في نظافة المكان الفلسطيني لا عذر لأحد
فراس عبيد
تُعد الأماكن غير النظيفة سواء كانت منازل أو شوارع أو مدناً أو بلاداً، عناوين للاختلال الفكري والطاقي، فكيف يمكن للإنسان أن يُمرر بسهولة وبيسر من داخله طاقة التطور وحب الجمال والحرص على النظام، وهو يعيش في بيئة غير نظيفة أو قذرة أو ملوثة؟ ألا يتناقض هذا مع هوية الإنسان الأساسية باعتباره باني كوكب الأرض، والمسؤول عن تطوره ورفعته؟
من الغريب حقا أن تكون هناك مجتمعات في العام 2024 لا تزال تلقي نفاياتها على أرصفة المدن وشوارعها، وفي أماكن التنزه وفي الطبيعة المقدسة! والأغرب هو وقوف أولي الأمر في تلك المجتمعات متفرجين، وكأنّ الأمر لا يعنيهم، وإن بذلوا جهدا فهو أقل القليل مما لا يُحدث تغييراً جذرياً على صعيد استئصال هذه الآفة المخزية.
ويشمل موضوع معالجة هذه الآفة جميع المؤسسات المنظِمة للمجتمع: أي الأسرة بتوجيهاتها للأبناء، والإعلام برسائله اليومية القوية لمختلف فئات الجمهور، والمؤسسة التعليمية المدرسية والجامعية، بحملاتها التطوعية المكثفة لتنظيف الشوارع والبيئة، بالتعاون مع البلديات والمحافظات، والحكومة بقوانينها الرادعة جداً، والبلديات بتوفيرها العدد الكافي من سلات النفايات في كل الشوارع والساحات، وأجهزة الإرشاد الديني والمعنوي.
إن المكان الأرضي الذي يخوض فيه الإنسان ذو الأصل السماوي، تجربته الوجودية، من خلال جسمه الفيزيائي، ينبغي أن يكون على أعلى درجة من درجات النظافة، حتى لا يتم تمرير صور مشوهة وسلبية عبر عين الإنسان المقدسة إلى وعيه الباطن وذكائه الصافي المبارك، فيحزن ويتشوش ويُحبَط، وهو ما يؤثر سلباً على مسار حياته.
هل أتينا إلى الكون لنحيا في بيئات قذرة؟!
هل أتينا إلى الكون لنعجز عن تنظيم مجتمعنا في جزئية النظافة؟!
هل من الصعب إلى هذا الحد إعادة ضبط وعي الناس وممارساتهم بخصوص موضوع نظافة المكان!
ألا توجد أمام أعيننا مئات المجتمعات في العالم التي نجحت بامتياز في معالجة هذا الملف؟!
إنه ملف يمكن معالجته وضبطه بشكل أسهل بكثير من معالجة وضبط وعي العالم في مسألتي الحروب وتوزيع المال!
في نظافة المكان الفلسطيني لا عذر لأحد!
إن المكان الأرضي الذي يخوض فيه الإنسان ذو الأصل السماوي تجربته الوجودية، من خلال جسمه الفيزيائي، ينبغي أن يكون على أعلى درجة من درجات النظافة.