعمرة الاسرائيلية.
من هنا تبرز أهمية العوامل الثلاثة المستجدة في منطقنا :
أولها : التفاهم الايراني السعودي برعاية صينية . وثانيها: القمة الإيرانية التركية.
وثالثها : معركة 7 اكتوبر وتداعياتها الميدانية على الأرض، وجلب المستعمرة الاسرائيلية من قبل جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية، وجلبها لمحكمة الجنايات الدولية من قبل اطراف صديقة عديدة.
ومن العرب من لا يأخذ ذلك بعين الاعتبار، ونتائج وتداعيات هذه العوامل المستجدة التي تشير الى مسار السياسة الاقليمية والدولية، يبقى أسيراً للعوامل السابقة المحبطة، التي أدت الى جموح التطرف الإسرائيلي، وفرض التطبيع العربي مع المستعمرة، وإنحسار الحضور العربي وتراجع تماسكه، وغياب تأثيره.
يقود الأردن رأس الحربة السياسية، عربيا ودولياً من أجل فلسطين، ولهذا سرّبت حكومة المستعمرة توجهاتها لالغاء اتفاقية الماء، رداً على عاملين أساسيين أولهما إنهاء الأردن لملاحق معاهدة وادي عربة نحو الباقورة في الشمال والغُمر في الجنوب ، وثانيهما الاستنفار الأردني والجهد المتواصل من قبل رأس الدولة جلالة الملك ووزير الخارجية على الصعيدين العربي والدولي لصالح فلسطين ضد سياسات المستعمرة وحربها المجنونة المتطرفة الفاشية ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة .
نقرأ جيداً تطورات الوضع الاقليمي والدولي، وهذا ما يحمي بلدنا، لعله يكون في المكانة التي يستحقها، ويعود بالخير والفضل على وضع شعبنا الاقتصادي والاجتماعي .