استطلاع يكشف توسع التفكير بالهجرة داخل الاحتلال الإسرائيلي.. العلمانيون في الصدارة
كشف الصحفي الإسرائيلي سامي بيرتس٬ في مقال نشره في صحيفة "هآرتس/ ذي مارك" الإسرائيلية٬ عن معطيات جديدة تشير إلى اتساع دائرة الإسرائيليين الذين يفكرون في مغادرة البلاد، في مقابل تراجع كبير في هذه النزعة داخل المجتمع الحريدي، رغم الضغوط الشديدة التي يتعرض لها هذا المجتمع منذ بداية الحرب، وخاصة في ما يتعلق بتجنيد شبابه في الجيش.
وبرغم الضجيج الإعلامي والتهديدات التي أطلقها قادة حريديم، وعلى رأسهم الحاخام الأكبر السابق إسحق يوسف بشأن احتمال مغادرة البلاد، إلا أن الواقع مختلف تماما، إذ تظهر الأرقام أن نسبة قليلة جدا من الحريديم تفكر فعلا في الرحيل.
ووفقا لنتائج استطلاع حديث أجراه مركز "فيتربي" لأبحاث الرأي العام والسياسة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، فإن 3 في المئة فقط من الحريديم يفكرون بالهجرة، وهي أقل نسبة بين مختلف الفئات الاجتماعية.
وتبلغ نسبة العلمانيين الذين يفكرون بالمغادرة 39 في المئة، وهي الأعلى على الإطلاق، بينما يعبر 24 في المئة من التقليديين غير المتدينين عن رغبة مشابهة، مقابل 19 في المئة من التقليديين المتدينين، و14 في المئة من المتدينين.
وعلى مستوى القومية، يظهر أن 30 في المئة من العرب يفكرون بالمغادرة، مقابل 26 في المئة من اليهود، في حين تتقلص نسبة من يفكرون بالمغادرة بجدية إلى 9 في المئة بين العرب و6 في المئة بين اليهود.
ويشير بيرتس إلى أن خطاب الهجرة الذي تصاعد منذ محاولة الانقلاب القضائي في كانون الثاني/ يناير 2023 لم يعد مجرد شعور عام، بل تحول إلى توجه ملموس تدعمه الأرقام الرسمية.
فقد أظهرت بيانات المكتب المركزي للإحصاء أن 143 ألف إسرائيلي غادروا البلاد بين عامي 2023 و2024، فيما غادر نحو 200 ألف شخص منذ تشكيل الحكومة الحالية، عاد منهم ما يقرب من 69 ألفا.
ومع ذلك، لم يقدم المكتب بيانات واضحة حول هويات المغادرين أو خصائصهم الديمغرافية، ولا بشأن نوايا أولئك الذين يفكرون بالهجرة دون تنفيذها حتى الآن.
وتكشف نتائج الاستطلاع، الذي شمل 720 يهوديا و187 عربياً، أن التفكير بالهجرة أكثر حضورا لدى الفئات الشابة، والعلمانيين، وأصحاب الدخل المرتفع، وذوي التعليم الأكاديمي، إلى جانب المهنيين العاملين في القطاعات القابلة للحركة مثل التقنية والطب والقطاع المالي.
وتظهر المعطيات أن 29 في المئة من اليهود الحاصلين على تعليم أكاديمي يفكرون بالمغادرة، بينما ترتفع النسبة بين العرب إلى 38 في المئة، مقارنة بـ22 في المئة بين من لا يملكون تعليما عاليا في كلا المجتمعين.
ورغم أن أصحاب الدخل والتعليم العالي يبرزون بوضوح في قائمة الراغبين في المغادرة، إلا أن تكلفة المعيشة تبقى العامل الأكثر تأثيرا في المجتمع اليهودي، يليها القلق على مستقبل الأولاد، والوضع الأمني خلال الحرب، ثم الوضع السياسي وطبيعة الحكومة، إضافة إلى الشعور بعدم المساواة في تحمل العبء العسكري.
أما الاغتراب الثقافي فيحتل مرتبة متأخرة في سلم الدوافع، بينما يتصدر القلق على مستقبل الأولاد قائمة أسباب الرغبة في المغادرة بين العرب، يليه غلاء المعيشة.
وفي المقابل، تظهر نتائج الاستطلاع أن من لا يفكرون في مغادرة البلاد يستندون إلى دوافع مختلفة تماما، أبرزها الرغبة في البقاء قرب عائلاتهم، وتربية أولادهم كإسرائيليين، والشعور بالأمان المتبادل داخل الاحتلال الإسرائيلي، في حين يبدو أن صعوبة التكيف في دول أخرى هي آخر ما يشغلهم.
ويكشف الاستطلاع أيضا مفاجأة تتعلق بالوجهات التي يفضلها من يخططون للمغادرة، إذ يفضل اليهود والعرب على حد سواء الانتقال إلى دول أوروبية بنسبة تفوق بكثير التوجه نحو الولايات المتحدة أو كندا.
ويرجح بيرتس أن يكون حمل الكثير من الإسرائيليين لجنسيات أوروبية عاملا مهما في هذا الميل.
وقد أجري الاستطلاع بإشراف الدكتور ليئور يوحناني والبروفيسور تمار هيرمان وإينا أورلي سابوجنيكوف، بينما تولى التحليل الإحصائي كل من يارون كابلان وماكسيم كابلان.





