*من يؤخر صفقة وقف المذبحة في غزة؟*
أبو شريف رباح

*من يؤخر صفقة وقف المذبحة في غزة؟*
أبو شريف رباح
4\9\2025
تستمر مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بلا هوادة، فيما تتعثر المفاوضات الرامية إلى وقف الحرب المدمرة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وبينما يتقاذف الطرفين الاتهامات يبقى المدنيون الفلسطينيون من يدفعون ثمن انسداد الأفق السياسي والعسكري عبر المزيد من الشهداء والجرحى والنزوح والتجويع الممنهج تحت الحصار.
من جهة، تكرر إسرائيل روايتها بأن حركة حماس هي من يعرقل التوصل إلى اتفاق متهمة إياها بالمماطلة والتهرب من الالتزامات، وفي المقابل، تتهم حماس حكومة الاحتلال بالانقلاب على التفاهمات التي جرت بوساطات أميركية ومصرية وقطرية، والبحث الدائم عن ذرائع لتأجيل وإفشال أي اتفاق محتمل.
غير أن ما يلفت الانتباه هو إعلان حماس استعدادها لصفقة شاملة تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الحرب وفتح المعابر لإدخال المساعدات والبدء بمرحلة إعادة الإعمار، غير أن الحركة ورغم هذا الطرح ما زالت متمسكة بشرطها الأساسي المتمثل بتشكيل إدارة مستقلة من التكنوقراط لإدارة شؤون القطاع في وقت تؤكد فيه منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية أنهما صاحبتا الولاية الشرعية على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة وما زالتا تتحملان مسؤولياتهما تجاه أهل القطاع منذ ما قبل الانقسام وحتى اليوم.
في المقابل، يبدو أن إسرائيل تستخدم عامل الوقت وسلاح الاجتياحات الجزئية للضغط على حماس، فقد نفذت تهديداتها واجتياح جيشها أحياء واسعة من مدينة غزة مثل الدرج والصبرة والشيخ رضوان مهددة بإجتياح المدينة بالكامل إن لم توافق حماس على شروطها، هذه الشروط لا تقف عند حدود استعادة الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات فحسب، بل تمتد لتشمل تفكيك الجناح العسكري لحماس وتسليم سلاحها وحل حكومتها في غزة.
وبين هذه الشروط المتناقضة من الطرفين تتبدد فرص التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، فإسرائيل تريد فرض واقع جديد يعيد غزة إلى مربع السيطرة الأمنية والسياسية، فيما تسعى حماس إلى تكريس موقعها كفاعل سياسي وعسكري لا يمكن تجاوزه والتفكير منذ الآن في "اليوم التالي" للحرب.
الخلاصة أن من يدفع الثمن المباشر لهذا التجاذب هم أبناء غزة أنفسهم الذين يجدون أنفسهم بين فكي كماشة تعنت إسرائيلي يرفض أي تسوية لا تخدم أهدافه الأمنية والسياسية، وتمسك حمساوي بشروط يرى فيها كثيرون أولوية حزبية على حساب المصلحة الوطنية الجامعة، وفي ظل هذا المشهد تبقى الكرة في منتصف الملعب، ويستمر نزيف الدم الفلسطيني بانتظار لحظة نضج دولي أو إقليمي تفرض على الطرفين كلفة الاستمرار في الحرب وتفتح نافذة جدية نحو وقف المذبحة.