صنعاء تغلق الجو بعد البحر.. رب إبراهيم لا يهلك البار مع الأثيم

مايو 8, 2025 - 09:07
صنعاء تغلق الجو بعد البحر.. رب إبراهيم لا يهلك البار مع الأثيم

حمدي فراج

أعلنت صنعاء عن فرضها حظرا جويا شاملا على إسرائيل، وكان يمكن لنا تصور الإعلان انه صراخ عربي، من ضمن الصراخات التي اسمعت عن تحرير فلسطين عبر السبع والسبعين سنة الماضية، فما زادت صراخاتهم الا مزيدا من تبديد فلسطين، من النكبة الى النكسة الى الإبادة، إبادة حديثة تتضمن القتل بالقصف و التجويع، على مدار سنتين تقريبا، وإذا كان العرب قد خدّرونا بصراخاتهم في النكبة والنكسة ، فإنهم في الإبادة قد صمتوا صمت القبور .

لقد جاء الإعلان الصنعائي، بفرض الحظر الجوي على إسرائيل، بعد بضع ساعات فقط على قصف مطارها الدولي "بن غوريون" بصاروخ حقيقي بالستي فرط صوتي، وليس كأسلحة العرب في حرب النكبة تطلق الى الخلف، ولا كأسلحة النكسة، التي لم تطلق ابدا، لا الى الامام و لا الى الخلف. هذا الصاروخ العروبي الذي ضرب المطار، ضرب أيضا في بنية إسرائيل العقلية والأمنية والسياسية والنفسية و الاقتصادية. وعليه، فإن التهديد الصنعائي بفرض الحظر الجوي على إسرائيل، له من ملامسة الواقع بعض النصيب، لكنه وبكل الاحوال، ليس صراخا عربيا على الاطلاق.

 لقد أثار الصاروخ موجة حادة من الغضب الإسرائيلي، لدى الحكومة والمعارضة على حد سواء، وارتفعت نبرة التهديد لتطول الحوثيين والإيرانيين، حتى كادت تلامس حدود الصراخ العربي، ولكن هذه المرة، بالعبري. لم يخرج من بينهم من يقول لنتنياهو وحكومته: بيتنا من زجاج، فلا تسمح لنفسك إلقاء بيوت الآخرين بالحجارة، منذ سنتين تقريبا، وانت تضرب غزة والضفة ولبنان وايران وسوريا – قبل سقوط الأسد وبعده -، هل تظن ان هذا يروق لبقية جيراننا العرب ممن وقعوا معنا اتفاقيات سلام، واذا راق ذلك لحكامهم، هل تصدق انه يروق لشعوبهم التي تعد بمئات الملايين. كف عن رمي الاخرين بحجارتك ، فشلت على مدار سنتين تقريبا في إلحاق الهزيمة بحركة سياسية صغيرة بجيشك الأقوى من بين أقوى جيوش العالم، حولتنا معه الى دولة إبادة جماعية بحق أطفال ونساء ليس لهم أي ذنوب الا انهم من سكان غزة، أما جيشنا الذي كنا نباهي به انه أكثر الجيوش أخلاقية في العالم، والذي لا يهزم، ها هو يهزم ويصبح على قوائم جيوش العار. ولا تنسى انهم على مدار سنتين تقريبا، قد أغلقوا علينا البحر.

في حديث للرب مع إبراهيم عن تدمير سدوم وعمورة لكثرة شرورهم وآثامهم، سأله إبراهيم: "أفتهلك البّار مع الأثيم؟ عسى أن يكون خمسون بارٍّا في المدينة؟ فقال الرب: إن وجدت في سدوم خمسين بارٍّا فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم. فأجاب إبراهيم وقال: ربما نقص الخمسون بارٍّا خمسة، أتهلك كل المدينة بالخمسة ؟ فقال: لا أهُلك إن وجدت هناك خمسة وأربعين". وظل إبراهيم ينقص العدد حتى وصل الى عشرة بررة، فقال الرب: "لا أهلك من أجل العشرة"، وذهب. سفر التكوين 18 .