تهديدات بن غفير.. استراتيجية ممنهجة لتقويض السلطة والتمثيل الوطني
تأتي التصريحات الأخيرة لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، التي دعا فيها إلى اعتقال الرئيس محمود عباس وتصفية القيادة الفلسطينية، في ما يبدو، جزءاً من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تفكيك السلطة وتقويضها، وتقليص دورها كجهة شرعية وكيان يمثل الشعب الفلسطيني.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذه التصريحات تشير إلى محاولة رسم مسار سياسي وأمني جديد يعتمد على تحويل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من بعد سياسي إلى بعد أمني خالص، ما يضع القيادة الفلسطينية وشرعيتها تحت تهديد مباشر.
ويشيرون إلى أن هذه التصريحات قد تعكس الصعود المستمر للتيار اليميني المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية، الذي يسعى إلى استخدام خطاب التحريض لتحقيق مكاسب انتخابية وتعزيز مكانته لدى الجمهور اليميني الشعبوي.
ويُظهر هذا الخطاب وفق الكتاب والمحللين والمختصين وأساتذة الجامعات، توجه الحكومة الإسرائيلية نحو توسيع التأثير الكاهاني، الذي يرفض الاعتراف بالقيادة الفلسطينية ويرى في السلطة الوطنية عقبة أمام مشروع الضم والاستيطان، ما يجعل أي محاولة لتحجيم أو تفكيك السلطة الفلسطينية جزءاً من رؤية سياسية متكاملة.
سياسات ممنهجة تستهدف القيادة
تعتبر أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية، د. دلال عريقات، أن تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لاعتقال الرئيس محمود عباس وتصفية القيادة الفلسطينية تأتي في إطار سياسات ممنهجة تستهدف القيادة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وتوضح عريقات أن بن غفير شخصية "مجَرمة وغير قانونية"، وأن كل ما يصدر عنه يقع ضمن نطاق الإجرام والفكر الإجرامي، مشيرة إلى أن هذا ليس تهديدًا أولًا من نوعه، فالرئيس الراحل ياسر عرفات سبق وتعرّض لمثل هذه التهديدات، وواجه حصارًا استمر حتى استشهاده.
وتؤكد أن هذه التصريحات تكشف استهداف القيادة بشكل مباشر، ما يؤكد أن التمثيل الفلسطيني ككيان رسمي معبر عن الشعب الفلسطيني مستهدف بشكل ممنهج.
وتشير عريقات إلى أن شخصيات إسرائيلية متطرفة، مثل بن غفير، تعكس موقفًا إسرائيليا واضحًا بعدم قبول أي قيادة فلسطينية شرعية، أو حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، أو وجود دولة فلسطينية، أو حتى الاعتراف بممثل فلسطيني رسمي كطرف في أي عملية سلام.
وتشدد عريقات على أن هذا التحريض جزء من عملية إجرام منظمة تشمل ثلاث جرائم رئيسية، هي: الإبادة الجماعية، والأبارتهايد أو الفصل العنصري، والضم الفعلي للأرض، التي تُنفّذ ضمن المشروع الاستيطاني الكولونيالي بهدف تهجير الشعب الفلسطيني وإحلال المستوطنين اليهود مكانه.
وتؤكد عريقات أن كل هذه الإجراءات تجري تحت مظلة الاحتلال العسكري الإسرائيلي طويل الأمد وغير القانوني، وأن استهداف القيادة يأتي رداً على تمسكها بالشرعية الدولية، وباستخدام الأدوات الدبلوماسية والحضارية والقانونية لتفضح جرائم الاحتلال.
وترى أن هذه السياسات الإسرائيلية المتكررة، بما فيها التهديدات العلنية، تشكّل جزءًا من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إضعاف القيادة الفلسطينية وتقويض قدرتها على تمثيل شعبها، وتحويل محاولات السلام والدبلوماسية إلى معركة مستمرة ضد المشروع الاستيطاني والهيمنة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية.
وتشدد عريقات على أن استمرار الممارسات الإسرائيلية والتهديدات والإجرام يعود بشكل رئيسي إلى الإفلات المتكرر لإسرائيل من العقاب.
مناخ سياسي إسرائيلي آخذ بالتصاعد ضد السلطة
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن دعوة بن غفير لاعتقال الرئيس عباس وتصفية القيادة لتفكيك السلطة ليست مجرد تصريح فردي أو هامشي رغم أن بن غفير "طرف هامشي وليس مركزيًا" داخل الحكومة الإسرائيلية، لكنها تعبّر بوضوح عن مناخ سياسي إسرائيلي آخذ بالتصاعد ضد السلطة الفلسطينية وضد شخصية الرئيس محمود عباس باعتباره رأس هرمها.
ويوضح عطا الله أن البيئة السياسية داخل إسرائيل باتت أكثر تقبّلًا لخطاب اليمين المتطرف، وأن تصريحات بن غفير تأتي في سياق هذا التحوّل، حيث تقدّر إسرائيل أن المساس بالرئيس محمود عباس، سواء عبر غيابه أو اعتقاله أو أي استهداف مباشر لشخصه، سيؤدي عمليًا إلى تفكيك السلطة، وهو ما يجعل دعوة بن غفير تبدو كأنها محاولة للإسراع في دفع الأمور نحو هذا الاتجاه.
ويشير إلى أن إسرائيل تنظر إلى السلطة الوطنية من زاوية ارتباطها بشخص الرئيس الذي لم تُجرَ انتخابات لتجديد شرعيته منذ سنوات، وفي ظل صعوبة إجراء الانتخابات حاليًا، فإن أي تغير مفاجئ يتعلق بالرئيس قد يُدخل الوضع الفلسطيني في مأزق خطير، وهو ما يجعل التحريض الإسرائيلي المتصاعد يحمل أبعادًا سياسية تتجاوز السجالات العلنية.
وبشأن بيان الرئاسة الذي حمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذا التحريض، يرى عطا الله أن هذا الموقف طبيعي ولا يحمل أي مضامين غير مألوفة، إذ يأتي في إطار مواجهة حملة منظمة يقودها وزراء يمينيون داخل حكومة نتنياهو.
ويوضح أن البيان تضمّن رسائل مباشرة للمجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والمؤسسات الدولية، مفادها أن إسرائيل تسعى أو تخطّط للنيل من السلطة الفلسطينية ومن الرئيس عباس، الأمر الذي يهدد الاستقرار السياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية.
ويشدد عطا الله على أن خطورة اللحظة تكمن في أن التحريض على الرئيس والسلطة لم يعد قضية تصريحات فقط، بل بات جزءًا من رؤية سياسية إسرائيلية ترى في تفكك السلطة مصلحة محتملة، معتبرًا أن استمرار هذا المناخ قد يدفع المنطقة نحو مرحلة حساسة شديدة التعقيد إذا لم تتدخل الأطراف الدولية للجم هذا الاتجاه.
محاولة جديدة لـ"الاستهلاك المحلي"
يؤكد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس أن التصريحات الأخيرة التي أطلقها بن غفير بشأن اعتقال الرئيس عباس وتصفية القيادة المرحلة ليست سوى محاولة جديدة لـ"الاستهلاك المحلي" داخل إسرائيل، بهدف كسب رضى قواعد اليمين الفاشي والحصول على تغطية إعلامية واسعة.
ويوضح عباس أن هذه التصريحات تأتي امتداداً لخطاب تحريضي قديم، إذ لم تتوقف التهديدات الإسرائيلية ضد الرئيس محمود عباس منذ توليه رئاسة السلطة الفلسطينية، حيث تعتبره القيادة الإسرائيلية "معادياً لإسرائيل والصهيونية" وتشكل مواقفه السياسية خطراً على مشروعها.
ويبيّن عباس أن تمسك الرئيس محمود عباس بالثوابت الوطنية، وإصراره على إقامة الدولة الفلسطينية وعدم التنازل عن الحقوق السياسية، يقفان خلف تصاعد الخطاب التحريضي الإسرائيلي ضده.
ويشير عباس إلى أن تحميل الجانب الفلسطيني لحكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تصريحات بن غفير يحمل دلالات سياسية مهمة، إذ يضع المجتمع الدولي أمام صورة واضحة لحجم التحريض الذي تمارسه شخصيات حكومية إسرائيلية ضد القيادة الفلسطينية.
وبحسب عباس، فإن إبراز هذه التصريحات دولياً يشكّل دليلاً إضافياً على النوايا الإسرائيلية تجاه قادة الشعب الفلسطيني، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، الأمر الذي من شأنه دفع المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أكثر وضوحاً وحزماً تجاه استمرار التحريض الرسمي في إسرائيل.
ويشير عباس إلى أن بن غفير، الذي يُعد شخصية غير مرغوب بها في معظم دول العالم، سيواجه ردود فعل دولية في حال استمراره بتصعيد هذا الخطاب، مشدداً على أن هذه الممارسات تكشف الأزمة السياسية داخل إسرائيل ومحاولة قادة اليمين المتطرف توظيف التهديدات لتعزيز حضورهم الداخلي على حساب الاستقرار السياسي في المنطقة.
إزالة الخط الفاصل بين الدولة والميليشيا
يؤكد أستاذ العلوم السياسية في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د.رائد الدبعي، أن تصريحات بن غفير حول اعتقال الرئيس وتصفية تكشف تحولاً عميقاً في بنية الحكم داخل إسرائيل، وإزالة الخط الفاصل بين الدولة والميليشيا.
ويشير الدبعي إلى أن ما صدر عن بن غفير لا يعد مجرد زلة لسان، بل يعكس تآكلاً مؤسسياً لصالح الفكر اليميني المتطرف والعصابات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية.
ويوضح أن خروج وزير يتمتع بصلاحيات رسمية ومسؤوليات وزارية للتحريض علنًا على رئيس معترف به دولياً يمثل انتقال إسرائيل من لغة دولة مؤسسات إلى لغة يمين كاهني متطرف، ما يسقط أي ادعاء إسرائيل بتمثيل دولة قانون ومؤسسات.
ويؤكد الدبعي أن هذا التحريض يحمل بعداً داخلياً انتخابياً، إذ يسعى بن غفير إلى المزايدة على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وعلى وزير المالية بتسلائيل سموتريتش، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات المقبلة، محاولاً استقطاب أصوات اليمين الشعبوي المتشدد من خلال خطاب متطرف ضد القيادة الفلسطينية.
ويشير إلى أن التحريض الإسرائيلي يعكس أيضاً عقلية اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، الذي يرفض الاعتراف بالقيادة الوطنية الفلسطينية، وينقل الصراع من بعد سياسي وحقوقي إلى بعد أمني خالص.
ويلفت الدبعي إلى أن تعامل الحكومة الإسرائيلية مع القيادة الفلسطينية والرئيس عباس ومنظمة التحرير كأهداف أمنية، وليس كسياسيين، يعكس توجهًا عدميًا نحو تقويض السلطة الفلسطينية أو حتى تفكيكها.
ويؤكد أن هذا التحريض يفتح المجال أمام ترجمة الخطاب إلى عنف مباشر ضد الفلسطينيين، محذراً من تصاعد التوترات الأمنية في مناطق التماس مع المستوطنات والجماعات المتطرفة.
ويشدد الدبعي على أن هذا الموقف يضع السلطة الفلسطينية في مواجهة مباشرة مع خطاب رسمي يعبر عن توجه حكومي، ويعكس البيئة الفكرية والسياسية التي ترعاها الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تقرر ترك بن غفير للتحرك دون رادع سياسي أو قانوني.
ويشير إلى أن هذه التصريحات تقوض أي افتراض بوجود مسار سياسي قائم، بما في ذلك صيغة حل الدولتين، حيث يتم التعامل مع القيادة الفلسطينية المعترف بها دولياً كهدف للإلغاء والملاحقة، ما يعكس منطقًا مؤسسياً للتعامل مع الشعب الفلسطيني برمته على أنه تهديد أمني يجب احتواؤه.
ويلفت الدبعي إلى أن هذا التوجه يعكس استمرار تمدد التيار الكاهني داخل الحكومة الإسرائيلية، الذي يرى أن السلطة الفلسطينية خطر على مشروع الضم والاستيطان الإسرائيلي.
احتمالات خطوات أحادية خطيرة
ويوضح الدبعي أن هذا التحريض يشير إلى احتمالات خطوات أحادية خطيرة من جانب إسرائيل، تشمل تفكيك السلطة أو حلها، ويضعها أمام انتقادات دولية متزايدة، بما في ذلك من شركائها التقليديين في الاتحاد الأوروبي، لما يخالفه من القانون الدولي والاتفاقيات السابقة المعترف بها دولياً.
ويؤكد أن الرئاسة ومنظمة التحرير تعتبر أن هذا التحريض ليس مجرد رأي شخصي، بل يعكس السياسات الرسمية للحكومة الإسرائيلية، ويجب تحميلها المسؤولية كاملة، مع مطالبة المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية بشكل خاص، بالتدخل لوقف هذه العملية.
ويشير الدبعي إلى أن هذه التطورات تؤكد أن إسرائيل تنزلق نحو سلوك ميليشياوي ودولة مارقة، تسمح لوزرائها بالتحريض العلني ضد قيادة منتخبة وشرعية، ما يشجع على العنف والاستهداف المباشر، ويدعو لتفعيل آليات الحماية الدولية للقيادة الفلسطينية، وتحميل المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية مسؤولياتهم تجاه حماية السلطة الوطنية الفلسطينية ومنع استهداف قيادتها ومؤسساتها.
"ترجمة صادقة" لتيار اليمين الديني المتطرف
يرى الكاتب والمحلل السياسي عوني المشني أن التصريحات الأخيرة لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حول اعتقال الرئيس عباس وتصفية القيادة ليست معزولة عن السياق السياسي الذي يعيشه اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، بل تمثّل "ترجمة صادقة" لمواقف هذا التيار الذي يتبنّى مقاربة تقوم على حسم الصراع مع الفلسطينيين، وهي السياسة التي سبق أن طرحها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وتبنّتها عمليًا حكومة بنيامين نتنياهو خلال العامين الماضيين.
ويوضح أن جوهر هذه السياسة يقوم على إنهاء حكم السلطة الفلسطينية أو تقليص دورها إلى حدود الإدارة الخدماتية المحدودة داخل المدن الفلسطينية، وهو ما يتقاطع مع رؤية بن غفير وسموتريتش اللذين يريان في السلطة "تعبيرًا عن الكيانية الفلسطينية" التي يجب تحجيمها.
ويؤكد المشني أن الهجمة الجديدة على الرئيس عباس والقيادة تأتي في هذا السياق، باعتبارها جزءًا من السعي لفرض وقائع سياسية جديدة على الأرض.
عمل دعائي انتخابي
ويشير المشني إلى أن تصريح بن غفير الأخير لا يعكس توجّهًا لخطوات سياسية فورية بقدر ما يشكّل عملًا دعائيًا انتخابيًا داخل الساحة الحزبية الإسرائيلية المتصارعة، حيث يسعى بن غفير لتعزيز حضوره لدى جمهور اليمين المتطرف، خاصة في ظل التنافس الحاد داخل هذا المعسكر.
ويؤكد المشني أن نتنياهو، رغم خضوعه المستمر لضغوط اليمين، تبقى أمامه معادلة أكثر تعقيدًا تتمثّل في الموقف الأميركي، الذي لا يبدو مستعدًا -حتى اللحظة- لإنهاء السلطة الفلسطينية أو السماح بخطوات من شأنها تفجير الساحة بشكل شامل.
ويحذّر من أن ضعف التفاف الشارع الفلسطيني حول السلطة يشكّل عاملًا خطيرًا تستند إليه إسرائيل في هجمتها السياسية والأمنية والاقتصادية عليها.
ويعتبر المشني أن هذا الضعف يمنح الاحتلال قدرة أكبر على ممارسة الابتزاز وفرض الاشتراطات.
ويرى أن إسرائيل لن تكتفي بالتهديدات، بل ستواصل خطوات عملية عبر إجراءات اقتصادية وسياسية تزيد الضغط على السلطة.
ويعتبر المشني أن البيانات الفلسطينية التي تحمل حكومة الاحتلال المسؤولية "لا تعني شيئًا" ما لم تُرفد بالتفاف شعبي واسع حول السلطة يجعل أي مساس بها أو بقيادتها سببًا لاحتمال انفجار شعبي، وهو العامل الوحيد الذي يمكن أن يغيّر الحسابات الإسرائيلية ويحدّ من استمرار الهجمة الحالية.
تصريحات تعكس طبيعة الحكومة العنصرية والفاشية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ومكوناتها لا تعترف بأي حقوق للشعب الفلسطيني، ولا تعترف بالسلطة الفلسطينية أو بالتزاماتها المحلية والدولية، بما في ذلك الاتفاقات الثنائية مع إسرائيل أو الاتفاقات الدولية التي تلتزم بها السلطة الفلسطينية.
ويشدد هواش على أن تصريحات بن غفير حول اعتقال الرئيس وتصفية القيادة تعكس طبيعة الحكومة العنصرية والفاشية القائمة، التي تتنكر للقانون الدولي والمبادئ السياسية العامة، وتستند في خطابها على أمور شعبوية تحاكي الجمهور اليميني الإسرائيلي، خصوصاً في سنة انتخابية يسعى فيها بن غفير لتعزيز مكانته لدى الناخبين اليمينيين المتطرفين.
ويوضح أن تصريحات بن غفير ليس لها أي معنى قانوني، وأنها مجرد أدوات سياسية تستهدف التأكيد على التوجهات الفاشية لبن غفير، والادعاء بأنه يمثل مصالح الشعب اليهودي والدولة الإسرائيلية، في وقت تتناقض فيه أفعال بقية الأحزاب الإسرائيلية مع ما تدعيه من احترام القانون والاتفاقات.
ويؤكد أن الخطاب اليميني الإسرائيلي المتطرف يمتد ليشمل أحزاباً خارج الحكومة أيضاً، التي لا تعترف بالحقوق الفلسطينية.
اتساع تأثير الفكر الكاهاني في السياسة الإسرائيلية
ويشير هواش إلى أن تصريحات بن غفير تعكس اتساع تأثير الفكر الكاهاني في السياسة الإسرائيلية، وهو تيار يرفض وجود السلطة الفلسطينية ويعتبرها تهديداً لمشروع الضم والاستيطان الإسرائيلي.
ويشدد هواش على أن الرئاسة الفلسطينية كانت محقة في تحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن تصريحات الوزير، وضرورة مطالبة الإدارة الأمريكية بالضغط على تل أبيب لوقف هذا النهج، مؤكداً أن هذه الإجراءات تدخل في إطار واجب السلطة الفلسطينية في فضح الخطاب العدواني الكاهاني، وتحذير المجتمع الدولي من خطورة استمرار هذه السياسات على أي مسار سياسي أو جهود احتواء الأوضاع في المنطقة.
ويوضح أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم هذا الخطاب لتحاكي توجهات اليمين الإسرائيلي في سياق الانتخابات المقبلة، وتعكس مخاوفها من أن يقتصر التوجه الدولي على الجانب الأمني، كما جاء في قرار مجلس الأمن الأخير، الذي يحدّد المطالب الإسرائيلية في قطاع غزة ضمن إطار الأمن فقط، وليس لإعادة الاحتلال أو التوسع الاستيطاني أو تهجير الفلسطينيين قسرياً.
ويشير هواش إلى أن تصريحات بن غفير تأتي أيضاً في وقت رفض المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية والإسلامية، الرهانات التوسعية للحكومة الإسرائيلية، مؤكداً أن قرارات مجلس الأمن والبيانات الدولية تؤكد أن المطالب الأمنية فقط هي الممكن التفاوض عليها، مثل نزع سلاح حركة حماس، وهو أمر يمكن ترتيبه وفق تجارب دولية سابقة، مثل أيرلندا ودول أخرى، وليس بأسلوب التهديد بالقوة الذي تعتمده إسرائيل.
ويوضح أن الخطاب العدائي لبن غفير يعكس يأس الحكومة الإسرائيلية من تحقيق طموحاتها الكاهانية التوسعية في المنطقة، ويهدف إلى إرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الحكومة الحالية غير ملتزمة بأي عملية سياسية، وأنها ستظل متمسكة بمواقفها المتطرفة ضد الحقوق الفلسطينية.
ويرى هواش أن هذا النهج يعكس فشلاً سياسياً إسرائيلياً واضحاً، ويؤكد التحديات الكبيرة أمام أي جهود سياسية أو دبلوماسية لحل الصراع، ويدعو المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بشكل خاص إلى تحمل مسؤولياتهم في حماية القيادة الفلسطينية ومؤسساتها، ومنع استهداف الرئيس عباس أو أيٍّ من قيادات السلطة، وذلك لتفادي تصعيد التوترات الأمنية والسياسية في المنطقة.





