بالون إسرائيل أوشك على الإنفجار

يناير 9, 2024 - 16:53
بالون إسرائيل أوشك على الإنفجار

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزه ودخوله الشهر الرابع ، وفى ظل فشل ذريع لتحقيق إنتصار عسكري ملموس يمكن لجيش ودولة الإحتلال الافتخار به سوى قتل الأطفال والشيوخ والنساء، يعاني الداخل الإسرائيلي فى صمت شديد من العديد من المشكلات والأزمات المؤلمة أيضًا، وسط حالة ممنهجة من التعتيم والصمت الإعلامي غير المسبوق، وبات الوضع أكثر تأزما كبالون ممتلئ بالهواء قابل للإنفجار فى أي وقت.


فالصراعات والخلافات والمناكفات بين جميع عناصر الحلبة السياسية والعسكرية تتزايد يومًا بعد يوم، وكل طرف يوجه لكماته للطرف الأخر دون إسقاطة أرضًا لحين تدق ساعة الحسم. فها هو الوضع فى إسرائيل باختصار حرب على الجبهة الخارجية فى قطاع غزة تفتقر للتخطيط والدقة والإنجاز، وحرب داخلية مستعرة تتزايد نارها يومًا بعد يوم بين وزراء حكومة اليمين المتطرفة، برئاسة بنيامين نتنياهو، وبين القادة العسكريين من جهة، وصراع آخر أكثر إحتداما، بين القيادة العسكرية الإسرائيلية وإن كان يتم على نار هادئة .


فمع مرور عام على حكومة نتنياهو، تلك الحكومة التي وصفت بالأكثر تطرفًا فى العالم، والحائزة بأقوالها وأفعالها على جائزة الأوسكار فى التطرف والعنف والعنصرية، مازال المجتمع الإسرائيلي يدفع ثمن إختيار تلك الحكومة التي تضم نخبة من قطعان المستوطنين والصهيونية الدينية المتطرفة أمثال إيتمار بن جفير وبتسلائيل سيموترتش، والذين نجحوا بإقتدار فى قيادة هذا المجتمع نحو الهاوية الحقيقية، واستعادة أفكار نهاية إسرائيل وتصدرها المشهد السياسي الإسرائيلي، للمرة الأولى من استزراع هذا الكيان على أرض فلسطين.


نتنياهو صاحب التاريخ السياسي الكبير والموصوف فى بعض الأدبيات الصهيونية بأنه ملك إسرائيل، فى إشارة لقوته السياسية، أصبح ، بل أمس هذا التاريخ فى مهب الريح بعد أن وضع رأسه تحت قدمى اليمين المتطرف، الذي ورطه فى أزمات متتالية، وأغرقه فى دوامة من المعضلات السياسية بداية من الإصلاحات القضائية، ومعاركة مع المجتمع اليساري فى إسرائيل، مرورًا بممارسات قطعان المستوطنين فى الضفة الغربية والصدمات المستمرة وانتهاكات اليمين المتطرف للمسجد الاقصى المبارك، وختامًا بالحرب على قطاع غزة.


لقد شعر اليمين المتطرف فى إسرائيل برعاية نتنياهو وحزب الليكود الذي يصنف بأنه من فئة أحزاب يمين الوسط، بأنه فوق المحاسبة، وأن قوته البرلمانية تمنحه الضوء الأخضر لفعل ما يحلو له، إلى أن بلغ الأمر ذروته خلال حرب غزة ودخول ممثلي هذا التيار فى صدام مباشر من النقطة صفر مع قيادات الجيش الإسرائيلي، ولأول مرة خلال مسار أحداث الحرب، بتم توجيه الانتقادات المباشرة لوزير الدفاع يؤاف جالانت ورئيس أركان جيش الاحتلال وقيادات أجهزة المخابرات حول سير المعركة فى غزة والفشل المخابراتي الذريع، مما جعل العسكريين فى حالة توتر أكثر ، إنعكست من خلال أمرين هامين، الأول : العشوائية فى إدارة الحرب على غزة والتدمير غير المحسوب، فقط لإرضاء هذا القطاع المتطرف، والثاني : الصراعات داخل المنظومة العسكرية ذاتها والخلافات العلنية بين قادة الجيش أنفسهم، والصدامات بينهم، لا سيما التصريحات المتضاربة بين وزير الحرب ورئيس أركان جيش الاحتلال.


فقد بات الوضع فى الداخل الإسرائيلي الجميع يتهم الجميع، ويزداد الوضع سوءًا كلما ظل صمود الشعب الفلسطيني فى غزة شامخًا ، وحينما تتوقف أصوات المدافع ويعود جيش الإحتلال لثكناته، ستحين لحظة الحسم الحقيقية وستطال الإتهامات والمسئولية الجميع عن الفشل الذريع فى قطاع غزة، خاصة فى حال بقاء حماس- وهو أمر متوقع- وكما هو شائع فى العامية المصري ( سيفرشون الملاية لبعضهم ) أي سيفضحون بعضهم البعض، ويكيلوا لبعض الإتهامات، لتبييض وجوههم العابسة ليسقطوا جميعا فى مزبلة التاريخ لما اقترفوه من أبشع الجرائم فى قطاع غزة، وستظل وجوه الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ تطاردهم أينما حلوا ، وسيأتي اليوم الذى ستنفجر فى بالون إسرائيل لتحترق من الداخل وتكون النهاية المأمولة وشيكة.