قريبًا من عيد الميلاد

بهاء رحال

نوفمبر 27, 2025 - 09:06
قريبًا من عيد الميلاد

بهاء رحال

بيت لحم هذا العام تُصِرّ على الحياة، ومثل مدينةٍ تَئِنّ حُزنًا تقومُ ثانيةً لتزين شجرة العيد، وتعلن أن الميلاد في أرض الميلاد هو الحقيقة الراسخة، وهو النور الذي نأوي إليه، وهو الملاذ الذي تطمئنّ له القلوبُ المعذَّبة، ليعمّ السلام وتنعمَ البشريةُ بالاستقرار والطمأنينة، وينتشر العدل بين الناس الذين عانوا وعاشوا ويلات الحروب والخراب وفقدان الأمل.
لحظةٌ تستعيد فيها بيت لحم عافيتها، تحبس في صدرها الحزن على كل ما مضى، وتخبئ خلف شبابيك بيوتها دمعها ووجعها، وهي تقوم ثانيةً لتبعث الأمل لكل القلوب المتعبة، تُصلّي لغزة وسائر البلاد، وتدعو الخلاص للبشرية من كل الطغاة والقتلة والمجرمين.
لحظةٌ تنهض فيها بيت لحم لتبعث بنور البشارة، رغم الجدار الذي يحاول عزلها وهو يطوّقها من كل الجهات، ورغم الجنود المدجَّجين بالعتاد والسلاح، ورغم الجراح التي تسكنها بفعل ما يعيشه كل الفلسطينيين من حرب وقتل وقهر، ورغم غياب الضحكة عن وجه المدينة وقد لفّها الحزن، إلّا أنها تتماسك لتقيم طقسَ العيد الباعث للأمل.
لحظةٌ ترفع فيها بيت لحم صوتها بالصلاة والدعاء، وفي شوارعها تسمع صدى خطوات الحجيج الذين ساروا في طرقها، وتحفظ رسم ضحكات الصغار  في أحيائها، وتبقى مسكونة بالأمل، ووهج النور، وسر الخلاص. هي لحظة فارقة في تجلياتها، وفي معانيها التي تطوف بالقلوب لتعيد لها نبض الحياة، وتغمرها بالأمل.
لحظةٌ تلبس فيها بيت لحم حلة العيد بكل ما فيها من حزن، لتفتح أملًا للحياة، وترفع شعار الانتصار في وجه القتل والموت، وهي تبعث للعالم رسالة شعب يتوق للحرية والسلام، وللخلاص من الاحتلال الجاثم على أرضنا وعمرنا وهوائنا وتحت سمائنا.
وفي هذه الأيام تتحضّر بيت لحم لاستقبال الأعياد المجيدة بملء الشجاعة، لأن الميلاد مقاومة وثورة على الشر والكراهية، ولأن الاحتفال صلاةٌ ورجاء، ودعواتٌ تصعد من القلوب الصادقة، ليعمّ السلامُ بنور الخلاص، ويزول الظلام، وتُبعث الحياةُ ثانيةً، وتعود الضحكة ترتسم على وجوه أطفال غزة وبقية الأطفال الذين يستحقون الغد الأفضل والمستقبل السعيد.