تداعيات أكتوبر الإسرائيلية
حينما يصف بيني غانتس بمكانته وخبراته، معركة 7 أكتوبر وتداعياتها على أنها "معركة البقاء الثانية" للمستعمرة، فهذا دال على أهميتها، وحينما يسعى الثنائي بن غفير وسموترتش ومعهما نتنياهو لجعل تداعيات 7 أكتوبر لتكون النكبة الثانية للشعب الفلسطيني، فهذا دال على خطورتها، وتؤكد هذه الحصيلة : حجم وتناقض وحدة الصراع بين المشروعين غير المكتملين: 1- المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، 2- في مواجهة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني.
محطات مركزية سجلتها الوقائع خلال مسيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهي :
1- معركة الكرامة عام 1968 التي شكلت البداية الجماهيرية لولادة الثورة الفلسطينية وتحققت بفعل الشراكة مع الجيش العربي الأردني.
2- الانتفاضة الأولى عام 1987، التي سجلت على انها بداية النضال العملي السوي الطبيعي للثورة الفلسطينية داخل فلسطين .
3- الانتفاضة الثانية عام 2000 وأثرها البالغ في رحيل الاحتلال عن قطاع غزة.
4- معركة 7 أكتوبر وتداعياتها التي ما زالت مفتوحة على كافة الاحتمالات.
مظاهر الانقسام بدت واضحة علنية بين مؤسستي المستعمرة:
أولاً: المؤسسة السياسية الحزبية برئاسة نتنياهو وبن غفير وسموترتش من طرف، وثانياً المؤسسة العسكرية والأمنية برئاسة هيرتسي هليفي رئيس أركان الجيش، وأهارون حاليفا رئيس الاستخبارات العسكرية أمان، وديفيد برنياع رئيس جهاز المخابرات الخارجية الموساد، ورونين بار رئيس جهاز المخابرات الداخلية الشاباك، من طرف آخر، وذلك على أثر تشكيل لجنة تحقيق عسكرية برئاسة شاؤول موفاز قائد جيش الاحتلال الأسبق، بشأن الإخفاق والفشل الاستخباري والعسكري لمعركة 7 أكتوبر وتداعياتها في فشل الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة من تحقيق أهداف الاجتياح الثلاثة: 1- قتل وتصفية واعتقال قيادات حركتي حماس والجهاد، 2- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، 3- طرد وتشريد وترحيل أهالي قطاع غزة إلى سيناء.
الجيش والمؤسسة الأمنية يعتبروا أن ما حققوه عبر القصف والاجتياح من قتل المدنيين وتدمير المنشآت المدنية من عمارات وأبنية وبيوت، ومدارس ومستشفيات ومخابز، جعل قطاع غزة غير مؤهل للحياة والسكن، وهي نقلة نوعية مدمرة، مع استمرارية القصف والحرب بأشكال أخرى انتقائية، فرضت الإنسحاب الإسرائيلي باتجاه التمركز والتجمع والاستهداف الانتقائي، بمعنى آخر وجهوا ضربة موجعة للفلسطينيين وثأروا للاسرائيليين، بينما ترى المؤسسة السياسية أن هذا غير كاف ويتطلب مواصلة احتلال قطاع غزة بالكامل، بل يذهب بن غفير وسموترتش إلى إعادة بناء المستوطنات التي أزالها شارون عام 2005 بفعل الانتفاضة الثانية.
نتنياهو وفريقه الائتلافي الحكومي، يبحث عن تحقيق إنجازات عملية قبل إنهاء معركة غزة، لأن النتائج كما هي للآن هي عنوان للهزيمة والإخفاق سيدفع ثمنها هو ومن معه، بتحمل المسؤولية، ستؤدي بالتأكيد إلى إنهاء حياته السياسية كما حصل مع جولدا مائير عام 1973، ومناحيم بيغن عام 1982.
نتنياهو يسعى لتوسيع شكل وحجم المعركة في غزة وخارج فلسطين، بهدف خلط الأوراق الصدامية، وتوريط الأميركيين الذين لا يرغبون بتوسيع حالة الحرب في المنطقة العربية: فلسطين، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، مترافقة مع الحرب في أوكرانيا ضد روسيا.
اغتيال صالح العاروري في لبنان وفي الضاحية الجنوبية من بيروت حيث مركز حزب الله، خرق اتفاقات التهدئة ووقف إطلاق النار منذ عام 2006 بين لبنان والمستعمرة، وهي تجاوز للخطوط الحمر وكسر لقوة الردع المتبادل بين الطرفين، وهذا ما دفع الشيخ حسن نصر الله لأن يقول عن جريمة اغتيال العاروري:
"جريمة كبيرة وخطيرة، لا يمكن السكوت عليها، والأمر لا يحتاج إلى الكثير من الكلام، وكما قلنا في بيان حزب الله، هذه الجريمة الخطيرة لن تبقى دون رد وعقاب، وبيننا وبين المستعمرة الميدان والأيام والليالي".