الملك أمام البرلمان الأوروبي

يونيو 19, 2025 - 09:29
الملك أمام البرلمان الأوروبي

حمادة فراعنة

للمرة السادسة، يخاطب رأس الدولة الأردنية، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.  

المرة الأولى كانت يوم 12/6/2002، والثانية يوم 12/12/2007، والثالثة يوم 18/ 4/ 2012، والرابعة يوم 10/3/2015، والخامسة 15/ 1/ 2020، وهاهي المرة السادسة يوم الثلاثاء 17حزيران يونيو 2025، وجميعها تمت في مدينة ستراسبورغ، والملك الشخصية القيادية الوحيدة في العالم، من خارج أوروبا، يخاطب البرلمان الأوروبي ست مرات، ومن العالم العربي، تمكن ثلاثة من القادة مخاطبة برلمان أوروبا الموحد وهم الملك محمد الخامس، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتم ذلك لمرة واحدة لكل منهم، مما يدلل على نوعية الاهتمام الأوروبي نحو الاستماع لرأس الدولة الأردنية، وإعطاء الأولوية له ليخاطب المجلس طوال ربع قرن  ست مرات.

خطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي تناول: 

1- مبادرة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، في الانتقال من التباعد والحروب فيما بينها إلى نجاحها في إعادة البناء، وتحقيق التوافق والانسجام والوحدة بين شعوبها في إطار الوحدة الأوروبية، والبرلمان الأوروبي  حصيلتها وأبرزها، واستنتجت أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبداً. 

2- العلاقات الأوروبية العربية، القائمة على الجيرة، والقيم المتجذرة من الديانات السماوية: الإسلام والمسيحية واليهودية، كقيم الرحمة والعدل والمساواة، والتعاليم الأخلاقية التي توارثناها عبر الأجيال، مثل احترام الجار، ومساعدة الفقراء والمصابين، وحماية أرضنا، وغيرها من القيم.

3- وضع الأردن، وإيمان شعبه ونظامه، بالقيم المشتركة المتوارثة، المبنية على التسامح والاحترام المتبادل، وتقديم الأردن كموطن لموقع عُمّاد السيد المسيح عليه السلام، وهو المغطس، وبلدنا المسلم موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، ولهذا نحن شركاء كمواطنين على أساس المواطنة والعدالة والمساواة بين كافة الأردنيين.

4- استعراض لقيم الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي مس أو اعتداء، اعتماداً على الالتزام بالعهدة العمرية إلى أهل القدس، والقائمة على احترام كنائس مدينة القدس وحمايتها، وعدم الإيذاء لأي كاهن أو طفل أو إمرأة أو شيخ، وبعد ألف عام جعلت اتفاقيات جنيف هذه القيم نهجاً عالمياً. 

5- الأحداث الأخيرة سواء في غزة أو الضفة الفلسطينية دللت على انحدار أخلاقي، وسلوك مخزٍ للإنسانية، وتفكك القيم العالمية الإنسانية بوتيرة مروعة، كما يحدث بشكل صارخ في غزة وقال مستغرباً مستهجناً: 

"كيف يُعقل لإنسانيتنا أن تسمح أن يصبح ما لا يمكن تصوره أمراً اعتيادياً، أن تسمح باستخدام المجاعة كسلاح ضد الأطفال، أو أن تسمح باستهداف العاملين في القطاع الصحي، والصحفيين، والمدنيين الذين يبحثون عن الملجأ في المخيمات؟".

إن ما يحدث في غزة يتنافى مع القانون الدولي، والمعايير الأخلاقية، وقيمنا المشتركة، ونحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفة الفلسطينية، والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

6- إبراز مساوئ الحرب في أوكرانيا، وحرب قاسية على غزة، والهجمات الإسرائيلية على إيران بقوله: 

"إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنساناً، لأنه إذا استمرت الجرافات الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين، وبساتين الزيتون، والبنية التحتية بشكل غير قانوني، فإنها ستهدم الحدود الأخلاقية، وبعد توسيع إسرائيل (المستعمرة) هجومها ليشمل إيران، لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعارك، وهذه تُهدد الشعوب في كل مكان".

7- الفلسطينيون، مثلهم مثل جميع الشعوب، يستحقون الحق في الحرية والسيادة، وإقامة دولتهم المستقلة.

في القضايا والعناوين التي تضمنها خطاب الملك عبدالله في ستراسبورغ أمام البرلمان الأوروبي، وبما حظي من تصفيق وترحيب واهتمام، هي رسالة أردنية عربية إسلامية من أجل قيم الخير والعدالة والسلام ومن أجل فلسطين والإنحياز لها وإبراز معاناة شعبها.