ولا الضالين

عيسى دياب

أغسطس 2, 2025 - 14:37
أغسطس 2, 2025 - 15:27
ولا الضالين

ولا الضالين

سأبدأ هذا المقال بمثال واقعي  أنه مثلما ينطبق واقعاً نفسي إجتماعي هو نمطي حتى السياسة.

عند شرائك علبة التبغ من علامة مارلبورو يسألك البائع أتريدها قديمة أم جديدة؟ خذ الجديدة لأنها  "جديدة" ومعبأة بتبغ جديد ونكهتها هي هي لم تتغير ولم تقضي زمناً في مستودعات التخزين ولم يتغيير سوى غلافها، بينما يتقصد الغالبية شراء النسخة القديمة بالطلب والإلحاح ما يدفع التجار إلى  رفع سعرها وهي سجائر أحاطتها الرطوبة وظهرت في أطرافها العفونة، ترافق كل نفسٍ تسحبه كحة تكاد تخرج معها الصدر، بينما يمكنك الحصول على الجديدة والنظيفة بلغة المدخنين أرخص بدولار او دولارين، ثم تصبح الجديدة قديمة بعد فترة زمنية ويعود الأغلبية إلى معزوفة النسخة القديمة أفضل! تمييز دائما إلى الحق والأفضل، فأنت رهينة إختياراتك! لبدنك عليك حق وللأمة عليك حق فكن ظهيراً للحق.

هذه الطبيعة الإنسانية لا ترى الجواهر وتبصر الخردة من الشيء، وصدقني هم أكثرية، ففي كل موقف تراهم يتمايزون عن الحق بإنبهارهم بهالة الباطل، مخدوعين بذاتهم حتى اقدامهم ، يسمعون الكذب بألحان الصدق فيتأثرون ويصفقون وتنهار دموعهم وحين تجف دموعهم يطالبونك أنت بالماء لأنك في الحقيقة ملجأهم ولأن حميمهم يبيعهم الأوهام ويشترون وعليه يتصدقون والحق في كل حين يبيعون وعند إحقاقه يتنكرون.
منذ زمن طويل جداً، تمارس الولايات المتحدة الأمريكية الضغوط على قيادة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، فمرة تغلق الممثليات وفي الأخرى تطرد القائمين بالأعمال وتستهدفهم إعلامياً وتحاصر مالياً وترخي يد الإحتلال ملاحقة وإعتقالاً وحصاراً وهدماً لبيوت القادة والشعب لممارسة الضغوط وإخضاع القيادة، أما أخيراً إرتقوا بالأسباب إلى حد فرض عقوبات إقتصادية على القيادة لأنهم حملوا ألام ودماء ودموع أبناء شعبنا وحلم الإستقلال على ظهورهم في المحافل الدولية ومؤسساتها الإنسانية والقانونية، فتجلت حقيقة الإحتلال الإجرامي ونواياهم العنصرية الإستعمارية التوسعية والقتل على الهوية والإبادة التي لم يشهدها تاريخ، فأنعقدت الجلسات في المؤسسات والمحاكم الدولية وبدأ مساراً غير معهود بإتهام قادتهم بالإبادة والعنصرية وأنقلب السحر فخرجت الشعوب الأوروبية نصرة لفلسطين القضية فأعترفوا بمظلومية الشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة فأنتفض الكاوبوي وخلع زعيمه قناع الدبلوماسية ليهتاج على حلبة العقوبات مستهدفاً الضحية.

منذ فترة طويلة تعاني السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية من حصار مالي قاسٍ  ويحجز الإحتلال على عائدات ضراب الشعب الفلسطيني مسبباً ضغطاً إقتصادية على شعبنا بهدف إضعاف القيادة ومنعها من متابعة مسار إقامة الدولة الفلسطينية بقولهم في عزة " إسرائيل ليست خياراً". 

ألم تكن تتقول على فتح ما ليس فيها، وهل إنتصر في السياسة على أمريكا غير التكتيك الإستراتيجي المتبع؟ كيف!
الإحتلال في عزلة دولية، وظهيره فقط امريكا، أمريكا تعاند وتهدد كل من ينضح بالحق وأخراً تهديد كندا بتعقيد الإتفاق التجاري معها لركوبها قطار الإعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. 

تذكرني حركتنا برد فعلها تجاه المغررين برد فعل نبي الله نوح عندما إتهمه قومه بالضلال، فقال مسالماً وهو القادر على ان يغضب ويدعوا عليهم " يا قومي ليس بي ضلالة"! ولو كان من الطبيعي ان يكون رده صارخاً أنتم الضالين.

وفي مستقبلٍ قريب سترى العيون أجمل ما حجبته الغيوم.

لا بد لليل أن ينجلي
 ولا بد للقيد أن ينكسر
 ولا بد للحق أن ينتصر.

مع العرفان للسند المملكة العربية السعودية.

هل تعتقد ان الدول العربية أمنة ولا يتربص بها وبأمنها ومستقبلها ومع ذلك تقف سنداً منيعاً في وجه مشاريع تصفية القضية الفلسطينية او تقسيم سوريا؟