ما الذي يثبِّت نساء غزة؟
ريما محمد زنادة
ما زال صمود غزة يحيّر العالم، فمن الصعب أن يستوعب العقل البشري كل ما يحدث، فكيف لهذه الأرض صغيرة المساحة بأعدادها القليلة تقاوم جيش الاحتلال الذي يزعم أنه لا يُقهر! لكن الحقيقة أنه اليوم مرّغ أنفه بالتراب وكسرت شوكته رغم عتاده وأسلحته المتطورة والدعم الأمريكي غير المشروط أو المحدود سواء بالمال أو الأسلحة وغيرها من الدول الداعمة له كذلك.
لا بد أن لهذا الصمود أسرار غيبت عن كثيرين، منها صمود المرأة الفلسطينية التي استمدته من منهج إسلامها الصحيح وإيمانها العميق بعدالة قضيتها، وانها أكبر بكثير من قضية وطن، بل هي عقيدة تدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة.
قوية بالإيمان
حينما تكون هذه المرأة متسلحة بهذا الإيمان، فإنها بالتأكيد لن تكون امرأة عادية، فيدها الحنون على رأس طفلها هي نفسها اليد التي ترفعها بالدعاء بأن يثخن نجلها المقاوم في العدو، وهي نفس اليد التي تستقبل جثمان نجلها الشهيد، وذات اليد التي تحتضن زوجة الشهيد وأطفال الشهيد.
هي اليد ذاتها التي حاولت أن ترفع حجارة ركام بيتها المقصوف لعلها تجد بقايا أشلاء زوجها أو ما تبقى من جثامين أبنائها.
نور القرآن
ورغم ذلك، ستجدها نوراً تضيء ظلمة الحرب من خلال تثبت قلبها في حفظ آيات القرآن، وليس ذلك فحسب، بل جعلت من مكان نزوحها رغم بساطته وقلة الإمكانات مركزاً لتحفيظ القرآن للنساء من مختلف الأعمار.
والأكثر جمالاً مما يعطي القلب إشراقة أمل أن هذا الحفظ سيتوج بسرد القرآن كاملاً على جلسة واحدة لمن استطعن حفظه كاملاً، أما اللاتي لم يحفظنه كاملاً بعد فإنهن سيسردن الأجزاء التي حفظنها.
زوجة وأم الشهيد
وحينما تلقي نظرة عليهن سيشعر القلب بأمان من الصعب أن تنزعه شراسة الاحتلال.
ويزداد الأمر صموداً حينما ترى المحفظات إحداهن زوجة شهيد وأخرى أماً لشهداء، بينما المحفظة الأخرى هي زوجة وأم شهيد وقد قُصفت منازلهن.
والحال ذاته للحافظات، فمنهن من استشهدت عائلتها بالكامل، وأخرى زوجة شهيد، وأم لعدد من الشهداء.
غزة لن تُهزم
حينما نرى الوجه المشرق لصمود المرأة الفلسطينية في غزة، نتيقن أنه من المحال أن تهزم رغم الدمار الهائل وأعداد الشهداء المتصاعدة، يقابلها تصاعد في أعداد الجرحى في وجود إغلاق وحصار مشدد دمرت فيه مساجد ومستشفيات ومؤسسات وبيوت غزة.
حال غزة من الصعب أن يوصف بكلمات، كذلك صمود نساء غزة، خاصة أن هذا الصمود لم يولد في يوم وليلة، إنما جاء وليد سنوات طويلة تربت فيها على ترتيل سور القرآن، منها "الأنفال" و"التوبة" و"الحشر" وغيرها الكثير، بتفسير آياتها ومعنى الجهاد الذي يكون فيه اتجاه البوصلة الصحيحة في سبيل الله تعالى.