نحو علاقات أردنية أوروبية متزنة

حمادة فراعنة
توجت العلاقة التي وصفت على أنها استراتيجية، الشراكة بين الأردن والمجموعة الأوروبية، بتوقيع اتفاقية دعم للأردن يوم 29-1-2025، على خلفية الرغبة والمصلحة بين الطرفين للارتقاء بالعلاقة نحو ما تم التوصل إليه بتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، في بروكسل، تقدم من خلالها المجموعة الأوروبية 3 مليارات يورو خلال الأعوال الثلاثة 2025 و2026 و2027، تتضمن منحاً بقيمة 640 مليون يورو، واستثمارات بحجم 1.4 مليار يورو، ومخصصات لدعم الاقتصاد الأردني بقيمة مليار يورو.
اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية تقوم على تعزيز العلاقات والتفاهم والتنسيق في مجالات السياسة والأمن الإقليمي والدفاع وغيرها من العناوين، وتكمن أهمية الاتفاقية، في أنها تُقر الحفاظ على التراث المتراكم القائم لدى الأماكن المقدسة في فلسطين والقدس، وعلى أهمية الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وحمايتها المعنوية وصيانتها المادية، من محاولات التهويد والأسرلة والتغريب المتعمد من قبل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
الموقف الأوروبي يتطور نحو تفهم المصالح الوطنية الأردنية والقومية العربية باتجاه فلسطين، وها هم وزراء خارجية البلدان الأوروبية الثلاثة: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والذين كانوا من ضمن البلدان الخمسة مع إيطاليا والولايات المتحدة الذين سبق ووقعوا البيان الخماسي مرتين في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، رداً على عملية حركة حماس، وأعلنوا تضامنهم وانحيازهم للمستعمرة الإسرائيلية آنذاك، حيث أعلنت البلدان الثلاثة، مطالبين حكومة المستعمرة الإسرائيلية، بالوفاء بالتزاماتها الدولية في ضمان تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا.
وأكدوا دعمهم في "تفويض الأونروا لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن الأونروا جزء لا يتجزأ من الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة". كما رحبوا بالزيادة الملحوظة في المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة منذ بداية وقف إطلاق النار"، وذلك لأنهم أعلنوا تأييدهم لاتفاق وقف إطلاق النار على جبهة غزة المكلومة بالقتل لعشرات الآلاف، والتدمير المتعمد للبنى التحتية وبيوت المدنيين.
الأردن بهذا الاتجاه، يؤدي دوراً مباشراً في التأثير على الموقف الأوروبي، وعلينا أن نتذكر أن رأس الدولة الأردنية جلالة الملك، التقى رؤساء البلدان الأوروبية الأربعة عام 2023، حينما صدر البيان الخماسي بعد عملية 7 أكتوبر، وحينما صدر البيان الخماسي للمرة الثانية تحت ضغط المطالبة الأميركية، التقى جلالة الملك في بروكسل مع القادة الأوروبيين، لتوضيح الصورة والموقف رداً على السياسات الأميركية الداعمة للمستعمرة.
لذلك، لم يحدث التفاهم والاتفاق الأردني الأوروبي من فراغ، أو من ضربة معلم، أو من اتفاق لحظي أو ضربة حظ، بل يعود ذلك إلى تراكم العلاقات الأردنية الأوروبية القائمة على المصالح المشتركة في منطقة تكاد تكون ساخنة، ينظر إليها الأوروبيون بعين الاهتمام، وكما قالت أورسولا فون دير لاين مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي:
"إن الأردن شريك أساسي للاتحاد الأروربي في الشرق الأوسط، ومنطقة المتوسط، وله دور محوري في استقرار الإقليم، وأن هذه الاتفاقية تعمق علاقات الصداقة المتينة بين الجانبين، وتهدف إلى تعزيز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة".
بلدنا يستحق التقدير، وسياسته تقوم على الاستقلالية والندية، سواء كان ذلك مع الولايات المتحدة أو مع أوروبا، وهذا ما سوف تُضيفه الوقائع في العلاقات بين عمان وواشنطن، وعلينا أن نتذكر أن الأردن رفض الموقف الذي أعلنه الرئيس ترامب يوم 6-12-2017، في الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، كما رفض علناً خطة ترامب صفقة القرن التي أعلنها يوم 28-1-2020، وهو ما ينطبق على تصريحه بنقل فلسطينيي قطاع غزة إلى خارج بلدهم نحو مصر والأردن