مقال في هآرتس: إسرائيل تخطط لاحتلال غزة لكنها لا تريد تحمّل مسؤولية قرارها

يرى تسفي برئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط، أن قرار إسرائيل باعتماد خيار الاحتلال الكامل لقطاع غزة يمثل تحولًا كبيرًا في مسار الحرب، حيث تم تهميش ملف الأسرى لصالح الهدف الأكبر المتمثل في القضاء على حكم حركة حماس.
القرار الذي أصدره المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) يوم الجمعة الماضي، حوّل هدف تحرير الأسرى إلى هدف هامشي، مما يعكس قناعة القيادة الإسرائيلية بأن السيطرة العسكرية المباشرة هي السبيل الوحيد لضمان عدم عودة حماس إلى السلطة.
يعتقد برئيل أن هذه السيطرة لن تقتصر على الشق الأمني، بل ستفرض على إسرائيل مسؤوليات قانونية وإنسانية واسعة بموجب القانون الدولي، تشمل إعادة بناء مؤسسات الحكم والخدمات في غزة التي دمرت بالكامل.
إذا لم يتحقق الاحتلال، فإن مجرد التهديد به يراد له أن يكون 'سلاح يوم القيامة' الذي يدمر جميع أشكال الحياة في القطاع المحاصر، ويظهر لحركة حماس أنها قد تفقد السيطرة على الأرض ومصادر الدخل.
برئيل يشير إلى أن هذا التهديد يلغي الافتراض السابق بأن الأسرى يمثلون 'قيمة إستراتيجية' بيد حماس، حيث لم تعد هناك حاجة للتفاوض على إطلاق سراحهم في ظل خيار الاحتلال.
الوضع الحالي يختلف جذريًا عن فترة ما قبل الانسحاب عام 2005، حيث كانت هناك بنية إدارية واقتصادية قائمة في الضفة وغزة، مما سهل إدارة الانسحاب. أما اليوم، فإن مؤسسات حماس المدنية منهارة، مما يعني أن إسرائيل ستضطر إلى إعادة تأسيس قطاعات التعليم والصحة والخدمات.
هذا المسار ينطوي على مخاطر استراتيجية، حيث سيواجه الاحتلال شعبًا منكوبًا يعتبر إسرائيل مسؤولة عن مأساته، مما قد يؤدي إلى ظهور جيل جديد من المقاومة المسلحة.
بدون حل سياسي شامل، قد لا يبحث هذا الجيل عن أهداف خارج حدود القطاع، بل سيجدها قريبة في القوات الإسرائيلية والحكومة العسكرية.
برئيل يحذر من أن تجربة الاحتلال الأميركي للعراق قد تتكرر في غزة، حيث لا يمكن ببساطة استبعاد عشرات الآلاف ممن عملوا في ظل حكم حماس لغياب البديل المؤهل.
في المحصلة، يرى الكاتب أن إسرائيل أمام معادلة شديدة التعقيد، فإسقاط حماس عسكريًا لا يعني ضمان الاستقرار، بل قد يفتح الباب أمام صراع طويل الأمد ما لم تُرفق الخطوة بمسار سياسي حقيقي.