هل يصلح الإدراك المتأخر دليل إثبات او نفي؟ 

محمد قاروط أبو رحمه 

ديسمبر 12, 2025 - 21:32
هل يصلح الإدراك المتأخر دليل إثبات او نفي؟ 

هل يصلح الإدراك المتأخر دليل إثبات او نفي؟ 
محمد قاروط أبو رحمه 

(الملخص: كلما واجهتنا عقبة او نكسة او حصلنا على نجاح محدد؛ ينبري البعض بالتعليق كنت أعلم ذلك؛ او قلت ذلك؛ وهكذا. في هذا المقال سنجيب على سؤال: هل يصح الإدراك المتأخر دليل نفي او اثبات؟)

لا يصلح الإدراك المتأخر  دليلاً للنفي أو الإثبات في المسائل الجادة والموضوعية (القانونية، العلمية، أو التحليل المنطقي).

بل على العكس تماماً، الإدراك المتأخر هو تشوه معرفي يُضعف الأدلة ويجعلها غير موثوقة.

لماذا لا يصلح كدليل؟
الإدراك المتأخر هو ميل الفرد لتفسير الأحداث الماضية على أنها كانت متوقعة أو حتمية بعد وقوعها، وكأن الشخص كان يعرف النتيجة مسبقاً.
تشويه للذاكرة: 
الإدراك المتأخر يغير كيفية تذكرنا للمعلومات السابقة للحدث. نحن "ننسى" الشكوك التي كانت لدينا قبل وقوع الحدث ونركز فقط على الإشارات التي تتوافق مع النتيجة النهائية.

غياب الموضوعية: 
الدليل الصالح يجب أن يكون موضوعياً ومستقلاً عن النتيجة النهائية. الإدراك المتأخر دليل "مُلَوَّث" بالمعرفة اللاحقة.

تبسيط مخل للأحداث: 
هو يجعل القرارات المعقدة تبدو ساذجة أو واضحة بشكل مفرط بعد فوات الأوان، متجاهلاً حالة عدم اليقين والمخاطر التي كانت موجودة وقت اتخاذ القرار.

مثال يوضح المشكلة:
اعلان المبادئ اوسلو او اتفاقية باريس: 
لا يمكن قبول شهادة شخص يقول: "كنت أعلم طوال الوقت أن هذا المشروع السياسي  سيفشل" كدليل. على سوء نية الاحتلال وحلفائه. لان الصراع السياسي لا يعتمد على النيات وحسن الظن بالعدو.

"الشعور" بأنه كان متوقعاً هو نتاج تشوه معرفي وإدراك متأخر، وليس حقيقة موضوعية.

الإدراك المتأخر هو خطأ في التفكير البشري، وليس أداة للتحقق من الصحة. إنه يفسر كيف نفكر بشكل غير منطقي بعد الحدث، ولا يمكن استخدامه لإثبات أو نفي حدوث شيء ما بشكل قاطع. 
الأدلة القوية هي تلك التي كانت موجودة وموثقة قبل وقوع النتيجة