رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن
بقلم: برهان السعدي
رسالة مختصرة وبإيجاز أوجهها للرئيس الأمريكي قبيل جولة وزير خارجيته بلينكين لمنطقتنا العربية، والتي يطلق عليها اسم الشرق الأوسط.
نحن كشعب فلسطيني نتابع مواقفكم ومواقف إدارتكم نحو قضيتنا الفلسطينية وما له علاقة بها بشكل خاص، عدا عن سياساتكم المحلية والدولية.
لقد لمسنا تحولا في تصريحات إدارتكم نحو قضيتنا الفلسطينية، بتكرار التوجه في المدى البعيد لتحقيق أمن إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية، وإصداركم الأمر التنفيذي الذي يسمح بإصدار عقوبات ضد المستوطنين في الضفة الغربية، وتوجه وزارتكم الخارجية بإصدار مجموعة أولية من التصنيفات بموجب الأمر التنفيذي، وما صرحه مستشار أمنكم القومي بأن عنف المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين بلغ حدا لا يمكن التسامح معه، وأن هذا العنف يقوض أمن إسرائيل وقد يزعزع الأمن الإقليمي مما يهدد الأمن القومي الأمريكي، كما تابعنا قرار وزارة خارجيتكم بفرض عقوبات على أربعة إسرائيليين مرتبطين بالعنف ضد المدنيين في الضفة الغربية بموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره سيادتكم.
كما تابعنا تصدير أوامركم لقواتكم بقصف عشرات الأهداف في سوريا والعراق ردا على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أعداد أخرى من جنودكم في قاعدة أمريكية في الأراضي العربية، وقصف طائراتكم شراكة مع بريطانيا لأهداف في اليمن ردا على استهدافها لسفن متوجهة نحو إسرائيل.
ونتابع تصريحاتكم بأنكم لا تريدون تصعيدا يجر إلى حرب إقليمية. والسؤال: ماذا تريد الولايات المتحدة من خطواتها التي تمس فلسطين، أو المستوطنين في الضفة الغربية؟؟
هل هو توجه ينبع من إدراك الإدارة الأمريكية لحجم الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني بسبب دعمها التاريخي للاحتلال الإسرائيلي لوطننا فلسطين؟!
أتكلم معكم بصراحة عن مكنونات الشارع الفلسطيني والعربي، وليس فقط عن رؤيا الكتاب والمفكرين والمثقفين الفلسطينيين والعرب. موضحا لإدارتكم لعل ذلك يفيد مصلحة أمنكم القومي العليا، فإذا فكرت إدارتكم أنها تتعامل مع حكام بلادنا الذي يواجهون سياساتكم ومواقفكم بين خجل وخوف من عظمة دعمكم للاحتلال الإسرائيلي، ولحجم قواعدكم العسكرية في المنطقة العربية، وإذا تعاملتم بأن الشعب الفلسطيني من السذاجة والحماقة ليقتنع بجدية خطواتكم فإنكم تقعون في خطأ تقدير الموقف.
نحن كشعب فلسطيني سعيدون جدا بهذه التغيرات الشكلية في مواقف إدارتكم، لكننا نتساءل، ونحن ندرك الإجابة يقيناً، فإذا أردتم عقاب مستوطنين في الضفة الغربية، فلماذا تكون العقوبة لمستوطنين لا يملكون مصالح في الولايات المتحدة، ولا يحتاجون لإشارات سفر لزيارة بلادكم أو الاستثمار فيها. فهناك رؤساؤهم الذين هم أكثر تطرفا منهم، ويوجهونهم ولهم مصالح في بلادكم، وهم الذين يمكن أن تؤثر فيهم عقوبات، ويمكن أن تردع غيرهم من المستوطنين الذين يمارسون العنف بحق الأبرياء والعزل من المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين.
وإذا أردتم بتوجهكم هذا إنصاف الفلسطينيين بمساعدتهم بإقامة دولتهم المستقلة والحرة، فالأولى في البداية وقف الإبادة المتواصلة بمشاهد يومية على مرآى شاشاتكم وإعلامكم.
وطرح إدارتكم بتخفيف الإصابات بين المدنيين الفلسطينيين، فهذا يعني دعمكم لشرعية قتلهم لأطفال ونساء وشباب وأبناء شعبنا الفلسطيني في غزة وغيرها من أماكن فلسطينية تشهد القتل اليومي بأحدث أسلحتكم مع جنود الاحتلال الإسرائيلي.
نحن نتابع الأحداث الداخلية على امتداد الولايات في بلادكم، متمنين لكم الخير، لأننا شعب يحب السلام للجميع، ونحب أن تتمتع جميع الشعوب في دولها بالأمن والرفاهية والاستقرار، فلماذا تحرموننا حتى من حرياتنا واستقلالنا وحقنا في التخلص من الاحتلال العنصري مقترف الجرائم، ومن حقنا في إقامة دولة مستقلة على غرار جميع الشعوب في أوطانها.
ولماذا التفكير يا سيادة رئيس أكبر دولة في العالم بمخاوف يمكن أن تنشأ من قيام دولة لما ستشكله تهديداً لدولة نووية تمتلك جميع ما يوجد في ترسانات بلادكم من أحدث الأسلحة والقاذفات والصواريخ؟؟! فالأولى التفكير بحماية هذه الدولة الناشئة.
بكلمة، نطمح بالعدالة والسلام في دولة مستقلة وحرة، وعودة اللاجئين الذي شردتهم النكبة عام 1948 بسبب دعم الدول التي تنادي بالحريات والديمقراطية لإقامة دولة إسرائيل على حساب شعبنا وأرض وطننا. فالفرصة الآن أمامكم جميعا للتكفير عن الجرائم التي اقترفت بحق شعبنا، فقضية شعبنا لم تبدأ في السابع من تشرين أول عام 2023م، إنما منذ بداية التنكيل بشعبنا بسبب وعد بلفور ودعم بريطانيا والولايات المتحدة ودول أوروبا لهذه النكبة بحق شعبنا.
أرجو أن تكون هذه الرسالة قد ألقت الضوء على ما يفكر به شعبنا وأمتنا، فتحقيق الأمن القومي لبلادكم يمر من إنصاف شعبنا بتقرير مصيره، وإقامة دولته الحرة والمستقلة.
ولتكن تعاليم أبراهام لنكولن والرئيس ويلسون منارة توجهكم في إحقاق حقوق شعبنا.