منظمة التحرير الفلسطينية.. ما هو دورها اليوم ؟

يوليو 21, 2024 - 10:11
منظمة التحرير الفلسطينية.. ما هو دورها اليوم ؟

دلال صائب عريقات

كنت أشارك في جلسة حول الوساطة، وبالتحديد عن دور الشباب والمرأة في الحياة السياسية الفلسطينية، خاصة في مراكز صنع القرار السياسي وطاولات المفاوضات، فاستوقفتني مداخلة أحد الحاضرين، فكرة تستحق التفكير والإجابة الفورية، حين ذكرني أن فصيلاً فلسطينياً واحداً هو من يقوم بعملية التفاوض باسم الشعب الفلسطيني اليوم!


منظمة التحرير الفلسطينية من ناحية تمثيلية تتمتع بالشخصية القانونية الدولية غير المختلف عليها، لتمثيل كافة أطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. في السبعينات تم الاعتراف بها من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهذه صفة يجب عدم تجاهلها. عملياً، هناك غياب واضح لهذا الدور. منظمة التحرير هي المظلة التي تضم الجميع، وترتقي عن كافة المؤسسات بما فيها السلطة الفلسطينية. أدرك تماماً أن كلامي هذا ليس بجديد للبعض، ولكن وجب التذكير بأن السلطة الفلسطينية مرجعيتها المنظمة، ومن هنا رسالة مهمة وواضحة حول التمثيل القانوني للشعب الفلسطيني.


أكتب هذا المقال وأنا مدركة لأهمية شكل هذا التمثيل وشرعيته، وكيفية المساءلة والعدالة في من يمثل أركان هذه المظلة، وأن تتقدم معايير الكفاءة والمهارة والعلم والخبرة على العلاقات والانتماءات الفئوية في وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، بشكل ديمقراطي ووطني. في هذه المرحلة التاريخية المصيرية، وجب على هذه المنظمة استعادة حضورها وتمثيلها الحقيقي للشعب الفلسطيني.


رغم الجرح والألم، هناك فرصة على منظمة التحرير الفلسطينية التقاطها فوراً. وخلافاً للانسحاب الإسرائيلي السابق من غزة في عام 2005، فإن هذا ينبغي أن يتم بالتنسيق والتشاور مع الفلسطينيين والعرب، وان يُنظر إليه كجزء من حل سياسي شامل، وهو ما من شأنه أن يحفظ قطاع غزة عملياً كجزء من الدولة التي نحلم بها. وجب على منظمة التحرير لعب دورها الطبيعي في تمثيل الشعب الفلسطيني، وحمايته، واستعادة كرامته، بالشكل الذي يرقى لنضالات هذا الشعب وتضحياته .

هناك إنجازات قانونية ودبلوماسية، وقرارات وإجراءات احترازية في المحاكم الدولية، وآخرها الرأي الاستشاري الذي أبدته محكمة العدل الدولية بالأمس والذي يقدم حلولاً عملية يجب البناء عليها الآن من قبل الدبلوماسية الفلسطينية، المتمثلة بمنظمة التحرير التي انتهجت استراتيجية التدويل عام ٢٠١١-٢٠١٢، حتى جنينا الثمار القانونية اليوم، وهذا يعود لاستراتيجية وجهد منظمة التحرير على مدار العقدين السابقين. توظيف الأدوات القانونية يعتبر إسرائيل الدولة المحتلة بشكل غير قانوني، يتعين عليها أن تنهي أعمالها العدائية من جانب واحد وتنسحب، وبالتالي تنهي أعمال الإجرام الحالية، والتي اعترف حتى بعض أفراد الجيش الإسرائيلي، بأنها لن تدمر حماس، ولن تطلق سراح الرهائن الذين ينبغي إطلاق سراحهم في عملية تبادل، عملاً باتفاقيات جنيف الرابعة. للمراكمة الحقيقية بعد رأي المحكمة، فإن العلاقات الدبلوماسية الثنائية تستدعي تبني دبلوماسية قسرية مفادها العقوبات ضد دولة إسرائيل، بصفتها عضواً في المنظومة الدولية، وعدم استمرار إفلاتها من العقاب.


في الحديث عن مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار، نعلم جيداً أن أي اتفاق لن يوقف قتل الفلسطينيين أو تهجيرهم أو استهداف حقهم في تقرير المصير. الجانب الإسرائيلي واضح وضوح الشمس في مشروعه الكولونيالي، وعدم احترامه لأي قانون، ومخالفته واستخفافه بكل ما هو دولي قانوني أو سلمي. إن التركيز على شروط وقف إطلاق النار يمكن الأطراف، سواء حماس أو إسرائيل، من إطالة أمد المفاوضات إلى أجل غير مسمى، وبتكاليف إنسانية باهظة، وباختصار استدامة الحرب وإراقة الدم الفلسطيني، والقضاء على حق تقرير المصير، والخطير اليوم هو سيناريو الفصل الكامل لقطاع غزة، وهذا ما لا يريده أي فلسطيني حر ووطني ومسؤول، وعليه مطلوبٌ ممن يمثل أو ينتمي أو يحترم منظمة التحرير الفلسطينية العمل فوراً لاستعادة دور المنظمة حسب شخصيتها القانونية الجامعة والشاملة والموحدة.


تتوجه الفصائل في محاولة جديدة للعاصمة الصينية بكين. يبقى موضوع الوحدة وإنهاء الانقسام متطلباً أساسياً لأي أفق فلسطيني، ومن المحتمل أيضًا أن تكون هذه فرصة منظمة التحرير الفلسطينية الأخيرة لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، بما يضمن بقاء قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة المكونة للدولة الفلسطينية. مطلوب من منظمة التحرير اليوم أكثر من أي يوم آخر أن تستعيد مكانتها، وتعزز التمثيل الديمقراطي الحقيقي للشعب الفلسطيني، بالخروج بقيادة حقيقية وطنية ترتقي لحساسية المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية. منظمة التحرير يجب أن تفرض وجودها بعملية التفاوض حول غزة ومصير الشعب والقضية.

.........
أكتب هذا المقال وأنا مدركة لأهمية شكل هذا التمثيل وشرعيته، وكيفية المساءلة والعدالة في من يمثل أركان هذه المظلة، وأن تتقدم معايير الكفاءة والمهارة والعلم والخبرة على العلاقات والانتماءات الفئوية في وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، بشكل ديمقراطي ووطني.