نكبة نهر البارد ليست من حروب القرن الماضي

عيسى دياب

سبتمبر 8, 2025 - 13:49
نكبة نهر البارد ليست من حروب القرن الماضي

نكبة نهر البارد ليست من حروب القرن الماضي

مخيم نهر البارد الواقع في شمال لبنان يحده من الغرب البحر المتوسط ومن شماله بلدة العبدة وببنين ومن شرقه بلدة المحمرة ومن جنوبه بلدة بحنين والمنية وكل هذه البلدات هي من الأشقاء اللبنانين أصحاب الأرض والجمهورية اللبنانية والمهم ذكره أن رابط المصاهرة بين الفلسطيني واللبناني كبير جداً إضافة إلى العلاقات التجارية والمصلحية والقومية.

الإرتباط الفلسطيني اللبناني لحظي حقيقي لا يمكن تجزأته، الرابط الأخوي والعائلي والتجاري يعلوه حاجة الضيف الفلسطيني لكرم مضيفه من ضمان حقوقه الإنسانية كالإستشفاء والعمل والتملك وكل ذلك مع إلتزام الشعب الفلسطيني بحدود الضيافة وإحترام المضيف وقوانينه.

مخيم نهر البارد هو ثاني أكبر المخيمات في لبنان وهو شعلة الثورة والطلقة الأولى، الثورة البريئة الملهمة، الطامحة والمؤمنة بأهمية الكفاح، الثورة التي وجهت البندقية في الإتجاه الصحيح لإستعادة الحقوق المسلوبة، لكن وبحكم قرب المخيم من الحدود السورية سيطر عليه النظام السوري السابق عبر دعم بعض الفصائل التي مثلت مشيئة ذلك النظام حتى إستحكم في الكثير من الجوانب وأخبت روح النضال والكفاح متسلطاً على مشيئة شعبنا السياسية ليستأثر بالقرار محاولاً إستغلال القضية في أي محادثات او عمليات سياسية داخلية "لبنان" أو إقليمية او دولية.

الصراع الإقليمي والدولي داخل مخيم نهر كان سبباً في شق الصف الفلسطيني وإنتشار السلاح الفوضوي وإستخدمه في الأزقة والشوارع ليكون مصدر إستقواء البعض على البعض وألة مؤقتة لبث الرعب والقلق الداخلي والخارجي...

بعد الإنتصار التاريخي للثورة الفلسطينية وتوقيع إتفاقية أوسلو التي يعتبرها البعض فضيحة وهزيمة أصبح السلاح الفلسطيني في المخيمات عبأ على أهل المخيمات إذ لم يعد هناك حاجة له إحتراماً لقولنا وإحتراماً للمضيف " الدولة اللبنانية" التي من أصل حقها فرض السيادة على كل أراضيها ونحن الشعب الفلسطيني علاوة على عاطفتنا تجاه الإخوة اللبنانيين يهمنا جداً جداً ان يكون لبنان الشقيق مترابطاً وأمناً ليكون قوة إلى قوتنا في المعارك السياسية الدولية.


في عام ٢٠٠٦ وخلال الحرب الإسرائيلية التي سميت بحرب تموز تم إدخال المئات من المقاتلين الإسلاميين إلى مخيم نهر البارد ليشكلوا مجموعة سميت بفتح الإسلام لتحرير القدس! ومن المهم جداً ذكره أن المظاهر المسلحة في تلك المرحلة لم تكن غريبة وذلك لوجود هذا السلاح في المخيم بين الفصائل والأفراد، هذه المجموعة التي يقال أنهم خُدِعوا وتم إستغلالهم أربكت المشهد الأخوي بين اللبناني والفلسطيني لفترة وجيزة وأدت إلى تدمير المخيم وإلى مقتل بعض أبناء المخيم إلى جانب مقتل أكثر من ١٥٠ جندي لبناني، والمحزن أن القتلى من ابناء المخيم والجيش اللبناني هم أباء وعائلات ومنهم من يتصل بالقرابة لأخر، فما هذا المشروع الشيطاني الذي من الممكن أن يتكرر في مخيمات أخرى.

تسليم سلاح المخيمات هو خطوة في الإتجاه الصحيح الذي لا بد من حصوله بعقلانية تضمن المحافظة على العلاقات الأخوية مع الشعب اللبناني الذي إنتخب رئيسه وحكومته على ثوابت من ضمنها حصر السلاح بيد الشرعية بعد أن تهالك الشارع اللبناني بحوادث التشبيح والسرقة والقتل على كل الأراضي اللبنانية بالإضافة إلى إلتزام الدولة اللبنانية بتطبيق قرار الأمم المتحد ١٧٠١.

ملاحظة " إن إتفاق تسليم السلاح الفلسطيني للدولة اللبنانية لا يشمل السلاح الفردي الذي تستخدمه القوى الأمنية في المخيمات لحفظ الأمن" 

اليوم إسرائيل في قمة القوة ويتوجب علينا أن نكون بقمة الحكمة والإيمان بأن الشعب الفلسطيني وسلامته هو الرأسمال الوحيد في وجه مشروع الإستعمار والتطهير، " كما لم يضحي الرسول بنفسه وألِهِ عندما حاصرتهم قريش في الشعب لثلاثة سنين ".

بالمقابل يتوجب على القيادة الفلسطينية البحث عن حلول مستدامة تحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني، فنحن عانينا ولا نزال من التهميش وهذا أكبر مخاوف الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان، ومن المهم ذكره ان الإعتراض على تسليم السلاح هو نتاج مشاعر متخبطة بينما في لحظات الصفاء تجد أن غالبية الفلسطينين في المخيمات مع ضبط السلاح الذي يؤثر على حياة الأفراد اليومية.

لا يحتاج الإنسان إحداث أزمة تكرر المشاهد المؤلمة لإنعاش الذاكرة، نكبة نهر البارد لا تزال شواهدها حضارة كعدم إستكمال إعماره ووجد مئات العائلات النازحة داخل وخارج المخيم إضافة إلى الضغط الإقتصادي الهائل، لذلك يأتي مشروع ضبط السلاح حاجة ملحة لضمان سلامة وأمن المخيمات الفلسطينية إلى حين الوصول إلى حل مستدام يضمن الأمن والأمان للشعب الفلسطيني.
دياب عيسى