لبنان يتراجع عن السماح للجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل على أراضيه
تراجع لبنان عن قراره السماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب على أراضيه، فيما استنكرت منظمة حقوقية بارزة ما وصفته بأنه ضياع "فرصة تاريخية" لتحقيق العدالة
وصوتت حكومة تصريف الأعمال في لبنان في أبريل على توجيه وزارة الخارجية لتقديم إقرار يسمح للمحكمة بالتحقيق في مزاعم عن ارتكاب جرائم حرب نفذتها إسرائيل على الأراضي اللبنانية منذ السابع من أكتوبر (إطلاق حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى") وإجراء محاكمات بهذا الخصوص.
ولم يقدم وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الإقرار المطلوب إطلاقا، ونشرت الحكومة يوم الثلاثاء قرارا معدلا لم يأت على ذكر المحكمة الجنائية الدولية وجاء به أن لبنان سيتقدم بشكاوى إلى الأمم المتحدة بدلا من ذلك، وفق ما ذكرت وكالة "رويترز".
هذا ويقدم لبنان بانتظام شكاوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من القصف الإسرائيلي المستمر منذ سبعة أشهر، لكن ذلك لم يؤد إلى استصدار قرارات ملزمة من الأمم المتحدة.
وأشارت "رويترز" إلى أن بو حبيب لم يرد على سؤالها عن سبب عدم تقديم الإقرار المطلوب.
جدبر بالذكر أن لبنان يتهم إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بشكل متكرر منذ أكتوبر، حين بدأ الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" تبادل إطلاق النار بالتوازي مع حرب غزة.
وأسفر القصف الإسرائيلي منذ ذلك الحين عن مقتل نحو 80 مدنيا، بينهم أطفال ومسعفون وصحفيون، في لبنان.
ولبنان وإسرائيل ليسا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يتعين على كل منهما تقديم إقرار رسمي يمنحها السلطة القضائية لبدء تحقيقات في خلال فترة زمنية معينة.
ونقلت "رويترز" عن مسؤول لبناني قوله إن قرار الحكومة في البداية أحدث "لبسا" بشأن ما إذا كان الإقرار "سيفتح الباب أمام المحكمة للتحقيق في كل ما تريد عبر ملفات مختلفة"، لافتا إلى أن طلب إعادة النظر في القرار جاء من الوزير جورج كلاس.
وأكد كلاس لـ"رويترز" أنه طلب إعادة النظر في قرار الحكومة الأولي، لكنه نفى أن يكون ذلك خوفا من أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق أعضاء في "حزب الله" أو حركة "أمل".
ونددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتراجع الحكومة عن قرارها، إذ أوضح رمزي قيس الباحث في شؤون لبنان لدى هيومن رايتس ووتش قائلا: "أتيحت للحكومة اللبنانية فرصة تاريخية لضمان تحقيق العدالة والمحاسبة على جرائم الحرب في لبنان. عار عليهم تضييع هذه الفرصة".
وأضاف لـ"رويترز": "العدول عن هذا القرار يظهر أن دعوات لبنان للمحاسبة جوفاء".
وذكر وزير الإعلام زياد المكاري، وهو المتحدث باسم الحكومة، أنه يؤيد القرار الأولي، رغم العدول عنه، وسيواصل "البحث عن محاكم دولية أخرى لتحقيق العدالة".
يشار إلى أن لبنان تراجع عن قراره بعد أيام قليلة من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وثلاثة من قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" بتهمة "ارتكاب جرائم حرب".
وجاءت الدفعة الأولى لتقديم إقرار للمحكمة الجنائية الدولية من النائبة حليمة القعقور، الحاصلة على دكتوراه في القانون الدولي العام، وأوصت بهذا الإجراء لجنة العدل بالبرلمان التي أيدته بالإجماع.
ووافق مجلس الوزراء عليه في أواخر أبريل.
وصرخت حليمة القعقور لـ"رويترز" بالقول: "الأحزاب السياسية التي دعمت هذه المبادرة بالبداية، شكلهن غيروا رأيهن. بس ما شرحولنا ليش، ولا شرحوا للشعب اللبناني"، متابعة: "شكاوى لبنان لمجلس الأمن بالأمم المتحدة ما بتوصل لمحل. كان عندنا فرصة نعطي المحكمة الجنائية الدولية مهلة زمنية، فيه عندنا كل شي موثق، إذا منقدر نستخدم هذه الوسائل الدولية، ليش لا؟"
ومنذ إطلاق حركة "حماس" عملية طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر وما تبعها من حرب مدمرة على قطاع غزة، ينفذ "حزب الله" عمليات نوعية ضد إسرائيل، مؤكدا أنه ينفذ هذه العمليات العسكرية "دعما لغزة"، ولخلق "جبهة مساندة" ضد الجيش الإسرائيلي، في حين يشدد الحزب على أن توقف عملياته "رهن بتوقف العدوان على القطاع".