الضم الزاحف: تهجير وتفكيك الضفة الغربية تحت غطاء الحرب

الضم الزاحف: تهجير وتفكيك الضفة الغربية تحت غطاء الحرب
خاص براديو وتلفزيون كل الناس شبكة معًا الإذاعية وفضائية معًا- رهف جيتاوي
بينما تتجه أنظار العالم نحو الحرب المستمرة على قطاع غزة، تسير إسرائيل بخطى حثيثة نحو تنفيذ خطة ضم تدريجية في الضفة الغربية، عبر تكثيف الاستيطان هدم التجمعات البدوية، وفرض قوانين إسرائيلية على الأرض, وفي لقاء خاص عبر راديو وتلفزيون كل الناس وشبكة معاً الإذاعية وفضائية معاً تحدث جمال جمعة منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، عن تفاصيل هذه الخطة وخطورتها، وما يُنفذ على الأرض منذ إعلان "خارطة الضم" في 2020 وحتى اليوم.
خارطة الضم: إعلان قديم بتنفيذ متسارع
أشار جمال جمعة إلى أن أول إعلان واضح لخطة الضم جاء عام 2020، عندما طرحت حكومة الاحتلال خارطة إسرائيلية-أمريكية تقترح ضم حوالي 33% من الضفة الغربية ومنذ ذلك الحين، تعمل إسرائيل على تطبيق الخطة بشكل فعلي، من خلال نشر بؤر استيطانية، وهدم وتهجير التجمعات الفلسطينية، وفرض السيطرة المدنية والعسكرية الكاملة.
في مايو 2025، صادقت إسرائيل على بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة، ضمن أكبر موجة توسع استيطاني منذ عقود، ما يُعد خطوة نحو شرعنة كل البؤر العشوائية السابقة.
التهجير القسري للتجمعات البدوية
أكد جمعة أن ما يجري حاليًا في مناطق الأغوار ومسافر يطا يُعد حملة تطهير عرقي منظمة إذ تم تهجير أكثر من 72 تجمعًا بدويًا منذ بداية الحرب على غزة, مما مكّن إسرائيل من السيطرة على نحو 1000 كم² من أراضي الضفة.
آخر هذه الاعتداءات شملت تجمعات شمال المالح وحي الخلائل، حيث هاجمت ميليشيات المستوطنين المواقع البدوية بمساندة الجيش، لإجبار السكان على الرحيل تحت التهديد والسلاح.
البؤر الرعوية: أداة جديدة للتهجير
أوضح جمعة أن إسرائيل تستخدم شكلًا جديدًا من الاستيطان عبر ما يُسمى "البؤر الرعوية"، وهي مواقع استيطانية زراعية أقيمت في السنوات الأخيرة، زاد عددها عن 130 بؤرة، وتُستخدم لمحاصرة التجمعات الفلسطينية ومنع وصولهم إلى الأراضي الزراعية والمياه.
تهدف هذه البؤر إلى السيطرة على المراعي ومنع التوسع الفلسطيني، وجعل الحياة في تلك المناطق مستحيلة.
سيطرة إسرائيلية على الإدارة المدنية
في خطوة أخرى نحو الضم الكامل، أوضح جمعة أن إدارة المستوطنات لم تعد تحت إشراف الإدارة المدنية التابعة للجيش فقط، بل أصبحت تُدار بشكل مباشر من قبل وزارة المالية الإسرائيلية التي يسيطر عليها وزراء من اليمين المتطرف.
من أبرز مظاهر هذا التحوّل، سحب صلاحيات المجالس المحلية الفلسطينية في مناطق "ب" ومصادرة 34.000 دونم منها, إضافة إلى منع الفلسطينيين من البناء أو التوسع في أراضيهم.
تقييد الزراعة وحصار الزيتون
لفت جمعة إلى أن أكثر من نصف المزارعين الفلسطينيين لم يتمكنوا من الوصول إلى أراضيهم خلال موسم قطف الزيتون في المناطق المصنفة "ج"، بسبب الحواجز وانتشار البؤر الاستيطانية، إضافة إلى التهديد المباشر من المستوطنين.
النتيجة: تراجع الإنتاج الزراعي بشكل غير مسبوق، واحتمالية استيراد زيت الزيتون في السنوات المقبلة.
فرض القوانين الإسرائيلية على الضفة
خلال اللقاء أكد جمعة أن إسرائيل بدأت بشكل عملي بفرض قوانينها داخل مناطق الضفة، حتى في "مناطق ألف"، وذلك عبر توسيع نشاط الجيش والمستوطنين، ومصادرة الأراضي، وشرعنة البؤر الاستيطانية.
آخر التطورات تمثلت في قرار من الكنيست الإسرائيلي يمهّد لفرض السيادة الكاملة على الضفة، ما يعني انتهاء مرحلة الحكم الذاتي الفلسطيني حتى على المستوى الإداري.
مجزرة متوقعة وصمت عربي
حذّر جمعة من احتمالية ارتكاب مجازر جديدة في القرى الفلسطينية، خاصة مع غياب الضغط الدولي وتراجع الموقف العربي الذي لم يتجاوز حدود الإدانات. وأشار إلى أن ما يجري اليوم في الضفة يشبه ما حدث عام 1948، ولكن بأدوات حديثة.
في ظل انشغال العالم بحرب غزة، تتحرك إسرائيل لتصفية الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية عبر ضم فعلي وتهجير ممنهج، دون إعلان رسمي.
وبحسب منسق الحملة جمال جمعة، فإن ما يُنفذ على الأرض اليوم هو تجريد فعلي للفلسطينيين من أرضهم وحقوقهم، وسط غياب قيادة موحدة، وتجاهل دولي، وموقف عربي عاجز.