قانون بلا ضوابط: الجرائم الإلكترونية تفتح الباب لانتهاك الخصوصية وتقييد التعبي

رغم الحاجة إلى تنظيم الفضاء الرقمي في ظل التوسع التكنولوجي السريع، إلا أن قانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لسنة 2018 في فلسطين يثير جدلاً واسعًا، إذ يرى حقوقيون ومؤسسات مجتمع مدني أنه يتجاوز حدود التنظيم نحو تقييد الحريات، من خلال نصوص فضفاضة وصلاحيات موسّعة للأجهزة الأمنية، دون وجود ضمانات تحمي الحقوق الأساسية للمواطنين
تناقضات ومصطلحات فضفاضة في القانون:
رغم احتواء القانون على مواد تؤكد احترام حرية الرأي والتعبير، إلا أن التحليل القانوني يكشف عن وجود تناقضات واضحة في نصوصه، خاصة مع استخدام مصطلحات عامة وفضفاضة غير محددة بشكل دقيق، ما يجعلها عرضة للتفسير الواسع والتطبيق التعسفي، لا سيما على الصحفيين والنشطاء.
وقالت ربى مسودة، منسقة الدراسات والرصد في ائتلاف أمان، لتلفزيون “كل الناس” خلال برنامج “أوتار الصباح”، إن قانون الجرائم الإلكترونية يتناقض مع أحكام القانون الأساسي الفلسطيني، وخصوصًا المادة (19) التي تضمن حماية حرية الرأي والتعبير. وأشارت إلى أن القانون واجه منذ صدوره عام 2017 سلسلة من الانتقادات المحلية والدولية، أبرزها رسالة من المقرر الخاص بحرية التعبير في الأمم المتحدة، عبّر فيها عن قلقه من الأثر السلبي للقانون على الحقوق والحريات الأساسية في فلسطين
توسع صلاحيات الأمن وتراجع الرقابة القضائية:
تشير ائتلاف أمان إلى أن من أهم المشكلات في القانون هو توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية بشكل كبير، حيث أصبح بإمكانها متابعة الجرائم الإلكترونية والإشراف عليها دون وجود رقابة قضائية صارمة وواضحة. وتوضح ربى مسودة أن هذا التوسع يشكل تهديدًا حقيقيًا لخصوصية الأفراد، ويفتح المجال لتدخلات غير مبررة في حياتهم الرقمية، وهو ما يتناقض مع أحكام القانون الأساسي الفلسطيني.
غياب الضوابط القضائية يعني أن المواطن قد يصبح عرضة للرقابة المستمرة والتدخل، دون أن يحظى بإجراءات قانونية عادلة تحمي حقوقه
غياب العدالة وضمانات المحاكمة:
ورغم خطورة التهم التي قد تُوجه بموجب هذا القانون، إلا أنه لا ينص على ضمانات جوهرية للمتهمين، مثل الحق في الدفاع، ورفض الاحتجاز التعسفي، والطعن بالأحكام. بل إن بعض العقوبات المقررة، وفقًا لمسودة، تصل إلى حد الجنايات دون الرجوع لحكم قضائي، ما يُعد إخلالًا بمبادئ العدالة.
يطالب المجتمع الدولي ب:
في ظل هذه التحديات، يطالب ائتلاف أمان بإجراء مراجعة شاملة للقانون، بما ينسجم مع التزامات فلسطين الدولية تجاه حقوق الإنسان. وتشدد المطالب على:
• احترام حرية التعبير والصحافة.
• تقييد صلاحيات الأجهزة الأمنية بما يتناسب مع مبدأ التخصص.
• توفير ضمانات قانونية واضحة لكل متهم.
• فتح حوار جاد مع مؤسسات المجتمع المدني لتعديل القانون بما يحفظ الحقوق
دعوات مدنية لتعديل قانون الجرائم الإلكترونية بما يضمن الحقوق والحريات
يطالب المجتمع المدني الفلسطيني بمراجعة شاملة لقانون الجرائم الإلكترونية، بما يضمن التزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير. كما يدعو إلى تقييد صلاحيات الأجهزة الأمنية وحصر مهام المتابعة الإلكترونية بالشرطة فقط، مع التأكيد على ضرورة إعادة النظر في العقوبات المشددة التي قد تصل إلى مستوى الجنايات. وفي هذا السياق، يشدد المجتمع المدني على أهمية فتح حوار وطني رسمي بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لإجراء التعديلات اللازمة، بما ينسجم مع القانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين.
إعداد الطالبة:فرح برهم