غزة.. واقع صعب وحرب مستعرة
غزة طائر الفينيق الذي سينهض من تحت الركام ويبعث من جديد للحياة أكثر قوة، وأكثر حبًا، وأكثر عنفوانًا، وأكثر اندفاعًا، وأكثر إرادة وعزيمة.
عشرة أيام بعد المئة مضت والحرب على غزة مستمرة، والعدوان يتسع والخراب يزداد وتزداد معه معاناة من هم على قيد الحياة في غزة، خاصة مع دخول المنخفضات الشتوية الجوية والناس تعيش في خيام لا تقي من البرد ولا تحمي من المطر، وسط ظروف حياتية مستحيلة، بلا غذاء ولا دواء، وتحت القصف الدائم الذي لا يتوقف.
الواقع الظالم المفروض على الناس في غزة مؤلم لكل نفس بشرية، فما يعيشه الناس من حياة صعبة ومستحيلة، وسط انعدام كل شيء، أفقدنا الرغبة في كل شيء، ونحن نرى مع كل يوم كيف تزداد صعوبة العيش في مساحة ضيقة، ثم ما بدأنا نسمعه عن انتشار لأوبئة أبرزها ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية الكبد الوبائي، وغيرها من الأمراض الأخرى والناس بلا دواء، وبلا مختبرات للفحص، ومضطرين على حياة الاكتظاظ داخل مخيمات ضيقة.
ووسط هذا الواقع، تتواصل حرب الإبادة وتتواصل معاناة الناس وحياتهم التي يعيشون ظروفها الصعبة في ظل الحرب والحصار، ومهما كتبنا عن ذلك فلن نصف حقيقة المعاناة، ولكن كي لا نعتاد المشهد علينا أن نكتب ما يعيشه الناس في غزة، وما يعانيه سكان القطاع والعالم يشهد ذلك بالصمت حينًا والاستنكار أحيانًا، ولا جدوى من ذلك فلا الصمت ولا الاستنكار يوقف هذه الحرب المستعرة، ولا يخفف من معاناة الناس.
المنظمات الدولية تقف عاجزة منذ بدأت الحرب عن حماية المدنين، والدول أيضًا كذلك، في حين يواصل الاحتلال حربه وعدوانه ضاربًا كل المواثيق والمبادئ، وهو يواصل القتل الجماعي والعقوبات الجماعية على الناس الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، بحجة البحث عن نصر فوق ما أحدثه من خراب، وأيّ نصر هذا الذي يبحث عنه جيش بترسانة حقده ونيرانه يهاجم الأطفال والنساء والشيوخ، ومن حاولوا الاحتماء داخل الخيام.
التهجير نحو الجنوب، وطرد الناس من شمال القطاع بقوة القصف والنيران، ثم الانقضاض على الوسط والجنوب ومنع الناس من العودة إلى الشمال، شاهدًا واضحًا على أن النوايا هي القتل والموت وارتكاب المزيد من المجازر والمذابح، وأن الحصار الذي يشتد هدفه أيضًا موت الناس فمن لم يمت بالقصف، يموت جوعًا وعطشًا، وهذا ما يريده الاحتلال الذي أسقط مئات الأطنان من البارود والصواريخ والقذائف، سحقت غزة ودمرتها، وفي تقرير للأمم المتحدة أظهر أن ٣٠ بالمئة من بيوت ومنشآت غزة تم تدميرها بشكل كامل وأن ٧٠ بالمئة تم تدميرها بشكل جزئي. التقرير مخيف لكل من التفت له، حيث يعني أن الضرر العام في البيوت والمنشآت والمساكن شامل وحتى التدمير الجزئي هنا يعني أن الضرر كبير وإن لم يسقط البناء، فلم يعد صالحًا للعيش فيه.
لا شيء يمكن أن يحققه نتنياهو وحكومته وجيشه من هذه الحرب فعن أيّ نصر يبحث، وفي صور الضحايا مشاهد تدمي قلوب العالمين، وفي مصائر العائلات موت أطبق عليهم فماتت عائلات بكاملها ولم يبق من تلك العائلات أحدًا. هي حرب تطهير عرقي، وحرب إبادة جماعية، لن يسلم منها أحد في غزة، فكيف لهذا العالم أن يبقى صامتًا؟ وكيف للبشرية أن تسكت؟ وإلى متى!!!