الشراكة الأمريكية- الإسرائيلية في الحروب العدوانية

يونيو 19, 2025 - 09:32
الشراكة الأمريكية- الإسرائيلية في الحروب العدوانية

يبدو بأن هناك من هم عميان البصر والبصيرة، ولا يقرأون ولا يبصرون النماذج والأمثلة بشكل واضح، بأن أمريكا لا يمكن في يوم من الأيام ان تكون ضامنا ووسيطا لأي اتفاقيات وحلول لا تلبي مصلحة إسرائيل وأهدافها، فأمريكا ترى في إسرائيل القاعدة المتقدمة في المنطقة لحماية مصالحها وتنفيذ مشاريعها ومخططاتها، ولذلك جرى خوض الحرب العدوانية على قطاع غزة تحت شعار أمريكا صهيونية وإسرائيل القاعدة المادية المتقدمة لحماية مصالحها في المنطقة، والحرب وما يعرف بحلف الازدهار، حلف الدمار الذي شكلته لشن حرب بالوكالة عن اسرائيل ضد اليمن- انصار الله، هو لم يأت فقط من أجل استمرار التفرد بالسيطرة الأمريكية على البحار والممرات المائية، وحماية ما يعرف بالملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية، بل من أجل منع اليمن من فرض حصار بحري اقتصادي على إسرائيل ووقف اليمن عن الاستمرار بحربه الإسنادية لصالح قطاع غزة، شعبها ومقاومتها، ولو كان اليمن، كما حال اصحاب النظريات الصبر الإستراتيجي والتردد والبرودة من ايرانيين وصينيين وروس، وسبق ذلك هذا التردد في لبنان، للحقت به هزيمة ساحقة.

 

ولكن صلابة القيادة اليمنية وتحصينها الداخلي والالتحام بينها وبين الشعب ،ومبادراتها المستمرة، اجبرت أمريكا الى الهروب والتوقف عن مواصلة حربها ضد اليمن، بشروط تعتبر مذلة لها، وهي وقف إسنادها العسكري على جبهة اليمن لإسرائيل، دون الزام اليمن بوقف حربه الإسنادية لقطاع غزة، وهذا يؤشر ويؤكد على نظرية انتظار الضربات وامتصاص الضربة الأولى ومن ثم التدرج والتركيم من أجل تغيير موازين القوى لصالح الطرف المعتدى عليه، هي التي اصابت سوريا ولبنان في مقتل، وسعت امريكا مع اسرائيل لفرضها على قطاع غزة، ولكنها لم تتمكن حتى اللحظة من فرض منطقها ورؤيتها وخيارها هذا في قطاع غزة.

 ما حصل ويحصل في إيران، فإن رهان البعض الإيراني او ما يعرف بالتيار الإصلاحي الإيراني على ان امريكا، تسعى لحل سلمي للملف النووي الإيراني، حل يقود الى تحقيق مصالح ايران، بامتلاك تقنية التكنولوجيا والبرنامج النووي السلمي، فهو يعيش خارج الواقع. أمريكا شريكة مباشرة في كل حروب إسرائيل على قوى المحور، وليس هذا فقط، بل الجميع استمتع الى نتنياهو، وهو يقول بعدما يجري التخلص من ايران وهزيمتها، سيكون الدور على باكستان، لأن أمن إسرائيل وحماية وجودها، يمتد حتى كوريا الشمالية، وهذا جعل القيادة الباكستانية تصحو مبكراً وتتخذ قرارها بالوقوف الى جانب طهران ودعمها عسكرياً وسياسياً، وهذه الصحوة لن تكون عربية، فالعرب أمة ماتت وهي على قيد الحياة، وهي محميات أمريكية تنشر فيها القواعد العسكرية الأمريكية بشكل كبير، وهي من تساعد اسرائيل في اعتراض والتصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، لأنها ترى في نفسها جزءا من الحلف الأمريكي- الإسرائيلي في المنطقة، ولذلك الهجوم والعدوان الذي شنته اسرائيل على ايران في فجر الجمعة ،13/6/2025 ، هو بشراكة امريكية وبقرار امريكي واضح ومن ترامب نفسه، الذي اعترف بذلك، حيث قال بأن هذا العدوان أتى من اجل معاقبة ايران على رفضها لشروطه للتوصل الى اتفاق نووي، وفي الوقت الذي كان يواصل حديثه عن خيار التفاوض مع طهران، وأنه حذر نتنياهو من مغبة شن عمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكي لا يفشل الخيار التفاوضي والوصول الى حل سلمي للملف النووي الإيراني، وبالمقابل كان ينسق مع نتنياهو الضربة العسكرية لطهران، ويقدم كل اشكال الدعم العسكري والمالي والاستخباري والأمني واللوجستي لإسرائيل في هذه الحرب، وبعد العدوان الإسرائيلي على طهران، وصف هذه الضربة الإسرائيلية بالناجحة، والتي تستحقها إيران، لرفضها الاستجابة لشروطه لتوقيع الاتفاق حول برنامجها النووي.

 في ظل استيعاب إيران السريع للضربة والصدمة، رغم الخسارة القاسية التي تلقتها، قال ترامب انه يدعو اسرائيل وايران الى التفاوض ، والبعض بدا في " التخبيص" و"التفغيص" و"التهريف" و"الهذرمة" والتحليلات المتذاكية،على الفضائيات، بأن ترامب تراجع عن تصريحاته السابقة، وبأنه سيقود مسارا تفاوضيا يوصل الى نهاية سلمية لقضية عقد اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي، ولكن سرعان ما اتضح بان هذا المأفون الذي يناقض تصريحاته في زمن قياسي، اعلن بشكل واضح بانه كان شريكا في حرب نتنياهو منذ بدايتها على طهران، وهو يعلن الآن بأنه يدرس الانتقال الى جانبها من حالة الحرب الدفاعية الى الحرب الهجومية على طهران، حيث دعا الى اخلاء طهران، وفي نفس الوقت، واستمرارا في الخديعة، قال بانه كلف مبعوثه الخاص ويتكوف لاستكشاف عقد لقاء تفاوضي مع طهران، وهذا استمرار للخدائع والمكائد وحروب الخداع والتضليل، التي تمارس من قبله ومن قبل إسرائيل، والغريب بأن اسرائيل تعربد وتقصف وتشن العدوان وتنتهك سيادة الدول، وتتمتع بكل اشكال الحماية من قبل امريكا ودول الغرب الإستعماري، والبعض يصدق تلك الخدائع والحيل الأمريكية.

 البعض يصدق بأن نتنياهو يسعى لجر امريكا للمشاركة المباشرة في العدوان على ايران، وكأن امريكا خارج تلك الحرب، وليس هي من تسلح وتمول وتوفر المعلومات الأمنية والإستخبارية ، وتحمي اسرائيل سياسياً وقانونياً في المؤسسات الدولية.

 

الإدارة الأمريكية بدولتها العميقة ومحافظي ادارتها الجدد واللوبيات الصهيونية، يريدون ليس فقط تدمير برنامج ايران النووي وقدراتها العسكرية في مجال الصواريخ البالستية والفرط صوتية، بل تغيير النظام الإيراني واعادة ايران الى "الحضن الأمريكي، لكي تجعل المنطقة بكاملها تحت السيطرة المطلقة الأمريكية، وبأن تكون اسرائيل الوكيل الحصري في اخضاع وتأديب كل من يقول لا لأمريكا، على ان يرافق ذلك المزيد من فك وتركيب الجغرافيا العربية والإسلامية، وخلق المزيد من الكيانيات الإجتماعية الهشة المرتبطة بأحلاف أمنية وعسكرية مع اسرائيل، على ان تدار اقتصادياً من قبل مركز الاقتصاد العالمي في واشنطن، ولكي نجد ترامب ينضم الى نتنياهو في حربه على ايران، والتي حدد نتنياهو شروطها باغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي الخامينائي وتدمير المنشأة النووية "فوردو" الموجودة على عمق مئات الأمتار، وهذا سيسقط النظام الإيراني.

 وفي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأمريكي عن انضمامه  لنتنياهو في حربه على طهران، والسعي للإنتقال من الحرب الدفاعية الى الحرب الهجومية ،يمارس نفس الخديعة قبل الهجوم الإسرائيلي في فجر13/6/2025 على ايران، بالطلب من مبعوثه الخاص ويتكوف استكشاف عقد مفاوضات مع طهران للوصول الى اتفاق حول برنامجها النووي،واذا ما جرت الإستجابة وانتصر الإصلاحيون في طهران، بتفضيل هذا الخيار، فلن يكون مصيرها بأفضل مما حصل في سوريا ولبنان وما يسعون لفرضة على غزة ومقاومتها في قطاع غزة، والمطالب والشروط لن تصل فقط الى المطالبة لطهران لتفكيك مشروعها النووي وتدمير منشآتها النووية ووقف التخصيب وفك ووقف عمل المفاعلات النووية، بل تدمير برامجها الصاروخية البالستية والفرط صوتية،ومناقشة دورها الإقليمي ودعمها لحركات وقوى المقاومة العربية والفلسطينية.

 ولذلك على الإيرانيين قيادة عسكرية وسياسية ودينية ومرشدا أعلى ،ان يتعلموا جيداً بأن الهدف تدمير إيران بالكامل وإسقاط نظامها وتغيير ايران بالكامل، لكي تعود للحضن الأمريكي،ولذلك يجب إبداء أعلى قدر من الحيطة والحذر من الأفخاخ الأمريكية.