اعتداءات المستوطنين.. من سرقة المواشي وسلب الأراضي إلى ترويع الطلبة بالمدارس facebook sharing buttontwitter sharing buttonsnapchat sharing buttonwhatsapp sharing button

سبتمبر 18, 2024 - 09:57
اعتداءات المستوطنين.. من سرقة المواشي وسلب الأراضي إلى ترويع الطلبة بالمدارس facebook sharing buttontwitter sharing buttonsnapchat sharing buttonwhatsapp sharing button

في إطار التصعيد الإسرائيلي الواسع في الضفة الغربية، الذي تتناوب فيه قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين المدعومة حكومياً، تعرضت مدرسة عرب الكعابنة أمس الأول لاعتداءاتٍ من المستوطنين الذين اقتحموها، وانهالوا ضرباً على طلبتها وهيئتها التدريسية، ولاحقوهم في ساحاتها وغرفها الصفية، ما اعتبره عدد من المحللين ترجمةً لسياسة إسرائيلية رسمية تستند إلى رؤية متطرفة تسعى إلى إفراغ الأرض بالكامل من أصحابها الأصليين.

 تجسيد حقيقي للإرهاب المنظم الذي تنفذه دولة الاحتلال

وأدان المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو المحامي حسن مليحات، هجوم المستوطنين الإرهابي على مدرسة عرب الكعابنة الأساسية في المعرجات شمال غرب أريحا، شرق الضفة الغربية.     

                                

وقال إن "هذا الهجوم المباغت الذي نفذه المستوطنون المعبأون بثقافة الموت والكراهية ضد مدرسة عرب الكعابنة الأساسية في المعرجات، والاعتداء بالضرب على الطلبة والمعلمين والتنكيل بهم، وشد وثاق مدير مدرسة عرب الكعابنة الأساسية، وخلق حالة من الرعب الهستيري وسط صفوف الطلبة الصغار، إنما هو تجسيد حقيقي للإرهاب المنظم الذي تنفذه دولة الاحتلال عبر أذرعها من عصابات المستوطنين، التي تحمل أفكاراً تلمودية تقود المنطقة إلى حرب دينية".

وأشار إلى أن هذه الهجمات تعد وصفة لإشعال فتيل الانفجار في المنطقة، وهي في الوقت ذاته حرب على الهوية الفلسطينية للمكان، دون اكتراث بالمواثيق والقوانين والأعراف الدولية، وحرمان الأطفال والفتيات من الحصول على  التعليم كحق ثابت من حقوق الإنسان.           

وأضاف مليحات: إن اعتداءات الاحتلال وجرائمه بحق المؤسسات التعليمية في التجمعات البدوية تشكل انتهاكاً صارخاً لحق الطلبة، وضمان حقهم في التعليم الآمن والحر.

ودعا جميع المؤسسات والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإعلامية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية إزاء انتهاكات الاحتلال المتصاعدة، والعمل على لجم هذه الممارسات العدوانية، وفضحها وإثارتها في المحافل والميادين كافة، وتوفير الحماية والمناصرة للطلبة وللكوادر التربوية.

وتابع: إن هذه الهجمات المنظمة تأتي أيضاً في إطار محاولات الاحتلال لحسم الصراع في المناطق المصنفة "ج" لمصلحة المستوطنين، عبر تهجير الفلسطينيين من أرضهم، والتأثير في ظروف التطور الديمغرافي للمكان عبر زيادة عدد اليهود والقضاء على الوجود الفلسطيني، ولفرض سياسة التجهيل.

وتساءل: أين هو المجتمع الدولي حيال هذه العمليات الإرهابية التي تحدث إمام سمع وبصر المجتمع الدولي الذي سقطت أقنعته وشعارته المزيفة في اختبار الإنسانية والعدالة، وهل بات المجتمع الدولي يخشى إدانة هذه الجريمة البشعة، ولا يجرؤ على انتقاد هذه الإجراءات الإسرائيلية الإجرامية ضد حق الفلسطينيين في التعليم؟     

                     

وأشار المحامي مليحات إلى أن "انفلات عصابات المستوطنين المدعومين من قبل سلطات الاحتلال في ممارساتها القمعية بحق الشعب الفلسطيني وركائز حياته ووجوده الوطني والإنساني وصل إلى مستوى غير مسبوق من الفاشية والعنصرية، في ظل غياب خطوات فعالة ورادعة من جانب المجتمع الدولي، وأن إمعان عصابات المستوطنين في هجماتهم ضد التجمعات البدوية، إنما هي وصفة لحرب دينية تقود المنطقة نحو شفير الهاوية والانفجار.  

                                                                 

وأكد مليحات أن المشكلة في هذه القضايا الخطيرة لا تتمثل في الاحتلال وجرائمه فقط، إنما في صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم، الذي يعد بصمته متواطئاً مع سلطات الاحتلال ومخططاتها، أو على الأقل يترجم كونه فشلاً ذريعاً للمجتمع الدولي في القيام بواجباته ومسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني، كما نصت عليها اتفاقيات جنيف الرابعة.  

                    

ترجمة دقيقة لرؤية أيديولوجية متطرفة

واكد الدكتور عمر رحال، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، خاصة تلك التي يقوم بها المستوطنون تحت حماية الجيش الإسرائيلي وبتوجيهات مباشرة من وزراء في الحكومة الإسرائيلية، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يمثل ترجمة دقيقة للاستراتيجية الصهيونية المتطرفة. 

هذه الاعتداءات، وفقاً للدكتور رحال، ليست سوى انعكاس لرؤية أيديولوجية متطرفة تستند إلى منطلقات دينية توراتية وتلمودية، حيث يرى المستوطنون أن الضفة الغربية، التي يطلقون عليها اسم "يهودا والسامرة"، هي جزء من أرض أجدادهم، وأن الفلسطينيين مجرد غرباء.

وأضاف رحال: إن المستوطنين أصبحوا الآن ميليشيات مسلحة، وليسوا مجرد سكان غير شرعيين في الأراضي الفلسطينية، حيث يتلقون الدعم الكامل من الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ اعتداءاتهم اليومية على الفلسطينيين. 

هذه الجرائم، بحسب رحال، تعكس إرهاب الدولة المنظم، وهي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وإفراغ الأرض لصالح التوسع الاستيطاني.

ضرورة ملحة لتحرك المحكمة الجنائية الدولية

على الصعيد الدولي، أوضح الدكتور رحال أن هناك ضرورة ملحة لتحرك المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المستوطنين الذين يرتكبون جرائم حرب وفق القانون الدولي. 

كما دعا الدول إلى احترام القرارات الاستشارية لمحكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد، مشيراً إلى أن الحل الأمثل هو ترحيل المستوطنين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.

وفي سياق متصل، حذر الدكتور رحال من أن استمرار أعمال العنف قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في الضفة الغربية وحتى نشوب حرب دينية، مشيراً إلى أن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى قد تشعل صراعاً دينياً يمتد ليهدد السلم والأمن الدوليين.

ودعا الدكتور رحال المجتمع الدولي إلى عدم الاكتفاء بذر الرماد في العيون من خلال معاقبة عدد محدود من المستوطنين، بل إلى معالجة القضية من جذورها عبر إنهاء الاستيطان بالكامل وترحيل المستوطنين عن الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن هذه الخطوات وحدها يمكن أن تحقق العدالة للفلسطينيين وتمنع تصاعد التوترات.

اعتداءات تجاوزت الخطوط الحمراء 

وحذر أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حاتم عبد القادر من تصاعد عربدة المستوطنين واعتداءاتهم الإرهابية على المواطنين وممتلكاتهم في عشرات القرى والتجمعات الفلسطينية خاصة في الأغوار.

وقال: إن ما تشهده هذه المناطق والقرى من انفلات وعربدة للمستوطنين من قتل وحرق للمحاصيل والممتلكات وتدمير للمنازل وتهجير سكانها تجاوز كل الخطوط الحمراء، وهو ما لا يجوز السكوت عليه.

وأضاف: إن الحال وصلت إلى حد استهداف المستوطنين للمدارس في مناطق الأغوار، حيث اقتحم أمس الأول مستوطنون إحدى المدارس في منطقة أريحا واعتدوا على الطلبة والهيئة التدريسية وأرغموهم على مغادرة المدرسة.

وأكد عبد القادر أن المستوطنين يشنون حرباً مفتوحة بدعم واضح من الكيان الإسرائيلي تستهدف ترويع المواطنين العزل وارغامهم على الرحيل على غرار ما ارتكبته العصابات الصهيونية قبل وأثناء العام 1948.

وأشار إلى أن انعدام أي آلية دفاعية للتصدي لحرب المستوطنين هو الذي يشجعهم على الاستمرار والتمادي في ممارسة الإرهاب الذي أصبح يهدد أمن المجتمع الفلسطيني ووجوده.

وقال عبد القادر: إن الهيئة أصدرت بياناً دعت فيه الجهات الفلسطينية المسؤولة والفصائل إلى تحمل مسؤولياتها ووضع آلية دفاعية لحماية المواطنين وممتلكاتهم والحيلولة دون تفاقم الوضع وانتقاله من القرى إلى المدن الفلسطينية، مؤكدة أن ضعف الوضع الفلسطيني لا يبرر أبداً الصمت وأن نقف متخاذلين عن حماية أبناء شعبنا من عصابات المستوطنين.

تصاعد عنف المستوطنين لافت للانتباه

من جانبه، أكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كاظم أبو خلف أن "تصاعد عنف المستوطنين وفق التقارير لافت للانتباه ومقلق للعديد من الجهات، خاصة في ما يتعلق بالأطفال الفلسطينيين".

وقال لـ"ے": لقد شاهدنا فيديوهات عما حدث في مدرسة عرب الكعابنة، وهي مؤشر على أن الأمور تتجه نحو منحى تصاعدي أكثر من ذي قبل، مؤكداً أن الأصل أن يكون هؤلاء الأطفال بمنأى عن العنف، وأن يكون تركيزهم على الدراسة، ليحققوا نجاحاً ويؤسسوا لمستقبل مشرق تتطلع إليه المنطقة.

وأوضح أبو خلف أن "عنف المستوطنين غير مقبول، خاصة ضد الأطفال، وهو أمر مرفوض بكل المقاييس والمعايير.

إرهاب بدعم حكومي

وأكد كريم جبران، مدير البحث الميداني في منظمة "بتسيلم"، لـ"ے" أن "الصور التي نُشرت بخصوص الاعتداء على مدرسة عرب الكعابنة تُظهر بوضوح حجم الفاشية والعنصرية اللتين تمارسهما مجموعات المستوطنين ضد الفلسطينيين مدعومة بشكل مباشر من الحكومة الإسرائيلية. 

وأضاف جبران: "لا يُعقل أن تتم هذه الهجمات دون محاسبة، ولو كانت هناك محاسبة حقيقية لما تكررت هذه الاعتداءات."

وأشار إلى أن الهجمة الأخيرة على المدرسة كانت عنيفة بشكل خاص، حيث أصيب خلالها أطفال فلسطينيون ونشطاء، وتم الاعتداء عليهم بطريقة وحشية، كما تم اعتقال مدير المدرسة الذي حاول حماية الأطفال من هذه الهجمات.

وأوضح جبران أن الحكومة الإسرائيلية وجيشها يتحملان المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، مؤكداً أن التحريض المستمر من قبل بعض الوزراء ودعم وتسليح المستوطنين يؤدي إلى تصاعد العنف وزيادة خطر وقوع المزيد من الهجمات ضد الفلسطينيين، ما يشكل خرقاً صارخاً للقانون الدولي.

توسيع نطاق الاستيطان الرعوي

بدوره، قال فراس العلمي، مدير البحث الميداني في منظمة "يش دين" لحقوق الإنسان، إن الاعتداء على مدرسة عرب الكعابنة في محافظة أريحا يمثل تصعيداً خطيراً ضمن سلسلة من الهجمات المتواصلة التي يشنها المستوطنون ضد التجمعات البدوية في غور الأردن والمناطق الفلسطينية الأخرى. 

وأضاف العلمي: إن هذه الهجمات تأتي في إطار سياسة واضحة تهدف إلى تهجير التجمعات البدوية والسيطرة على أراضيها، في مسعى لتوسيع نطاق الاستيطان الرعوي في تلك المناطق.

وأكد أن هذا التصعيد يترافق مع دعم كامل من الحكومة الإسرائيلية وتواطؤ من قبل أجهزة تطبيق القانون الإسرائيلية التي تتجاهل جرائم المستوطنين. 

وأشار العلمي إلى أن هذا الدعم المتواصل يسهم في تصاعد وتيرة العنف والإجرام ضد الفلسطينيين في كافة أنحاء الأراضي المحتلة، ما يشكل تهديداً خطيراً على حياة الفلسطينيين واستقرارهم في مناطقهم.

متابعة أوروبية للاعتداءات في الكعابنة

وأكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في القدس متابعة الاتحاد بشكل دقيق لما يحدث في منطقة عرب الكعابنة والاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون على المواطنين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية.

 وأوضح المتحدث أن الموقف الأوروبي عبّر في أكثر من مناسبة عن موقفه الواضح، حيث شدد على ضرورة احترام السلطات الإسرائيلية التزاماتها بموجب القانون الدولي، ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.

وأضاف: هناك مرجعيات دولية واضحة في القانون الدولي تلزم بحماية المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وهو ما يتعين على إسرائيل الالتزام به لعدم تكرار مثل هذه الحوادث.

 كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى محاسبة المسؤولين عن تلك الاعتداءات وتقديمهم للعدالة.