ليست أولى المحطات ولا آخرها

حمادة فراعنة

أكتوبر 21, 2025 - 09:51
ليست أولى المحطات ولا آخرها

يُدرك طرفا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، أن محطة 7 أكتوبر 2023، وتداعياتها، ليست أولى محطات الصدام، وليست نهايته ، بل هي محطة على الطريق الطويل، الذي لا بد وأن ينتهي إلى زوال الاحتلال، ونهاية المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، مهما بلغت التضحيات الفلسطينية، ومهما تقوت وتغولت القدرات الإسرائيلية.

لم يتمكن الفلسطيني من رمي الإسرائيلي إلى البحر، ولم يتمكن الإسرائيلي من رمي الفلسطيني إلى الصحراء، ولذلك تواصل الصراع، بالاستيراد الإسرائيلي والاستقواء بالقادمين المستعمرين الأجانب، ومن ولادات الأسر الفلسطينية وإنتاجهم الإنساني المحلي، أبناء الأرض والوطن، الذي لا وطن لهم غيره.

سيستمر الصراع طالما شعب فلسطين باق، صامد، لديه الاصرار على المواجهة، وتقديم التضحيات، وانتزاع حقه في الكرامة والحرية والاستقلال.

وسيستمر الصراع طالما بقي الظلم والاحتلال والاستعمار على أرض فلسطين، وطالما بقيت الصهيونية وأدواتها السياسية والدينية، مرجعية للإسرائيليين.

فشل نتنياهو وفريقه وجيشه المتفوق في إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها في قطاع غزة، رغم اغتياله لقيادات حماس خارج فلسطين: إسماعيل هنية وصلاح العاروري، وقياداتها من داخل فلسطين: يحيى السنوار ومحمد الضيف ومحمد السنوار، والعديد من القيادات والكوادر الوسطى، وقواعد دفعت أثماناً باهظة بالاستشهاد، وحصيلة ذلك أن المستعمرة رضخت للتوقيع مع حركة حماس على صفقة الرئيس الأميركي وخطته في وقف إطلاق النار.

كما فشلت في معرفة أماكن الأسرى الإسرائيليين، وإطلاق سراحهم بدون عملية تبادل، وتم إطلاق سراحهم بعد أن دفعت حكومة نتنياهو الثمن، مقابل إطلاق سراح أسراهم، بالرضوخ لإطلاق سراح الفلسطينيين من "المخربين الملطخة أياديهم بالدماء".

وزعت أجهزة المستعمرة فيلماً عن الأذى والقمع والمس بكرامة الأسرى الفلسطينيين من "المخربين" وتسأل كل واحد منهم ما هي جريمتك؟؟ ويجيب أنه قتل: عنصر من الشاباك، جندي من الجيش ، شرطي، إلقاء قنبلة ...الخ.

ولكن لو تغيرت الصورة، وتغير المشهد، وتغير السائل بدلاً من أن يكون إسرائيلياً، يكون فلسطينياً أو عربياً أو مسلماً أو مسيحياً، ماذا سيكون رد عناصر الجيش والشاباك والشرطة الإسرائيلية؟؟.

السؤال كم مدنياً فلسطينياً قتلت؟ كم إمرأة؟ كم طفل؟ كم شاب؟ كم منزل هدمت؟ كم جريمة تمادت عليها أياديك؟ أليست ملطخة بدماء الفلسطينيين؟؟ ليس من رجال المقاومة فقط، بل من المدنيين الفلسطينيين؟؟.

المقاومة في أرقى أفعالها، في "تطرفها" في "إجرامها" قتلت 1200 إسرائيلي يوم 7 أكتوبر، وأسرت 251 إسرائيلياً، منهم 90 ضابطاً وجنديا، والباقي من المدنيين، أليست هذه سقف الأفعال الفلسطينية؟؟ ولكن ماذا كان رد فعل المستعمرة الإسرائيلية؟؟ قتلت عشرات الآلاف من المدنيين، وأصابت وعطلت أكثر من ضعفهم، وجعلت قطاع غزة برمته لا يصلح للحياة الطبيعية لبني البشر.

تضامن العالم مع الإسرائيليين بسبب عملية 7 أكتوبر، بما فيهم أصدقاء حركة حماس: تركيا وقطر، ولكن العالم أجمع انقلب على المستعمرة الإسرائيلية بسبب جرائمها البشعة لما فعلته بعد السابع من أكتوبر بحق المدنيين الفلسطينيين، من بقي من دول العالم لم يشجب سلوك المستعمرة الإجرامي، بما فيهم الدول الصديقة لها في أوروبا: فرنسا، بريطانيا، بلجيكا، إيطاليا، امتداداً إلى كندا في أقصى الغرب واستراليا في أقصى الشرق، باستثناء حكومة الولايات المتحدة، وقفت كل شعوب الأرض متضامنين مع معاناة الشعب الفلسطيني، ومع تطلعاته في الحرية والاستقلال والكرامة.

تحول نوعي جوهري لصالح فلسطين وقضيتها وشرعية حقوقها ومطالبها، وهو تحول مطلوب الحفاظ عليه، وتطويره ليشكل روافع داعمة لفلسطين ونضال وتضحيات شعبها، وضاغطة على المستعمرة لعزلها ومحاكمتها وإدانتها كمشروع استعماري لا يملك فرص البقاء والاستمرارية لأنه يفتقد للشرعية ويتعارض مع قيم حقوق الإنسان.