في سبيل الموضوعية الوطنية الفلسطينية

في سبيل الموضوعية الوطنية الفلسطينية

نوفمبر 20, 2023 - 10:54
نوفمبر 20, 2023 - 12:38
في سبيل الموضوعية الوطنية الفلسطينية
في سبيل الموضوعية الوطنية الفلسطينية

لا شيء يرعب إسرائيل كإحساسها بأن حكايتها مؤقتة وأنها حتماً إلى زوال، وقد عزّزت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 هذا الهاجس، فها هي ماكينة الحرب الإسرائيلية تنتقم من أبناء شعبنا في قطاع غزة بعدائية غير مسبوقة، وتشنّ حرب إبادة ضدّهم. وسط جعجعة القيادات الإسرائيلية الغوغائية وتخبّط وفوضى ما زال سيّد الأحوال على مختلف الصعد والمستويات الإسرائيلية. ومع استعارّ حرب الدعاية الإلكترونية التي يسعى الاحتلال من ورائها لمحاصرة التضامن الدولي مع قطاع غزة، تبقى فلسطين الحاضر الدائم في كل مكان دون أن يتمكّن هذا الاحتلال من تغيير الحقيقة.
وبالحديث عن الحراكات الدبلوماسية والشعبية الفلسطينية إزاء التصعيد الراهن، يمكن القول أنها حراكات تقليدية في أوضاع غير تقليدية، وأنها ما زالت في أدنى حدود ما يستحقه منا الواجب الوطني، إذ أن إيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية لن يكون من خلال بذل الجهود الممكنة في الساحات الدولية فحسب، فخلق حالة تلاحم وطني على الأرض هو ضرورة وطنية ملحّة الآن للمواجهة والتصدّي ولتجاوز الانقسام المرير بين حركتي "فتح" و"حماس" وما عانته الساحة الفلسطينية جراء ذلك. إذ أن الفصيلين يحتاج كل منهما الآخر، ومن السذاجة تجاهل هذا المنطق الموضوعي، حيث سيبقى الانقسام الفلسطيني ورقة إسرائيلية وأميركية وغربية تستخدم لإفشال أي حصاد سياسي ممكن، مهما كان حجم الأعمال الفدائية الفلسطينية كبيراً.
وبالعودة للفشل الأمني والعسكري والاستخباراتي الإسرائيلي في ضوء عملية "طوفان الأقصى"، فقد ضجّت وسائل الإعلام العربية والعبرية والدولية بالجدل والنقاش حول فشل الوحدة 8200 - أقوى أذرع الاستخبارات الإسرائيلية" في السابع من أكتوبر، حيث أن "أكثر المعلومات الأمنية التي تتناقلها الأجهزة والوزارات والمستويات القيادية في إسرائيل مصدرها الأول هو وحدة 8200" بحسب الخبير العسكري الإسرائيلي أور هيلير.
ولعلّ الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي الذريع، سيحفّز الوحدات الإسرائيلية المختصة، أكثر من أي وقتٍ مضى، إلى تكثيف جهودها في الحرب الإلكترونية، التي تستهدف التلاعب بالعقول وتعزيز الإنقسام وإدخالنا في صراعات بينية هدفها إشعال الفتنة بين أبناء شعبنا وفصائلنا الوطنية.
اليوم ونحن نعيش في عصر تحول فيه العالم من قرية إلى غرفة الكترونية واحدة الكل ينادي بالعولمة والتعولم بخيره وشره، فالكل بالكل متأثر سلباً أو إيجاباً. انطلاقاً من هذه الحقيقة ومن الطبيعي بعد الفشل الإسرائيلي الذريع أن تتكثّف الجهود الإسرائيلية تجاه صناعة "أحصنة طروادة" في فلسطين، من أجل كبح جماح أي توجّه فلسطيني لحصاد سياسي مستقبلي، ومحاصرة التضامن الدولي مع فلسطين، وعكس الدعاية الإلكترونية لصالح الرواية الإسرائيلية وفرض ديكتاتورية الرواية الواحدة على العالم.
وخلاصة القول أن الموضوعية الوطنية تتطلّب جبهة وطنية عريضة تضم كافة الأفكار لتشكيل حائط مواجهة ضد تقدّم العدو وفكره وخططه الهادفة لضربنا من الداخل .
*كاتب وباحث فلسطيني
fadiabubaker@hotmail.com