الارتفاع الجنوني للأسعار والحاجة إلى نظام للحماية

أغسطس 25, 2024 - 09:51
الارتفاع الجنوني للأسعار والحاجة إلى نظام للحماية

في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية متردية، وفي ظل انعدام الأفق على مختلف الأصعدة، ترتفع الأسعار وبشكل جنوني وبالأخص أسعار الخضروات والفواكه، وربما لم يشعر بهذا الارتفاع كل الناس، ولكن هناك عائلات فلسطينية كثيرة، ربما قد خفضت استهلاكها اليومي من سلع أساسية على مائدتها اليومية مثل البندورة مثلاً، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، والتي أسعارها قد تضاعف، وربما أكثر خلال الأيام الأخيرة في بلادنا، ورغم الحجج التي تبرر ارتفاع الأسعار، والتي اعتدنا عليها في الماضي، ألا وهي ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية واقتصاد السوق وتأثير التغيرات المناخية، إلا أن الجشع والطمع والاستغلال هي من الاسباب الأخرى لهذه الأسعار، حيث تفوق الاسعار عندنا تلك التي في دول غنية أو متقدمة عديدة.
وهذا الوضع يستدعي تدخل الجهات الرسمية وعلى أعلى المستويات، وكذلك منظمات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك، من خلال برامج وحملات عملية وبمخرجات واضحة، والجهات الرسمية وبالأخص وزارة الاقتصاد الوطني التي تتعامل مع هذا الأمر، عليها التدخل وبشكل طارئ وعملي ويومي من أجل كبح الأسعار وإعادتها بشكل عقلاني موضوعي لتناسب سعر السوق أو التكلفة، وفي نفس الوقت محاسبة وبشدة وبشكل علني من يتلاعب في حياة الناس، من التجار الجشعين، وبالتحديد التجار الكبار أو تجار الجملة الذين يحتكرون السلع ويحصلون على الجزء الأكبر من الأرباح.
وفي ظل هكذا وضع، نلحظ أن هناك نوعاً من عدم اللامبالاة، عند التجار أو عند الموردين أو عند البائعين، سواء فيما يتعلق بنوعية القوانين الموجودة، أو بإمكانية تطبيقها، أو حتى بفعالية آليات المتابعة والرقابة والتفتيش من قبل الجهات الرسمية، أو حتى بجدوى الالتزام بلوائح الأسعار الاسترشادية أو غيرها، لأن التاجر الذي يرفع سعر المنتج أو الكيلو غرام بحوالي 5 شواكل، يعرف أن هناك احتمالاً قليلاً للمساءلة، وحتى وإن تم إحالتة إلى القضاء أو أن تم تقديم شكوى بحقه، فإن الحكم أو الغرامة أو العقاب، يمكن أن لا يتجاوز الـ 100 أو الـ 200 دينار أردني، وفي ظل هذا التخبط، فإن من يدفع الثمن مرة أخرى، هو المستهلك وأفراد عائلتة، وبالأخص أن ارتفاع الأسعار يطال سلعاً أساسية للجميع.
وبالإضافة إلى نوعية وفعالية القوانين، وإلى ضعف الرقابة والمتابعة، فإن المستهلك نفسه هو كذلك مسؤول ولو بشكل غير مباشر عن ارتفاع الأسعار، لأن المستهلك يستطيع أن يلعب دوراً هاماً وبشكل عفوي وغير مباشر في التحكم بالأسعار، وهذة نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الأسعار وبشكل كبير في أوقات معينة، وفي هذه الأيام مثلاً، وبالتالي فإن إقبال المستهلك وبشكل غير عقلاني على الشراء بسبب الخوف من مواصلة ارتفاع الأسعار، هذا الإقبال يفتح شهية التاجر، سواء أكان تاجر جملة أي المزود أو صاحب المحل على رفع الأسعار بشكل كبير وغير مبرر وغير مسؤول.
وفي ظل هذا التخبط والتكرار، ألسنا بحاجة إلى مراجعة معمقة للقوانين التي تتعامل مع الأسعار وجودة المنتجات، وألسنا بحاجة إلى مراجعة لآليات المراقبة والتفتيش والمتابعة، وكيفية تحديد الأسعار الاسترشادية، وكذلك إلى مراجعة لماذا لا يردع الواقع الحالي التجار من التلاعب بالأسعار ولماذا ما زال البعض يتصرف حسب المزاج والأهواء، وكذلك أليس من الضروري إعادة دراسة آليات التواصل مع المستهلك، وفي أساليب متابعة شكواه، وكذلك في الآليات المتبعة، للإثبات له أن هناك جهات، سواء أكانت رسمية أو غير رسمية تهتم به، وباحتياجاته وبشكواه، والذي يبدو أنه حتى الآن غير مقتنع أو على الأقل لا يثق بجدوى وجود هذه الجهات.
ومع الارتفاع الجنوني لأسعار الخضار والفواكه، وفي خضم هذا الوضع المقلق بل والمحزن للكثير، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي نحيا فيها، وفي ظل التخبط بأنواعه من السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فإن تواصل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار وتوسعه ليشمل سلعاً أخرى يحتاجها المواطن بشكل يومي، وبدون تدخل فاعل وحازم من الجهات ذات العلاقة، بدعوى الحفاظ على مبادئ اقتصاد السوق، فإن هذا الوضع يتجه نحو تعميق وربما نحو الانفجار المجتمعي، الذي سوف يكون من الصعب توقع تداعياته.
.............
وهذا الوضع يستدعي تدخل الجهات الرسمية وعلى أعلى المستويات، وكذلك منظمات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك، من خلال برامج وحملات عملية وبمخرجات واضحة.