عشية لقائهما الرابع في البيت الأبيض: ترمب يبدي تفاؤلاً، ونتنياهو يصعّد حربه على غزة

بينما يستعد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض للمرة الرابعة، تتخذ حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة منحًى أكثر دموية وتعقيدًا، ما يطرح تساؤلات جدّية حول جدوى الحديث عن تسوية سياسية في ظل التصعيد العسكري المتواصل.
ترامب… التفاؤل المعتاد في وجه المعادلات الصعبة
كالعادة، يختار دونالد ترمب لهجة متفائلة وهو يتحدث عن فرصة "لصناعة العظمة" في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى عمل مشترك مع الحكومة الإسرائيلية على خطة محتملة لوقف إطلاق النار في غزة. تصريحات ترامب، التي نُشرت على منصته "تروث سوشيال"، توحي بقرب انفراج دبلوماسي، رغم أن الوقائع على الأرض لا تعزز هذا التصور.
الخطة التي يُقال إن ترمب يروج لها تتضمن وقفًا فوريًا للعمليات العسكرية، إطلاق جميع الرهائن، نزع سلاح حماس، الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وانسحابًا تدريجيًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع. لكن هذه البنود لم تُطرح رسميًا بعد على الأطراف المعنية، فيما تُقابلها حماس بتحفظ وانتظار للضمانات.
نتنياهو… الحرب أولًا والدبلوماسية لاحقًا
في المقابل، يتبنى رئيس وزراء إسرائيل المطلوب أمام محكمة الجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو، نهجًا أكثر تشددًا، مؤكدًا في كلمته الأخيرة أمام الأمم المتحدة عزمه على "إنهاء المهمة" في غزة. الهجوم البري يتوسع، والغارات الجوية لا تهدأ، والمشهد الميداني ينذر بكارثة إنسانية، بينما تُطلق دعوات لإجلاء المدنيين دون توفير ممرات آمنة أو مقومات للحياة.
ومن الواضح أن نتنياهو يستثمر التصعيد العسكري كأداة تفاوض، وربما كورقة ضغط عشية اللقاء مع ترمب، الذي يأمل أن يسجل إنجازًا دبلوماسيًا في ملف معقد لطالما استعصى على رؤساء أميركيين سابقين.
يشار إلى أنه في تحول لافت، دعت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف الغارات الجوية والانسحاب مؤقتًا من منطقة بمدينة غزة، من أجل التمكّن من تحديد موقع اثنين من الرهائن الإسرائيليين الذين قالت الحركة إنها فقدت الاتصال بهما. ورغم أن إسرائيل لم ترد رسميًا على هذا النداء، إلا أن هذه الدعوة تفتح الباب أمام تساؤلات بشأن مدى استعداد الطرفين للدخول في مفاوضات حقيقية، أو ما إذا كانت هذه المناورات تهدف إلى كسب الوقت والضغط الإعلامي.
تناقض الأجندات: وساطة أميركية على وقع القنابل تأتي زيارة نتنياهو وسط تصعيد ميداني حاد، حيث تواصل القوات الإسرائيلية تقدمها داخل مدينة غزة، فيما تُسجّل أعداد متزايدة من القتلى والجرحى بين المدنيين. هذا الواقع الميداني يتنافى مع نغمة التفاؤل التي يحاول ترامب تسويقها، مما يجعل الوساطة الأميركية في نظر كثيرين محاولة علاقات عامة أكثر منها مسارًا تفاوضيًا جادًا.
ومع اقتراب أسطول مساعدات دولي من المياه الإقليمية الإسرائيلية، وتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف الحرب، يجد نتنياهو نفسه أمام تحدٍّ مضاعف: كيف يواصل عملياته العسكرية دون فقدان الغطاء الدولي؟ وكيف يلبّي مطالب حلفائه دون تقديم تنازلات جوهرية لحماس؟
عشية هذا اللقاء الرابع بين ترمب ونتنياهو، تبدو المسافة شاسعة بين ما يُقال في أروقة السياسة الأميركية، وما يجري فعليًا على الأرض في غزة. فبين التفاؤل الخطابي والواقع الدموي، يبقى السؤال المطروح: هل تكون هذه الزيارة بداية تحوّل حقيقي في مسار الحرب؟ أم مجرّد محطة جديدة في مشهد متكرر من الوعود غير المنفذة.