رسالة إلى صديقي اليساري

يا صديقي ؛الخلاف بالرأي صحي ، إذ لا يمكن استنساخ عقول الناس على قياس رأي واحد، ولكن الالتفاف حول القضية والثبات على مبادئها وأهدافها؛ يمثل محور النقاش الصحي الهادف، بعيداً عن المناكفة والتخوين والتشهير ..
نعم؛ للحقيقة وجهان عندما نحتكم للعامل الذاتي وهذا منطق ، أما في حالنا؛ فللحقيقة أوجه كثيرة تتغير بتغير الراعي والناقل والممول وصاحب الفكر وصاحب الحظوة وصاحب الجاه وصاحب المال وصاحب السوط وحامل البندقية وثائر التيك توك ومناضل الفيس بوك ..
يا صديقي: عندما يغيب المنطق عن الحوار؛ يغيب الضمير عند الاختلاف ويصبح الدم النازف من عشرات آلاف الشهداء ماءً مصبوغاً تلونه ألسنُ الغافلين وأقلام الهائمين ..
لا أدري كيف نتجرأ على هذا الدم وهذا الوجع وكأنهما لا شيء …
أغلب الظن؛ أننا غافلون نائمون وسوف نصحو ذات يومٍ على فاجعة عندما يضيع كل شيئ، لنتحسر على ما أضعناه، ولنضيفه إلى قائمة ما يُبدع به عقلنا تاريخياً، فنحن ملوك تصوير الهزائم كأنها انتصارات، وتحويل الحقائق الى مُسكرات .. سنضيف هذا النصر المؤزر ضمن قائمة المقتنيات مع خاتم جميل وميدالية ذهبية ومسبحة من العقيق ، وسنحتفظ به معهم في علبة الذكريات، فهو كغيره من الإنتصارات لم يُحرر شبراً من فلسطين .
هكذا الغالبية منا يا صديقي ، مصابون بالبلادة ، مفتونون بالوهم،. لا وعي يحكم؛ لا عقل ولا حكمة ، وحدها الغفلة تقودنا لنبحر في مراكب العاطفة، ونرفع شراع الوهم، ونجذف بمجذاف الشعارات الرنانه ، ثم نخوض البحر بهيجانه متكئين على فتوى الوَلي الفقيه صاحب العمامة ، ثم لا نلبث أن نغرق ويغرق المركب، ويبتلع الموج أطفالنا ونساءنا والأبرياء الذين خدعتهم فتوى الفقيه، .
وعلى اليابسة يجلس صاحب العِمّة يشرح لنا على فضائية مشبوهة كيف كان هذا الغرق انتصاراً لدين الله ونصراً لدعوته ، وأن علينا أن نستمر في هذا الطريق .
مصطفى عبدالهادي
ابو ربيع