القوة الأخلاقية في كتاب انا والطبيب والحياة (4)

محمد قاروط أبو رحمه

أكتوبر 25, 2025 - 19:23
القوة الأخلاقية في كتاب انا والطبيب والحياة (4)

القوة الأخلاقية في كتاب انا والطبيب والحياة (4)

محمد قاروط أبو رحمه

ردا على سؤال وصلني من أحد القراء. 

السؤال: هل يمكننا أن نتعلم قوة الاخلاق من هذا الكتاب "انا والطبيب والحياة" من خلال المواقف، وليس من الخطب؟ او كيف تظهر قوة الاخلاق في التصرف؟

(الملخص: جعل الله الانسان كائن معرفي، وأودع فيه الإرادة الحرة، والقدرة على الاختيار. هذه الثلاثية التي يتمتع بها الانسان وحده دون خلق الله اجمعين، جعلته كائن أخلاقي؛ ولان الانسان كائن أخلاقي، فإن القوة الأخلاقية في كتابنا "أنا والطبيب والحياة"، كانت احد ضوابط الكتابة، وهدف ايضا). 

والقوة الأخلاقية في هذا الإصدار كثيرة وموزعة بين النصوص، لأنها جزء مركزي من فكر الانسان. وقوة الأخلاق في هذا الاصدار ليست مجرد كلام ووعظ، بل قوة سلوكية ومجتمعية وتحررية، تعبّر عن:

فلسفة العدل، والحب، والاعتراف بالخطأ، واحترام الإنسان، وربط الأخلاق بالتنظيم والتحرير. 

ونحن نهدف من خلال إبراز اهمية القوة الأخلاقية سد الفجوات في:

غياب او ضعف "التربية السياسية الأخلاقية" في كثير من الخطابات المعاصرة.

توجيه الجيل الشاب نحو فكر نضالي أخلاقي.

والمساهمة في بناء شخصية مقاومة صادقة مع ذاتها والناس.

ولان ثلاثة قيم تظهر بالتجربة بين الناس، فانه تطويرها وتعديلها يلزمه ثلاثة أفعال وليس اقوال:

الاعتذار يلزمه التغيير.

والحب يلزمه العمل

والثقة يلزمها التجربة والبناء طويل النفس

القوة الأخلاقية في ثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ، كتبناها في ص 22؛23، تحت عنوان "الاستغفار والاعتذار" وبينا العلاقة أن الاستغفار لله لا يغني عن الاعتذار للناس، بل يشجعه. وان الاعتذار ليس ضعفا، بل شجاعة وكرامة. وبينا ان "ثقافة اعتذار الناس من الناس أهم من استغفار الناس من رب الناس" لان الله قد يتجاوز عن حقوقه والفرد لا يتجاوز عن حقوقه.

والقوة الأخلاقية هنا، الإعلاء من قيمة "الحق للناس"، وتكريس العدالة الاجتماعية بين الناس.

وفي ص 19، تحت عنوان "رسالة قصيرة أتعلم متى أقول لا" "لا تبادل السيئة بالسيئة" "ولا تجادل الجاهل والمغرور".

والقوة الأخلاقية هنا، الدعوة لضبط النفس، ورفض الوقوع في دائرة الكراهية والعدوان، ورفض الانتقام، التسامي الأخلاقي.

وفي ص 44؛45 اعتبرنا الحب كقيمة نضالية، من خلال "الحب وقوة الكلام من شيم الكرام". ونصف الحب بأنه طريق لتحرير الأوطان وبناء البيوت. ونكتب "وبالحب نهزم اللئيم".

والقوة الأخلاقية هنا، ان الحب لا يستخدم فقط في العلاقات الشخصية، بل يُقدّم كـ "سلاح نقيض للكراهية والقهر".

وفي ص 42، تحت عنوان "التواصل الإنساني المنتج" هو الإنصات، وضبط النقد، والتعاطف. وان النقد الجارح يعبر عن شخصية ضعيفة، والنقد الإيجابي احترام. وهذا جوهر الاحترام في التواصل.

والقوة الأخلاقية هنا في اعتبار ان التواصل ليس فقط مهارة، بل سلوك أخلاقي يقوم على الكرامة.

وفي الصفحة 25، تحت عنوان "أنت إنسان، جدد إنسانيتك"، نؤكد ان الإنسان جوهر الوجود، ولا إنسانية بدون التواضع والاعتراف بالضعف. هكذا نربط الإنسانية بالعدل والعمل لا بالشعارات. وهذا جوهر احترام الانسان وكرامته

والقوة الأخلاقية منا، ربط الأخلاق بالكرامة، لا بالمظهر الخارجي أو الشعارات.

في ص 46؛49، تحت عنوان "حتى لا تصبح مكب نفايات" نقد الأخلاق السلبية: الشكوى، التشكيك، نشر الفساد اللفظي، من خلال كتابة قصة شخص يرد التحية لبائع قهوة سيء الخلق، فيقول صاحب الخلق "أريد أن أعلّمه الأدب لا أن أتعلم منه قلة الأدب"

وهذا درس أخلاقي في مقاومة الفساد بالوعي والعمل لا بالانفعال والغضب.

والقوة الأخلاقية هنا، رفض أن يفسدك فساد غيرك بالعدوى، ومقاومة الفساد بالوعي الأخلاقي.

وفي الصفحات 30 و54، وتحت عنوان "التغيير من أجل الإصلاح"، وعنوان "صنّاع المشاهد”، القائد يجب أن يُقنع لا أن يفرض. ورفض الكذب، والغرور، والازدواجية. ابراز أهمية أخلاق الجماعة والقيادة والتنظيم

والقوة الأخلاقية هنا، تنظيم بلا أخلاق يؤدي الى الدمار. والأخلاق ضمان لبقاء التنظيم وفكر التحرر.

خلاصة:

يركز الكتاب على القوة الأخلاقية من خلال التأكيد على قيم التواضع: الاعتراف بالخطأ وقبول النقد، العدل: التمييز بين حق الله وحق الناس، والحب: كطريق للتحرير وبناء المجتمع، الاحترام: في التواصل والخطاب، والصبر والمسامحة: في السلوك والمواقف، والنزاهة: في العمل السياسي والتنظيمي، وجانب أخلاقي في صياغة النصوص. 

كتاب "انا والطبيب والحياة" صادر عن دار البيرق العربي للنشر والتوزيع، رام الله فلسطين، 2024، قدم له الأخ د. المتوكل طه وصدر له الاخ بكر أبو بكر.

الكتاب متوفر الكترونيا في موقع مكتبة نور الإلكترونية.