حيث النجاح والفشل
عيسى دياب
حيث النجاح والفشل
في رواية قيل فيها أن رجلاً قتل ٩٩ نفساً ثم سعى للتوبة وقيل له أن يرحل قاصداً عالماً في مكان بعيد وأتاه الموت في منتصف الطريق، فقاست الملائكة بأمر العلي المسافة بين مكان إنطلاقه والمكان المقصود فثبت أنه كان أقرب إلى المكان المقصود للتوبة فغفر الله له، الإيمان بالفرص!
هذه الحياة الدنيا هي لعب ولهو وتفاخر والعاقبة لمن أمن وأتقى والنتيجة "فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم إقرءوا كتابية، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابية، الأول يريد أن يُشهر أعماله للجميع غبطةً وفخرا، والثاني يتمنى لو لم يكن هذا الكتاب موجود أصلاً لخيبته وفضائحه! الرابح والخاسر.
سنة الله الفوز والخسارة، البشرى والخيبة، إن قيامة الإنسان والمجتمع مبنية على الربح والخسارة ولا تعني مطلقاً أن الربح يكون كاملاً شاملاً مطلقاً بل يتراكم ويعظُم والخسارة معطوفةً بتضيع الفرص وتراكمها، الأعمال في الدنيا إن كانت إقتصادية وسياسية وحتى إجتماعية رهينة على فكر الإنسان بنتائجها فالذي لا يرى غيره يخسر والذي يتعامل مع غيره يربح وهذه إستراتيجية ترامب في حياته الإقتصادية وعقيدة إدارته السياسية، ترامب ليس رابح دائم بل راكم الأرباح وتعلم من خساراته أما من يريد أن يفوز الفوز المبين فيراكم خيباته في طريق زواله وماذا لو إستثمر الأرباح البسيطة على مدى عقود؟
التقسيم كان أفضل وأوفر ونقطة إنطلاق، والوحدة كانت أفضل وأوفر في بداية تسعينات القرن الماضي وكانت منقذة بعد ٢٠٠٨، هذه الفرص أتت غالباً لتكون أرباحاً قليلة مبشرة بتراكمها لتكبر وتعظم وهدرها وتراكم خسارتها قلص الفرص وأهدر المقومات وسحق الإنسان نفسه.
إذا كانت نتيجة الأخرة عند الواحد الخلاق إما فوزاً وإما خسارة فلما لا يعقل عبد في قياس قدراته وتقبل قدرات غيره في التجارة والسياسة والعسكر ليربح الممكن ولا يخسره وليبني على ربحه واقعاً جديداً يؤسس لأرباح أكثر؟
أما وقد فات الأوان لأن عبد فقد أمواله وبيته وأهله فقد تكون هذه الرسالة لإخيه او إبنه.
تذكر أن الله قادر على أن يغير مسار معركة أحد ولكن حكمته في التعليم والتدبير في خسارة المعركة لتكون مدرسة عسكرية و الله قادر على محو قريش وحكمته في مدرسة التفاوض والمواثيق والعهود وحكمته العلية أن جعلنا قبائل لنتعارف ولن تكون سوى رحمة الإسلام رسالة طمأنينة لقلوب الأنسانية ولو رفضها أصحاب المصالح.
صحيح أنني أعيش في زمن سجل الأحداث وتواريخها ما يكشف ويضفي نوعاً من العلم على قراري إلا أنني أتوكل على أمر الله بأنه جعلنا أمة وسطا! وهذا يعني أن نكون المحور بذاته لا أن نكون على الأطراف، وبهدى الله وعدله الذي أتانا نكون حكماً نزيها لكل الأطارف ونكون ممن نصنع الفرص لا هادريها.
عيسى دياب





