والد شهيد ومعتقل و3 أسرى.. من هو الأسير جمال أبو الهيجا؟

أكتوبر 13, 2025 - 16:32
والد شهيد ومعتقل و3 أسرى.. من هو الأسير جمال أبو الهيجا؟

منذ 23 عاما، لم تعرف ساجدة جمال أبو الهيجا (28 عاما) من مخيم جنين شمال الضفة الغربية والدها إلا من خلف الزجاج البارد في غرف الزيارات، ومن حكايات تحفظها عن ظهر قلب.

وُلد أبو الهيجا، الذي هُجرت عائلته من قرية عين حوض قضاء حيفا عقب نكبة 1948، في مخيم جنين عام 1959، وتخرج من قسم اللغة العربية، وعمل معلما للعربية نحو 10 سنوات في السعودية واليمن قبل أن يعود إلى المخيم.

اعتُقل أبو الهيجا عدة مرات في سجون الاحتلال، ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005) واجتياح جنين عام 2002، كان أحد القادة العسكريين في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) واعتقله الاحتلال الإسرائيلي العام ذاته ووجهت له تهم قتل إسرائيليين في عمليات فدائية وقيادة كتائب القسام، وهو محكوم بـ9 مؤبدات.

لهذا الأسير القسامي 6 أبناء، منهم 3 ما زالوا في سجون الاحتلال (عاصم وعبد السلام) وعماد معتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بينما استُشهد ابنه حمزة عام 2014 وهو في الـ21 من عمره، إضافة إلى ابنتيه بنان أسيرة أيضا في سجون الاحتلال، وساجدة آخر من تبقى من أفراد العائلة بعد وفاة والدتها قبل أشهر.

تقول ساجدة: "آخر مرة رأيت فيها والدي كانت قبل 5 سنوات تقريبا، وبسبب الأوضاع، حتى المحامين لا يستطيعون دائما الوصول إليه".

وحين اقتحمت قوات الاحتلال منزل العائلة قبل أكثر من عقدين، كانت ساجدة طفلة لا تدرك ما يدور حولها، لكنها حفظت من تلك الليالي أصوات الجنود يفتشون البيت، وصدى الصراخ والضوء الباهت في الممرات الضيقة.

مرت السنوات وكبرت ساجدة بعيدا عن أبيها، لكنها تقول إن غيابه لم يمنعها من معرفته "ما عشناه معه قليل جدا، لكن حبنا له أقوى ممن عاشوا مع آبائهم، عرفناه من حكايات أمي، ومن صوته في المكالمات، ومن صبره وخوفه علينا".

لا يزال أبو الهيجا أحد أبرز وجوه جنين وأحد رموز الحركة الفلسطينية الأسيرة، في زنزانته التي تعاقبت عليها السنين، ولم تُضعف العزلة معنوياته، بل زادته صلابة.

يؤمن أبو الهيجا أن العلم شكل من أشكال المقاومة، وكان يحث أبنائه على التعليم.

وفي السجن، يُعامل أبو الهيجا كأبٍ ومرشدٍ، فرض احترامه حتى على إدارة المعتقل، ولم يُعرف عنه أنه أهان أحدا أو خضع.

اليوم، بينما يمر المخيم بأقسى أيامه بعد الدمار الواسع الذي لحق به جراء الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة، يتساءل كثيرون: كيف كان سيشعر أبو الهيجا لو رأى المكان الذي دافع عنه طوال عمره وقد مُسح عن وجه الأرض؟

ورغم طول الأسْر وغموض المآل، لا تزال عائلة أبو الهيجا تتمسك بخيط الأمل الرفيع الذي يشدها إلى احتمالات الحرية.