صراع وجود
حمادة فراعنة
تتوهم العواصم العربية إذا خمنت أنها ستكون بمنأى عن مخططات المستعمرة الإسرائيلية، في السيطرة على المنطقة العربية، والهيمنة على قرارها السياسي الأمني الاقتصادي، وبرنامجها يسير نحو هذا المخطط بشكل تدريجي متعدد المراحل.
أولاً: تسعى للسيطرة على كامل أرض فلسطين بالخطوات التراكمية المتلاحقة: أ- القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، ب- الضفة الفلسطينية يهودا والسامرة، أي جزء من خارطة المستعمرة، ج- العمل على تهويد وأسرلة وعبرنة القدس والضفة الفلسطينية، د- تقليص عدد السكان الفلسطينيين بالترحيل القسري والطوعي عبر برامج مدروسة ومعدة، هـ- إنهاء تدريجي للسلطة الفلسطينية، وتقويض مكانتها عبر تغذية مظاهر الانقسام والحفاظ عليه، وانتظار رحيل الرئيس الفلسطيني.
ثانياً: إضعاف لبنان وإنهاء نفوذ حزب الله، وتغذية الانقسامات اللبنانية، وتعزيز نفوذ قوى سياسية حليفة للغرب الأميركي الأوروبي، تتكيف مع المعطيات الإسرائيلية.
ثالثاً: إضعاف سوريا واستمرار تغذية الانقسامات داخلها مع حروبها البينية.
رابعاً: إضعاف العراق وتمزيقه بين العرب والأكراد وبين السنة والشيعة.
خامساً: تطبيع العلاقات الإسرائيلية الخليجية.
سادساً: التصدي للنفوذ الإيراني، ومواجهة حلفائه من الأحزاب والتنظيمات العربية.
حزب الله في مبادرته نحو الانحياز إلى فلسطين، لا يهدف إلى دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، وصمودها، وإحباط مشروع التوسع الإسرائيلي على أرض فلسطين وحسب، بل يهدف إلى تقويض وإحباط المشروع التوسعي الإسرائيلي في السيطرة والتوسع على حساب لبنان، ومحيطه العربي، ودوافع الصدام الإسرائيلي اللبناني مكشوفة لدى الطرفين، لدى طرفي الصراع.
القيادة الأردنية لديها الفهم والأدراك، وكشف مخطط الأطماع التوسعية الإسرائيلية على مجمل المنطقة، ولهذا تعمل على إحباط المسعى الإسرائيلي الذي يستهدف الأردن من ناحيتين، أولاً: إبعاد وتشريد الفلسطينيين نحو الأردن، وثانياً: إضعاف مكانة الأردن كي يصغر أمام البرنامج الإسرائيلي وينصاع له.
المعركة في لبنان، امتداد للمعركة في فلسطين، وصراع المستعمرة مع فصائل المقاومة ليست دوافعه عقائدية، أو صراع نفوذ، أو صراع إسرائيلي إيراني كما يرغب نتنياهو تسميته، بل هو كما وصفه: "صراع وجود".
صراع الوجود هذا هو الذي يفسر خطابات: الملك عبدالله، أمير قطر، الرئيس الفلسطيني، والجزائري، والمصري، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كل منهم بطريقته، وفهمه، ولكنه يصب في مجرى واحد، إن سبب التوتر والحروب وعدم الاستقرار في عالمنا العربي ومنطقتنا العربية، يعود إلى وجود المستعمرة الإسرائيلية ومخططاتها التوسعية على حساب العرب وبلادهم وكرامتهم ووحدة مكوناتهم على طريق استعادة تراثهم وتاريخهم وإنهاء تمزيق وحدة أرضهم وقوميتهم.
الصراع في منطقتنا حقاً صراع وجود، أن نكون أمة موحدة في مواجهة عدو واحد هو المستعمرة، أو لا نكون.
حزب اللة فاهم الدوافع لديه، ولدى المستعمرة، ولهذا يعمل ويقاتل مع شعب فلسطين.