قد لا تصل هذه الرسالة أبدًا

مايو 14, 2025 - 09:41
قد لا تصل هذه الرسالة أبدًا

بهاء رحال

من المؤكد لن تصل هذه الرسالة إلى صندوق البريد في البيت الأبيض، وإن وصلت، فهناك احتمال كبير أن تنتهي بين أيدي موظف، أو حارس أمن صندوق الرسائل الذي سيرمي بها في سلة مهملات لا تبالي بما يُكتب، وإن كُتب لها أن تصل، فلن تكون اللغة حاجزًا. فالعالم تغيّر. لم يعد الحاجز بين الشعوب هو اللغة أو الجغرافيا، يكفي أن يلتقط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، صورة للرسالة، وأن يرفعها إلى أحد مواقع الذكاء الاصطناعي، وسيقرأها كما لو كُتبت باللغة التي يفهمها.
سيد ترامب، نحن في غزة لا نعيش حربًا عادية، نحن نُباد. منذ أكثر من 584 يومًا ونحن نُسحق تحت نار لا تهدأ، وتحت حصار مشدد، مطبق من كل الجهات، في ظل صمتٍ دولي أشد قسوة من القنابل والصورايخ الأمريكية التي ترسلها بلادكم للاحتلال، ووسط جوع وعطش وقد مات أطفالنا من الجوع ومن نقص الدواء، ومن فقدان كل مقومات العيش، في خيام رثة ومراكز إيواء لا تصلح للعيش الآدمي.
سيد ترامب، نحن في غزة نموت بفعل حرب الإبادة والانتقام التي يواصلها نتنياهو وحكومته العنصرية، وكما تعلم فإن أسلحة بلادكم الأكثر فتكًا في قتلنا وذبحنا، وسياسات بلادكم المنحازة تمنح الاحتلال وحكومته غطاءً في كل المحافل الأممية، ومواقفكم الداعمة هي السبب في استمرار إبادتنا وقتلنا، وكما تعلمون فبفضل سياساتكم المنحازة فإن العالم يخشاكم ويخشى غضبكم، لهذا فإن مواقف الدول تقف إلى جهة الحياد، ويؤيد البعض الاحتلال من خلف ستار. حتى الأصدقاء وبعض الأشقاء، من شدة خوفهم من بلادكم فإنهم يلتزمون الصمت، ولم يتدخلوا بجدية لوقف إبادتنا.
سيد ترامب، نحن في غزة نعلم بأنك تعلم، وبأنك شاهدت وتشاهد المذابح والمجازر التي ترتكب، وما كان ذلك ليحدث لولا صمت بلادكم، ودعمها بكل الوسائل الاقتصادية والعسكرية، فكما تعلم حجم الدعم الهائل الذي دفعت به بلادكم منذ أكتوبر 2023، وكانت بلادكم صاحبة الدعم الأكبر بسخاء، وقد فتحت مخازنها في الشرق الأوسط، وأرسلت البوارج الحربية والطائرات والخبراء والجنود.
سيد ترامب، وأنت تزور منطقتنا العربية، وتحظى باستقبال مهيب من الملوك والأمراء وأصحاب السمو والمعالي، تذكر غزة، وأن بوسعك فرض وقف للحرب، ولجم نتنياهو الحاقد الذي لا يريد وقفًا للإبادة، متذرعًا بدعم بلادكم اللامحدود، فهل تفعلها وتوقف الإبادة، لينجو من بقي على قيد الحياة من الموت.
سيد ترامب، نحن في غزة نقتل بسلاحكم، وينجو القتلة من المحاكم الدولية والجنائية بفعل سياساتكم ودعمكم، وما توفرونه من غطاء في كل محفل دولي وأممي، وهذا غير عادل وغير منصف، نحن نعلم ذلك، ولا نتطلع لمواقف عادلة من بلادكم، فنحن نعرف مواقفها الدائمة، المنحازة، الداعمة، ولكن بإمكانكم وقف إبادتنا بسلاح بلادكم، وأن تسمحوا للمحاكم الدولية أن تحاكم القتلة والمجرمين، كي لا يفلتوا من العقاب العادل.
سيد ترامب، نحن في غزة نعلم أنكم قادرون على وقف حرب الإبادة، فهل تفعلونها قبل أن تغادروا منطقة الشرق الأوسط؟ أم تواصلون الصمت والتجاهل، والدعم غير المشروط لحكومة الاحتلال الأمر الذي يمنحها المزيد من القوة لتستمر في القتل، دون أن تخشى من محاسبة أو عقاب. فهل تفعلها يا سيد ترامب وتوقف الحرب؟

============================
سيد ترامب، نحن في غزة نقتل بسلاحكم، وينجو القتلة من المحاكم الدولية والجنائية بفعل سياساتكم ودعمكم، وما توفرونه من غطاء في كل محفل دولي وأممي، وهذا غير عادل وغير منصف،