اللبنانيون يتوحّدون تحت شعار الأولوية لوقف إطلاق النار

أكتوبر 19, 2024 - 09:33
اللبنانيون يتوحّدون تحت شعار الأولوية لوقف إطلاق النار

راسم عبيدات

البيان الذي صدر الأربعاء عن رؤساء الطوائف الروحية اللبنانية في لقائها في بكركي، جاء ليؤكد على نداء "عين التينة" الثلاثي الذي صدر عن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ووليد جبنلاط ، الزعيم السابق للحزب التقدمي الاشتراكي. هذا البيان نال على دعم حزب الله والتيار الوطني الحر بقيادة باسيل جبران، أي أن معظم اللبنانيين توحدوا خلف أن تكون الأولوية لوقف إطلاق النار، ومن ثم يجري البحث في طرق وآليات تطبيق القرار 1701 وانتخاب رئيس لبناني، ولم يشذّ عن هذا الإجماع، إلا حلفاء أمريكا وإسرائيل من "الجعجعية" والقواتية"، والذين يخضعون موقفهم وقرارهم السياسي للشروط والإملاءات الأمروإسرائيلية.

 

غالانت وزير الحرب الإسرائيلي يقول أنه لن تكون هناك مفاوضات بعد وقف إطلاق النار، بل المفاوضات ستكون تحت النار، وبالتالي أمريكا وإسرائيل يريدون أن يعودوا بلبنان إلى عام 1982، عندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى قلب العاصمة بيروت، وجاءت القوات الأمريكية وفرضوا على لبنان رئيساً تحت النار، المغدور بشير الجميل، ولكن ترتيبات واتفاق الـ 17 من أيار لم تصمد أكثر من عام، حيث قتل الجميل، وانهارات كل الترتيبات الإسرائيلية - الأمريكية. اليوم التحولات والتغيرات في لبنان، هي ليست في صالح لا أمريكا ولا إسرائيل، وهناك قوة نارية موازية لا يتردد الحزب والمقاومة في استخدامها، دفاعاً عن وحدة أراضي لبنان وسيادته وسلامة مواطنيه. ما يقوله غالانت يؤكد أن الاستهداف في لبنان، أبعد من أن تكون مكاسب وترتيبات حدودية، بل هي أثمان سياسية وأمنية، تقتطع جزءاً من أراضي لبنان لصالح المحتل، فالمخطط يراد منه ليس فقط إقامة شريط أمني، بل المطلوب نشر قوات متعددة الجنسية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يكون لها حق الملاحقة والردع والمطاردة والتفتيش، يضاف إلى ذلك عدم تواجد حزب الله عند الحدود، بل ينسحب إلى مسافة 22 كم شمال نهر الليطاني، ويجري كذلك تفعيل القرار 1559، بحيث يتم نشر قوات متعددة الجنسية على الحدود السورية اللبنانية.

حزب الله اللبناني كان يدرك أن استهدافه سيكون مباشرة بعد الإجهاز على جبهة المقاومة في قطاع غزة، وأن إسرائيل لا تريد التساكن مع خصم قوى يمتلك قدرات عسكرية وتسليحية تشكل ضمانة لأمن لبنان، وتفتح الطريق نحو حماية الأمن القومي العربي، ولذلك الرؤيا الثاقبة عند الحزب، وبالذات أمينه العام السيد نصر الله الذي جرى اغتياله في الضاحية الجنوبية بواسطة الطائرات الأمريكية "إف 35"، والمساعدة والمشاركة التكنولوجية والأمنية والاستخبارية الأمريكية، واستخدام القنابل الأمريكية زنة 900 كليوغرام الخارقة للتحصينات والخرسانات المسلحة، والتنفيذ كان إسرائيلياً.

من هذا المنطلق بادر الحزب في اليوم الثاني لمعركة السابع من أكتوبر2023 إلى المشاركة الإسنادية لجبهة قطاع غزة، ولكن بعد أن أقدمت حكومة الاحتلال على توسيع دائرة عدوانها على لبنان، لتصل إلى العاصمة بيروت ومناطق واسعة من لبنان، والقيام بأوسع عمليات القتل والتدمير والتهجير، بحق المواطنين اللبنانيين من بيئة المقاومة ومن خارجها، وسبق ذلك شن حرب على بنية وبيئة الحزب، حيث  سعت إسرائيل من خلال الثلاثية الصامتة، تفخيخ أجهزة النداء والإشارة والإغتيالات الواسعة بحق القيادات الأمنية والعسكرية لحزب الله، وتنفيذ غارات جوية غير مسبوقة بحق بنية وبيئة حزب الله، وصولاً إلى اغتيال أمين عام الحزب السيد نصر الله، والهدف هنا واضح دفع حزب الله الى الإنهيار والتفكك، وتدمير منظومة القيادة والاتصال والتحكم والتواصل مع القادة الميدانيين، لكي يكون هناك فراغ سياسي وعسكري داخل الحزب، وبالتالي يصبح عسكرياً بدون بوصلة وقيادة، وسياساً يتقلص وجوده إلى أقصى حد في مؤسسات الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني، ولكن هذا الحزب استطاع أن يرمم أوضاعه الداخلية والتنظيمية في زمن قياسي، وقال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بأنه لا توجد مراكز شاغرة في مراكز حزب الله، وبالتالي لملم الحزب جراحه ونهض، وبقيت منظومة القيادة والتحكم والاتصال تعمل بشكل فعال، رغم أن هذه الضربة الكبيرة والواسعة والمؤلمة كفيلة بإسقاط دول كبرى، ولكن وجدنا أن هذا الحزب وجه ضربات نوعية لجيش الاحتلال، ضربات طالت بالمسيرات قاعدة لواء جولاني في  قاعدة "بنيامينا" جنوب شرق حيفا، مخلفة 4 جنود قتلى و 67 جريحاً، حسب الاعتراف الإسرائيلي، وأعقب ذلك، سقوط صواريخ باليستية على منطقة تل أبيب ومحيطها .

إسرائيل دخلت في مأزق ومستنقع لبنان، وحسب قادة ألوية سابقين متقاعدين اسحق بريك ويسرائيل زيف وغيرهما، فإن حزب الله حقق إنجازات، وهو قادر على التصعيد وعلى قلب المعادلة، وهو يجر إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة، تقودها  نحو ضعف وفشل استراتيجي. ولم تخرج إسرائيل من صدمة عمليات قاعدة " بنيامينا" وقصف تل أبيب، حتى جاء كمين مثلث راميا- عيتا الشعب- القوزح، حيث أدخل مقاتلو الحزب سرية إسرائيلية كاملة في كمين، جرى من خلاله الاشتباك مع تلك القوة من نقطة الصفر واستهدافهم بالصواريخ المناسبة، ولتنقل عشرة مروحيات جنود وضباط الاحتلال القتلى والجرحى إلى المشافي الإسرائيلية، مخلفة سبعة جنود قتلى وأكثر من 47 جريحاً، حسب الاعتراف الاسرائيلي. الحزب  كثف قصفه لحيفا والجولان والجليل الغربي والأسفل ومستوطنات الشمال وعكا وطبريا وكريات شمونة وصفد ونهاريا، راسماً معادلة حيفا مقابل الضاحية، وبدلاً من أن  يمكن الاحتلال من إعادة مستوطنية المهجرين من الشمال، تتضاعف أعداد المستوطنين المهجرين، وتزداد الخسائر الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ناهيك عن الأزمات الاجتماعية والنفسية، وفقدان ثقة المجتمع الإسرائيلي، بقدرة الجيش على توفير الأمن والحماية لهم، أو إعادة المستوطنين المهجرين إلى مستوطناتهم.

نائب الأمين العام لحزب الله قال بشكل واضح في إطلالته الثالثة، إنه بعد توسيع الاحتلال لقصف المدنيين واستهداف شامل للبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت، فقد انتقل الحزب إلى مرحلة الدفاع الوطني عن كامل الأراضي اللبنانية، ومرحلة الإيلام الأشد للاحتلال، عبر العمليات النوعية سواء على الجبهة البرية، أو الاستهدافات والعمليات النوعية بالمسيرات والصواريخ في قاعدة" بنيامينا" في حيفا، واستهداف تل أبيب بصواريخ باليستية، وليعلن الحزب لاحقاً، إدخال صواريخ نصر 1 وقادر 2 إلى الخدمة، والتي تصل مدياتها إلى 100 كم و250 كم، وتمتاز بالدقة والقدرة على استهداف أهداف حيوية والقدرة على المناورة والتهرب من أنظمة الدفاع الجوي وأنظمتها المؤمنة من التشويش.

غالانت الذي يقول بأنه يرفض مفاوضات بعد وقف إطلاق النار، وبأن المفاوضات يجب أن تكون تحت النار، هذا الموقف تقف إلى جانبه أمريكا، معتقدة بأن الحزب سيرضخ لمثل هذا المطلب، ولكن رد الحزب على لسان نائب أمينه العام قال: "كما قال الأمين العام نصر الله، بيننا الأيام والليالي والميدان، ولذلك ستبقى الكلمة للميدان، ولبنان يقول بصوت موحد، "لا مفاوضات تحت النار"، ولا بحث في الآليات وتطبيقات القرار 1701، ولا انتخابات رئاسية، إلا بعد وقف إطلاق النار. والكلمة للميدان، والحرب دخلت مرحلة كسر العظم وعض الأصابع