بين خيمة وخيمة

مايو 21, 2025 - 08:47
بين خيمة وخيمة

بهاء رحال

بين خيمةٍ في عام 1948 وخيمةٍ في عام 2025، سارت حياة الفلسطيني في درب الشقاء، تحت ويلات الاحتلال والاستيطان والسرقة والنهب والحصار والخراب والمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، التي كانت تُعرَف بمجموعات "شتيرن" و"بلماح" وغيرها، والتي أصبحت اليوم كتائب وألوية ونخبة وغيرها، تمارس القتل والقصف بدافع التطهير العرقي والطرد الجماعي لكل الفلسطينيين.

أما الفرق بين الخيمتين، فهو أن العالم في الخيمة الأولى عام 1948 تجاهل الصورة التي لم تصله كاملة على حد زعمه، ومثلما ادعى بفعل أدوات وعوامل الزمن، بينما في خيمة عام 2025، فإن العالم يشهد ويرى ويصمت، وبعضه يؤيد ويدعم سياسيًا وماليًا وعسكريًا. ومن دون خجل، نجدهم في محافل عديدة يرقصون ويطربون، بينما دماء الناس في غزة تُسفك، وبيوتهم قد هُدمت وتُهدَم، وهم في خيامٍ رثّة، وحياةٍ صعبة، وسط عمليات تهجير قسري مستمرة، متعددة الأشكال، في ظل استمرار الحصار والخراب والدمار.

تحلّ ذكرى النكبة الكبرى التي وقعت عام 1948 هذا العام، وشعبنا يعيش نكبةً أكبر، ويعاني من ظروف موت وقهر أشد، ويرزح تحت خطر التهجير الجماعي، ضمن مخططات استعمارية استيطانية، ورغبة في إحلال الغرباء بدلًا من أصحاب الأرض، الذين يتعرضون للقتل والموت.

تحلّ ذكرى النكبة الكبرى هذا العام، وشعبنا الفلسطيني يتعرض للإبادة والاقتلاع عنوةً من أرضه وملاذه ووطنه، الذي تعرّض للسلب والنهب، ويتعرض اليوم للغزو والعدوان الآثم. فبنفس النهج والأسلوب الدموي، وبذات الأحقاد والعقيدة العنصرية، يواصل الاحتلال سياساته الدموية، ويرتكب الجرائم ذاتها، من دير ياسين إلى الشجاعية، ومن مذبحة الطنطورة إلى بيت لاهيا، ومن قبية إلى النصيرات وخانيونس ورفح ودير البلح والمستشفى المعمداني... إلخ، والقائمة تطول وتطول، ومسلسل القتل والدمار يتسع مع رقعة الاعتداءات المستمرة والمتواصلة وفق عقيدة الاحتلال والتطرف والإرهاب.

بين نكبة العام 1948 والإبادة التي يتعرض لها الناس في غزة، مشوار طويل من العذابات التي عاشها ويعيشها شعبنا الفلسطيني، في ظل انعدام الضمير العالمي وخرس الصوت الدولي، أمام وحشية الاحتلال الذي لا شيء يردعه ولا شيء يوقف الحقد الدفين فيه، بل إنه يتوحش أكثر، فلم يسلم الحجر والشجر والبشر، ولم تسلم المساجد والكنائس، ولا الأسواق والمستشفيات والجامعات، وتمامًا مثلما حدث في العام 1948، يحدث اليوم وعين العالم ترى وتشهد، ولسان الأمم خرست تمامًا، والمواثيق الدولية في أدراج الأمم غير قادرة على وقف الحرب ولا قادرة على كسر الحصار.