هل ستفضي هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة إلى هدنة حقيقية تنقذ ما تبقى من غزة؟

في ظل جهود دبلوماسية عربية وأميركية مكثفة تهدف إلى وقف الحرب على غزة وتبريد الأجواء المتوترة في منطقة الشرق الأوسط التي باتت على صفيح ساخن، لا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية مستمرة، رغم بوادر إيجابية ظهرت مؤخرًا.
فقد دخلت الحرب على غزة، التي خلّفت دمارًا واسعًا وأعدادًا كبيرة من الضحايا المدنيين، عامها الثاني، دون أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة، على الرغم من الدعم السياسي والعسكري الذي وفرته لها الإدارة الأميركية. إلا أن مواقف الإدارة الأميركية بدأت تشهد تحولًا ملحوظًا، حيث وصفت مؤخرًا الحرب بأنها "وحشية"، وهو توصيف لم يكن مألوفًا في الخطاب الأميركي الرسمي في بداية العدوان.
وقد نالت مبادرة حركة حماس بإطلاق سراح الأسير الأميركي من أصل إسرائيلي، عيدن ألكسندر، استحسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واعتُبرت بادرة حسن نية في إطار جهوده للوساطة خلال زيارته المرتقبة للمنطقة.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تُبدِ أي نية حقيقية لإنهاء الحرب. ففي اليوم ذاته الذي تم فيه إطلاق سراح الأسير الأميركي، وبعد تهدئة قصيرة أُبرمت لإتمام عملية التسليم، شنّ الجيش الإسرائيلي هجومًا عنيفًا على مدينة غزة، وتحديدًا في محيط المستشفى الأوروبي. وتشير بعض المصادر إلى أن الهجوم استهدف محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، ما يعزز فرضية بعض المحللين بأن الإدارة الأميركية، وبعد استعادة مواطنها، قد تغضّ الطرف عن تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في القطاع.
من جانبه، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي واضحًا في تصريحاته الأخيرة، حيث دعا حركة حماس إلى استغلال الحضور الأميركي في المنطقة والموافقة على المبادرة المعروفة باسم "هدنة ستيف وتكوف"، دون إدخال أي تعديلات عليها واهم بنودها نزع سلاح حماس وابعاد قادتها وذلك ما ترفضه حركة حماس قطعيا. وهدّد بأنه في حال الرفض، فإنها ستكون "الفرصة الأخيرة لسكان غزة"، معلنًا أنه أصدر أوامر للجيش بشن هجوم شامل على غزة لا يتوقف إلا بعد "تحقيق أهدافه كاملة"، والتي تشمل القضاء على حركة حماس، واستعادة الأسرى، وتهجير السكان من القطاع، في إطار خطة طويلة الأمد للسيطرة عليه وضمّه إلى إسرائيل.
تأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه سكان غزة كارثة إنسانية حقيقية، حيث يعانون من الجوع ونقص الرعاية الصحية، ما يهددهم بتفشي الأوبئة والأمراض. وقد بدأ الغزيون بالتعبير عن استيائهم، وسط مناشدات دولية ومحلية لا سيما لحركة حماس لإنهاء الحرب حيث خرج الغزيين في عدة مظاهرات تطالب بوقف الحرب ويعرفون عن انهم لم يعد بالإمكان تحمّل تبعاتها.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستفضي هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة إلى هدنة حقيقية تنقذ ما تبقى من غزة؟ أم أن ما يجري ليس إلا جولة أخرى في حرب مفتوحة؟ الإجابة قد تتضح في الأيام القليلة القادمة