أكترث لكل شيء
أكرم البرغوثي
ا أكترثُ لذاكرةٍ تخطو عرجاءَ
كلما أيقنتُ حقيقةً أخرى
لا أكترثُ للعصافيرِ
حين تُزْهَقُ أرواحَها
فلا تعرجُ للسماءِ
لأن السحابَ النوويَّ أغلق المنافذَ
وعَزلَ الأفقَ بأَلَقِ النرجسِ
ريثما تُبنى من الرماد قصوراً
ويزداد جوعاً طفل الجوع
في الكونِ الحزينْ
لا أكترثُ لمعادلاتِ توازنِ الكونِ الجديدْ
النخبُ الماليةُ لم تعدْ بحاجةٍ للحربِ
لينحازَ لها التفوقُ
والميناءُ والأرصفهْ ...
الضحيةُ تأكلُ ذاتَها وتجترُّ ملحَ البحرِ
وردودَ فعلٍ عائمهْ
وتمتثلُ للسرابِ ؛
لأن الخوفَ طفلٌ لخطيئةِ الرؤى
ومناهجِ التعليمْ...
وفي التقسيم الحديثِ للجغرافيا ومناطقِ النفوذِ
يُتاحُ استثمارُ جلدِ الأنوثةِ لترويجِ السلعِ الدنيئهْ .
كلُ شيءٍ يُقْبَلُ دونَ تفكيرٍ
أو تقييمْ!!
عالمُ الغدِ حسبَ محطاتِ الرصدِ الرسميهْ
سيكون أجملْ !
الخيلُ - سَلَفاً - ستدفعُ فاتورةِ الهواءِ الملوثِ
أو لا تبقى...
ليلٌ جارحٌ للصمتِ
موتٌ دونَ مراسمِ دفنٍ
والطيورُ من النفاياتِ المعادُ تصنيعُها
فراشاتُ من الحديدِ المستهلكْ
سماءٌ كالدفيئاتِ مضاءةٌ
خنجرٌ يشقُّ بِضَجَرٍ صدرَ المتمردِ
ورمادٌ لا تنهضُ مِنْهُ العنقاءْ ...
جمالٌ في الذوقِ المصنَّعِ .
ستعدمُ المسيراتُ شبابةَ الراعي
حيثُ لا جبلَ للرعيِّ
صحراءُ كاملةُ الأدواتِ
وإدارةٌ تختزلُ الليلَ
ويطولُ حرُّ الشمسِ أثناءَ النهارْ .
لا أكترثْ
لبلادٍ تصيرُ وظيفةُ العشاقِ فيها
تأبينَ الموتى
وصياغةَ المراثي لأرصفةِ الانتظارْ .
لا أكترثْ
لخطابِ الزعماءِ ،
حينَ ينزفُ صفيحُ المخيمِ دماً .
وحينَ تصيرُ المنازلُ أبواباً للرعبِ المفتوحِ على إعصارْ.
وحينَ الأملُ
يصيرُ طائرَ فينيقٍ يقبعُ في الأساطيرْ
لا أكترثْ.
لا أكترثُ لما يُمْلِيهِ حبرُ القويِّ على ورقي؛
فورقُ التينِ ذاكرتي
وورقي للنارِ وللريحْ.
تهبُّ رويداً
تخبو رويداً.
تخبو ريثما أغازلُ امرأتي؛
لتنجبَ قتيلاً آخرَ فوقَ صدرِ الترابْ.
ووساماً للذين لم يموتوا
وقرباناً معداً للبحرِ
أشكِّلُ موجَهُ وأهزمُهُ،
عندَ جداري أكسرهْ.
وأركلُ فيهِ وجهَ الريحِ علَّها تعدو؛ فأبقى
أبقى هنا وأشكِّلُ في بريتي ظبيةً ترنُ إلى الجبلْ .
ألا أركضي؛
فالذئبُ يرصدُ صوتَ النايِ الحزينْ...
لا أكترثُ لاستعراضٍ عسكريٍّ
يُطَمْئِنُ:
إنَّ البلادَ ما زالت بخيرٍ
لا أكترثُ لإغواءِ اللواتي ابتسمنَ بعفويةِ الطبيعة.
وللأخرياتِ اللواتي بكينَ على شواهدِ القبورِ؛
علَّ الموتى يعودون
أو علَّه بكاءٌ لتفريجِ همْ...
لا أكترثُ لجدرانِ صارت لوحاً للمجانينِ
وجداريةً للشهداء المقبلينْ .
عفواً
أو ببساطة
ليصعدِ المتسلقونَ درجةً أخرى في السلمِ
لمنصّةِ الخطاباتِ الأنيقهْ .
لا أكترثْ
لمزاميرِ القبائلِ
وطبولِ الكشافةِ حينَ تقرعْ .
وتعلِّقُ الوطنَ القديمَ على ساريةٍ للريحِ
دونَ علمْ.
أيها الفراغُ ، كيفَ تكسرُني؟!
ولستُ هشاً مثلَ وجهِ الماءِ تكوَّنَ صقيعاً
وليس بيديكَ الريحُ مطرقةً
أيها الفراغْ:
هذي البلادُ ما شئتُ أنا ولم تشأْ أنتْ.
أيها الفراغْ:
لم تكنْ.
وأنا أنحاز لثوبٍ حاكتُه الجدةُ
على ضوءٍ يُبْعَثُ من سراجِ الزيتِ في البيتِ القديمْ.
أنحازُ لصوتِها، يعلنُ بدءَ نهارٍ جديدْ.
وتَعْبِقُ في الجوِّ رائحةُ الخبزِ والطابونْ .
أنحازُ لِما تنحازُ يداها
لميريميةِ الجبلِ
ونعناعِ العينِ
ورصيفِ الذكرياتِ البسيطْ.
أيها الفراغُ المعتقُ
يملؤك الموتُ
وتفيض بيّ الحياهْ.
لا أكترثُ لعشقٍ ملءِ القلبِ
ملءِ فراغِ الروحِ
ملءِ فراسةِ خيلٍ عطشى في الصحراءْ.
ملءِ فراغٍ موغلٍ بالفراغْ...
لا أكترثْ
لا أكترثْ
لا أكترثُ حتى لا أخدعَ في الحبِّ مرتينِ
وأقبضَ بالقلبِ على الجمرِ مرتينْ ...
4-3-2012
أكرم البرغوثي





